ما الذي يغيره التقارب بين إيران والسعودية
قالت “لوفيغارو” الفرنسية، في مقال للصحافي بالصحيفة جورج مالبرينو، إن الاختراق الدبلوماسي الذي حققته الصين من خلال رعايتها للمصالحة بين السعودية وإيران يعمق تهميش الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
ورأت “لوفيغارو” أن بكين بنجاحها في التوسط بين الرياض وطهران، أصبحت صانع صفقات دولية، لأن هذه الصفقة لم يتمكن الأمريكيون من تحقيقها. ولكن أبعد من ذلك، يؤكد رجل أعمال في الخليج، أن الصينيين يؤمنون إمدادات الطاقة من إيران، التي تزودهم بـ85 في المئة من نفطها، ولكن أيضًا من السعودية، التي تعد الصين أكبر زبون لنفطها.
وبفضل المصالحة السعودية-الإيرانية “يمكن لبكين أن تقدم نفسها كقوة من أجل السلام في وقت تهدد فيه إسرائيل إيران بضرب منشآتها النووية”، تنقل “لوفيغارو” عن دينيس بوشار، الدبلوماسي السابق والخبير في شؤون منطقة الشرق الأوسط. حتى الآن، وبفضل وجودها الاقتصادي المطلق، اقتصرت الصين طموحاتها على “سياسة التأثير” في الشرق الأوسط.
“لوفيغارو” رأت أيضا أنه من المفترض أن تستفيد سوريا من ذوبان الجليد، فالرياض ودمشق ، بدعم من موسكو أيضًا ، تتفاوضان بدورهما على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما ، التي قطعت في عام 2012 ، بعد القمع الذي قاده بشار الأسد ضد معارضيه . في حين، سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت المصالحة السعودية-الإيرانية ستسرع من إنهاء الجمود السياسي في لبنان الذي ما يزال بدون رئيس للجمهورية، وتقلل حقاً من عدوانية المليشيات العراقية تجاه جارتهم السعودية.
ومضت “لوفيغارو” قائلة إن التطبيع السعودي-الإيراني يشكل ضربة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كانت بلاده تراهن على تمديد اتفاقيات التطبيع إلى دول عربية أخرى غير تلك الموقعة على اتفاقات أبراهام.
تقول الباحثة مها يحيى من مركز كارنيغي للشرق الأوسط: “هذه المصالحة السعودية-الإيرانية تدمر الطموح الإسرائيلي لإقامة تحالف إقليمي ضد إيران”. و يضيف باحث، طلب عدم ذكر اسمه، أن اللافت للنظر أن مسؤولي المخابرات الإيرانية والسعودية التقوا لمدة خمسة أيام في بكين دون أن تدرك الأجهزة الإسرائيلية ذلك.
واعتبرت “لوفيغارو” أن أولوية السعودية هي الاستقرار في المنطقة ونجاح الخطة الإصلاحية الطموحة لعام 2030. فهي لا تدير ظهرها للولايات المتحدة، لكنها تتحرر من التحالفات القديمة. وكتب الباحثان في الشؤون الخارجية فالي نصر وماريا فانتابي: “المعاهدة مع الولايات المتحدة التي تؤمن المملكة ضد النفط السعودي قد ماتت”.
فالسعودية، تتابع الصحيفة الفرنسية، تتقدم في سعيها للحصول على الحكم الذاتي الاستراتيجي، إذ قررت في هذا الإطار، في مارس/آذار الماضي، الانضمام “كدولة شريكة في الحوار” لمنظمة شنغهاي للتعاون، برئاسة بكين وموسكو.
في الواقع، منذ تحذير دونالد ترامب في مايو 2017 في الرياض من أن الدول الصديقة لأمريكا يجب أن تعتمد على قواتها للدفاع عن نفسها، نوعت السعودية محاوريها وحلفائها، لصالح روسيا والصين، يقول دينيس بوشار. وتوضح “فورين أفيرز” أن الرياض تريد علاقات وثيقة ولكن مستقلة مع واشنطن وبكين وموسكو. كما أنها تنوي الآن لعب دور توازن مركزي بين مصر وإيران وتركيا. هذه الأخيرة تصالحت معها كذلك قبل إيران.
واعتبرت “لوفيغارو” أن رغم تسوية جميع الخلافات، فإن التحولات الدبلوماسية الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط.
فحتى لو كانت تكتيكية، فإنها يمكن أن تولد واقعًا جيوسياسيًا جديدًا في المنطقة يكون فيه الانقسام أقل من السابق.
ارسال التعليق