مخاطر السياسات السعودية
كتب الباحث ميشيل هورتون مقالة نشرت على موقع "ذي أميريكان كونزيرفاتف"، شدد فيها على أن السعودية قامت، اكثر من أي بلد آخر، بنشر ما أسماه "الإسلام الراديكالي"، مؤكدا أن "نشر هذا الفكر هو الاسلوب الاساس الذي تعتمده السعودية لكسب النفوذ في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي"، مشيرا الى تواطؤ الولايات المتحدة في هذه الخطة الاستراتيجية.
الكاتب تحدث عن قيام السعودية بتغيير الثقافات، لافتاً الى أن تدفق رجال الدين السعوديين ودخول المعتقدات الدينية السعودية إلى دول مثل اليمن والصومال ومصر وسوريا والعراق ألغت التنوع الديني فيها، موضحا أن "نموذج الاسلام الوهابي الذي تقوم بنشره الرياض، لا يختلف كثيرا عن معتقدات "داعش" و"القاعدة"". غير أنه نبه في الوقت نفسه إلى أن مثل هذه المعتقدات لا تساعد السعودية في ظل ما تعانيه من ارتفاع في مستوى الفقر والبطالة، والانقسام الطائفي.
وفي حين رأى الكاتب أن "مشاكل الرياض الداخلية، وتخوفها من تنامي النفوذ الإيراني أديا بها إلى تبني سياسة خارجية أكثر عدائية"، لفت إلى أن "استراتيجيتها تتجلى بوضوح في كل انحاء العالم الاسلامي، لكنها تتجلى بصورة خاصة في الشرق الاوسط والقرن الافريقي".
واعتبر هورتون أن التغييرات في هذه الاماكن الناتجة عن المؤسسات الدينية السعودية مثيرة للقلق، مشيرا الى اختفاء المعابد الصوفية في دول مثل الصومال واليمن، وإلى قيام متطرفين بتدمير هذه المعابد.
ونبه الكاتب كذلك الى ان "الحكومة الاميركية تجاهلت عموما دور السعودية في نشر الفكر المتطرف، وذلك على الرغم من ان خمسة عشر شخصا من أصل التسعة عشر الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من ايلول كانوا سعوديين"، بحسب الكاتب.
كذلك عاد هورتون وشدد على أن الفكر الوهابي هو تقريبا فكر "داعش"، وقال أن "الولايات المتحدة لم تتجاهل دور السعودية في دعم التطرف في العالم الاسلامي فحسب، بل أصبحت تساعد الرياض في مغامراتها في دول مثل اليمن وسوريا".
وحول اليمن، أكد الكاتب أن الرياض شنت حربا دمرت بلدا بأكمله، وأسفرت عن نشوء أسوأ الكوارث
الإنسانية، كما قال ان المستفيد الاساس من الحرب السعودية على اليمن هو تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، منبها الى ان الطائرات السعودية نادرا ما تقوم باستهداف معاقل القاعدة في اليمن، فيما تقوم في الوقت نفسه بقصف المستشفيات والمزارع ومخيمات اللاجئين.
وأضاف هورتون "احتل تنظيم "القاعدة" مدينة المكلا لمدة عام دون ان يتخوف من الاستهداف من قبل القوات السعودية، فالقاعدة والسعودية تحاربان العدو نفسه والمتمثل بجماعة انصار الله".
واعتبر الكاتب أيضا أن "الحرب على اليمن اظهرت حدود السياسة الخارجية السعودية، واظهرت ضعف القوات المسلحة السعودية"، التي قال انها دائما ما تفشل في المعارك الحدودية مع المقاومة اليمنية. كما شدد على ان "الحرب في اليمن يجب ان تدق جرس الانذار لدى صناع السياسة الاميركية حيال مخاطر السماح للسعودية بأن تستمر بالانتقال من نشر قوة ناعمة إلى قوة صلبة"، معتبرا أن "عملية الانتقال هذه ادت الى تقوية تنظيم "القاعدة" وغيرها من المنظمات الارهابية".
وفي المحصلة، خلص الكاتب إلى القول أن ما يثير القلق اكثر فاكثر هو الخطر الذي تشكله عملية الانتقال هذه بالسياسة السعودية (من القوة الناعمة الى الصلبة)، من تهديد للدول المستقرة في الشرق الاوسط، مشيرا إلى أن كلًّا من السعودية والإمارات تفرضان حصارا على قطر، كما حذر هورتون من ان "انتقال السعودية من القوة الناعمة الى الصلبة؛ وفي حال عدم تدخل الولايات المتحدة، قد يؤدي الى انتشار الفوضى اكثر فاكثر في المنطقة".
ارسال التعليق