لقاءات وتحركات سرية في القاهرة لتجهيز قمة بن سلمان ونتنياهو وترامب
التغيير
بعد أن طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته السياسية المثيرة للجدل التي باتت تُعرف باسم "صفقة القرن"، بدأت تنشط في عواصم عربية تحركات واتصالات للتجهيز لمرحلة ما بعد طرح الصفقة التي تفتح باب التطبيع على مصراعيه، وتهمش جوهر القضية الفلسطينية وتُنهي الصراع مع "إسرائيل".
أولى اللقاءات التي تجري بسرية تامة ويشرف عليها وفد أمريكي خاص، انطلقت قبل الأيام في العاصمة المصرية القاهرة، بين وفود أمريكية وعربية وإسرائيلية، لفتح باب جديد من العلاقات مع دولة الاحتلال، تنفيذاً لما نصت عليه خطة ترامب.
مصادر مصرية رفيعة المستوى في وزارة الخارجية كشفت، أن القاهرة اختيرت كأول عاصمة عربية تستضيف لقاءات بين مسؤولين أمريكيين وعرب وإسرائيليين، لمناقشة ما بعد طرح الصفقة الأمريكية، والبحث عن حلول لما أسمته "بمأزق عملية السلام في المنطقة".
وبحسب المصادر فإن العاصمة المصرية استقبلت في الأيام الأخيرة عدة وفود من دول عربية وأجنبية وحتى إسرائيلية للتباحث في آليات تنفيذ الخطة الأمريكية، رغم رفض الطرف الفلسطيني القاطع لها، ودعوته المتكررة لموقف عربي موحد للتصدي لها.
قمة نتنياهو وبن سلمان تقترب
وزادت المصادر في تصريحات إعلامية "إعلامياً هناك موقف عربي ضد الصفقة، لكن ما يجري في اللقاءات المغلقة عكس ذلك، فمصر وآل سعود والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان، جميعهم يدعمون الصفقة وأعطوا ترامب الضوء الأخضر للتنفيذ".
المصادر المصرية كشفت أيضاً أن اللقاءات التي تجري في القاهرة بعيداً عن وسائل الإعلام وتُحاط بسرية، لا تبحث فقط في آليات التنفيذ والبحث عن "طرق مُجملة" لتمرير الصفقة، بل تُجهز "مفاجئات من العيار الثقيل ستُغير مصير المنطقة بأكملها، وتعلن فعلياً إنهاء مبادرة السلام العربية التي وضعت خطوطاً حمراً للتعامل مع إسرائيل".
وذكرت أن دولاً عربية، من بينها مملكة آل سعود والإمارات، أعطت الضوء الأخضر لإجراء لقاءات علنية مع مسؤولين إسرائيليين في عواصمهم أو أي عواصم أوروبية أخرى، لافتةً إلى وجود حديث قوي يدور عن تجهيزات لقمة كبيرة ستجمع ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورؤساء دول أخرى، على رأسهم الرئيس ترامب.
وبحسب التسريبات فإن التجهيزات لمثل هذه القمة التي ستعقد في القاهرة تجري على قدم وساق، متوقعة أن يشهد شهر مارس المقبل نقلة نوعية في تاريخ علاقات الدول العربية مع دولة الاحتلال وعلى رأسها مملكة آل سعود، التي أزالت كل المحظورات في سبيل هذه العلاقة.
وذكرت لـ"الخليح أونلاين" أن الرياض رفعت الفيتو عن ملف العلاقات مع دولة الاحتلال، وأعطت ضوءاً أخضر لتنشيط قنوات اتصال مع الإسرائيليين في مختلف المجالات، مشيرةً إلى أن الجانب الفلسطيني، على رأسه الرئيس محمود عباس، علم بتوجه الرياض الجديد لكنه لا يملك أوراق ضغط، في ظل السعي العربي للبحث عن خليفته في الرئاسة.
هذه التحركات تأتي عقب أيام من إعلان ترامب، في 28 يناير الماضي، الخطوط العريضة للصفقة المزعومة، بحضور نتنياهو، التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السيادة والسلاح في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، بلا مطار ولا ميناء بحري، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لـ"إسرائيل".
ويشار إلى أن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، قال خلال زيارته لرومانيا (15 فبراير): إن "هناك عناصر إيجابية في خطة السلام الأمريكية (صفقة القرن) ويمكن أن تكون أساساً للتفاوض"، وهو ما استنكرته فصائل فلسطينية.
حماس تعقب
القيادي في حركة "حماس" والنائب في المجلس التشريعي، يحيى موسى، عقب على اللقاءات السرية في القاهرة، والقمة المتوقعة بين نتنياهو وبن سلمان الأيام المقبلة، مؤكداً أن آل سعود والإمارات انقلبتا على مبادرة السلام العربية، وحولتا "إسرائيل" من عدو إلى حليف.
وأضاف موسى: "الحديث عن لقاءات سرية وتجهيزات لقمم تجمع المسؤولين العرب بآخرين إسرائيليين، ما هو إلا تنفيذ لصفقة القرن الأمريكية، وطعنة في ظهر القضية الفلسطينية التي لطالما كانت تقاتل للدفاع عن الأمتين العربية والإسلامية".
وأضاف: "النظام العربي يعيش حالة انهيار ولهث خلف دولة الاحتلال، بعد أن كانت الأخيرة هي التي تلهث خلفهم"، مشيراً إلى أن أي لقاءات مسؤولين عرب مع آخرين إسرائيليين تجاوز خطير للموقف العربي الرافض لصفقة القرن، ويكشف الوجه الحقيقي للدول التي زعمت رفضها للخطة الأمريكية".
ولفت القيادي في حركة "حماس" إلى أن هذه اللقاءات والتحركات التي تجري بإشراف دول عربية هي تنفيذ فعلي لبنود صفقة ترامب وفتح أبواب التطبيع، وهذه الدول، وعلى رأسها مملكة آل سعود، "باتت شريكاً واضحاً للجميع في تصفية القضية الفلسطينية، ومساعدة نتنياهو في النجاح بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة".
مصلحة بن سلمان مع نتنياهو
بدوره أكد الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو وجود مساعٍ رسمية من قبل عدة أطراف لعقد لقاء يجمع نتنياهو ببن سلمان في مصر خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن هذه المساعي وصلت لمرحلة متقدمة وقد يعقد اللقاء بأي لحظة.
وفي تصريحات صحفية أوضح أن بن سلمان "أحدث انقلاباً في منظومة علاقات آل سعود ونظرتها للقضية الفلسطينية، بعد وصوله إلى كرسي ولاية العهد، وجعل "إسرائيل" هي هدفه الأول في التطبيع والعلاقات الرسمية تحت ذريعة مواجهة إيران".
وذكر المحلل السياسي أن القاهرة هي وسيط في التجهيز للقمة المرتقبة بين نتنياهو وبن سلمان، لافتاً إلى أن الأخير، ومعه حاكم الإمارات الفعلي محمد بن زايد، يسعون بكل قوة لإبقاء نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية ودعمه في الانتخابات من خلال اللقاءات والاتصالات التي تجري معه، كما فعل الرئيس ترامب في السابق.
ولفت عبدو إلى أن مملكة آل سعود بقيادة بن سلمان تعتبر القضية الفلسطينية هامشية وليست أولوية، وهدفها الآن نسج علاقات قوية مع "إسرائيل" باعتبارها "الحليف القوي في المنطقة".
وشهدت السنوات الأخيرة تقارباً كبيراً بين آل سعود و"إسرائيل"، وزادت العلاقات بشكل أكبر خلال الشهور التي خلت، وفي 26 يناير 2020، وقَّع وزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي، أرييه درعي، على قرار يسمح للإسرائيليين بزيارة مملكة آل سعود، حيث يمكّن القرار الإسرائيليين من السفر إلى مملكة آل سعود لتأدية الشعائر الدينية في أثناء الحج والعمرة، أو في إطار رحلة عمل لا تتجاوز 9 أيام.
كما حملت الزيارة غير المسبوقة إلى معسكر الإبادة النازي السابق "أوشفيتز بيركينو" في بولندا، من قبل وفد يضم عدداً من مشايخ مسلمين، ترأسهم وزير العدل السعودي السابق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الجديد، محمد بن عبد الكريم العيسى، المقرب من ولي عهد آل سعود (23 يناير 2020)، إشارة أخرى للتطبيع السعودي مع "إسرائيل"، وسط إشادة من قبل "تل أبيب" بذلك.
ويتعهد نتنياهو بين الحين والآخر بـ"توقيع اتفاقات سلام تاريخية مع مزيد من الدول العربية، وتشكيل تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة".
ارسال التعليق