ما هي دلالات اختيار السعودية مدينة العلا لاستضافة القمة الخليجية؟
التغيير
لم يكن تغيير مكان القمة الخليجية من البحرين إلى المملكة هو الحدث الاستثنائي لاجتماع قادة الخليج السنوي، بل كان اختيار المدينة التي ستقام عليها كذلك حدثاً استثنائياً، حيث اختارت الدولة المستضيفة مدينة العلا شمال المملكة بدلاً من العاصمة الرياض.
وعرف عن دول الخليج أنها تختار عواصمها مكاناً لانعقاد قمم مجلس التعاون، وذلك لرمزية العاصمة لدى الدول، إضافة إلى كونها أكبر المدن، وبها جميع المقرات السيادية والسفارات.
المملكة هذه المرة، التي استضافت (الثلاثاء 5 يناير) القمة الخليجية العاشرة في تاريخها على أراضيها، اختارت مدينة العلا الواقعة شمال غربي المملكة، لتكون مكان عقد القمة واجتماع القادة الخليجيين.
وعقدت القمة الخليجية الأولى في العاصمة الإماراتية أبوظبي عام 1981، وشهدت التوقيع على النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي، وأرست قواعد التكامل والترابط بين الدول الأعضاء.
تفاؤل بالمصالحة
الملك سلمان بن عبد العزيز، رحب بقادة دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، في محافظة العلا، والتي شهدت التوقيع على اتفاق العلا الذي يشمل إنهاء الأزمة مع قطر وفتح حدود المملكة معها.
وترقب الخليجيون والعالم القمة الخليجية، خاصة مع حالة التفاؤل التي سادت دول مجلس التعاون لإنهاء الخلاف الخليجي وتحقيق الوحدة، وتتويج الجهود التي تقودها الكويت للمصالحة.
وبدأت الأزمة الخليجية في يونيو 2017، عندما قطعت المملكة والإمارات والبحرين ومعهم مصر، العلاقات مع قطر؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الأخيرة واعتبرته محاولة للسيطرة على قرارها الوطني، قبل أن تنتهي أبرز فصول الأزمة في قمة العلا (5 يناير 2021).
مدينة العلا
تعد مدينة العلا التي استضافت القمة من المدن التاريخية، وتقع في غرب الجزيرة العربية، حيث تتبع من ناحية إدارية للمدينة المنورة وتبعد عنها ما يقارب 300 كيلومتر شمالاً.
وفي مدينة العلا العديد من الآثار الإسلامية التي تعود إلى السنة السابعة للهجرة وأهمها: محطة سكة حديد الحجاز، وهي مجموعة من المحطات الواقعة على خط سكة حديد الحجاز التي تربطها ببلاد الشام مروراً بمدينة تبوك.
وتشتهر المدينة التاريخية بعدة أماكن متميزة يحرص السياح على زيارتها، ويقصدها سنوياً ما لا يقل عن 30 ألف سائح من داخل وخارج المملكة، وفقاً لإحصاءات الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة.
وسجلت اليونسكو موقع الحجر الأثري في محافظة العلا ضمن قائمة التراث العالمي في شهر يونيو عام 2008، لتصبح بذلك أول موقع أثري في المملكة يسجل ضمن قائمة التراث العالمي.
الاستثمار في السياحة
المحلل السياسي ، مبارك آل عاتي، أكد أن اختيار المملكة مدينة العلا لتكون مقراً لاستضافة القمة الـ41، يعود للتوجه القائم على الاستثمار في السياحة خصوصاً أن المدينة تتمتع بتاريخ من الحضارات المتعاقبة الشاهدة على أن الجزيرة العربية كانت موئلاً للبشرية ولحضاراتها المتعاقبة.
وتحتوي المدينة، كما يؤكد آل عاتي في حديثه لـ"التغيير"، على مواقع أثرية منها موقع الحجر الأثري الذي يعد أول موقع أثري من المملكة يسجل ضمن قائمة التراث العالمي.
وتريد المملكة، وفق آل عاتي، من اختيار العلا مكاناً لانعقاد القمة لفت الأنظار لما تمتلكه من إرث ضارب في تاريخ البشرية يستحق أن يكون مقوماً سياحياً رافداً جديداً للاقتصاد.
وسكن العلا، حسب المحلل السياسي ، الأنباط قوم النبي صالح، وأسسوا حضارتهم فيها، واكتشف المؤرخون بقايا آثار تعود لعصر اللحيانيين الذين استوطنوها قبل الميلاد بـ900 عام.
ويكمل قوله لـ"التغيير": "لقد أصبحت مدينة العلا التاريخية بالمملكة إحدى الوجهات السياحية الجديدة التي سلطت عليها الأضواء خلال السنوات الأخيرة لما تحويه المدينة من إرث تاريخي عظيم، وطبيعة جبلية ساحرة، وطقس مثالي، خاصة في فصل الشتاء، وهو ما جعل المدينة منطقة لحضارات عدة عبر التاريخ".
وحول المصالحة الخليجية، أكد المحلل السياسي أن التفاؤل عنوان تزايدت وتيرته في منطقة الخليج مع انعقاد القمة الخليجية الـ41 في محافظة العلا.
وتعد القمة الخليجية القادمة في مدينة العلا، وفق حديث آل عاتي، "واحدة من أهم القمم المفصلية في تاريخ القمم الخليجية، وذلك يرجع إلى أن هذه القمة تطلق مسار المصالحة الخليجية وإنهاء الأزمة القائمة حالياً".
أسباب اقتصادية
الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور شاهر النهاري، أكد أن اختيار المملكة لمدينة العلا لتكون مكاناً لاستضافة القمة الخليجية يعود إلى ما تمثله المدينة من كونها جزءاً من الرؤية 2030.
ويعود اختيار المدينة أيضاً بدل الرياض، وفق حديث النهاري لـ" التغيير"، إلى أهمية المدينة التاريخية، وأجوائها الرائعة في مثل هذا التوقيت، ووجود الأجواء البدوية من بيوت شعر، وأماكن للتخييم.
ويرى النهاري أن "المملكة وفقت في أن تكون القمة بمدينة العلا، للاجتماع السياسي، والاطلاع على الطبيعة الخلابة، وجعل دول الخليج تساهم في النظرة الاقتصادية في المملكة".
ويقول المحلل السياسي عن المصالحة الخليجية: إن "ما تحتاج إليه دول الخليج إصلاح ذات البين، خاصة أن تلك الدول لديها السماح والكرم".
ارسال التعليق