مدينة سعودية “خاوية على عروشها” .. تنتظر المصالحة مع قطر للإنتعاش اقتصادياً
يتكدّس الغبار على رافعات بالقرب من فندق توقف بناؤه بتمويل قطري في مدينة الأحساء السعودية التي تأثّرت بشدة إثر قطع العلاقات بين قطر وجاراتها الخليجية، لكن مؤشرات الانفراج في الأزمة الدبلوماسية بدأ يحيي آمالا بانتعاش اقتصادي لدى السكان.
وقلّل محمد بن سلمان من أهمية تأثير الخلاف بعد أن قطعت بلاده والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة في منتصف عام 2017 على بلاده.
لكن الأمر يختلف في الأحساء القريبة من الحدود القطرية والتي كانت في السابق تعج بالمتسوقين القطريين الذين كانوا يعبرون الحدود لشراء مستلزمات مثل الأعشاب والبيض والحليب ولحم الجمل بأسعار متدنية.
وكان القطريون الأثرياء أيضا يقومون بضخ الملايين في الفنادق المحلية ومزارع التمور وقطاع العقارات. ولكن بعد قطع العلاقات مع الدوحة في الخامس من حزيران/يونيو 2017، توقّف القطريون عن المجيء الى الأحساء ما تسبّب بصعوبات اقتصادية، إلى جانب إبعاد أفراد العائلات المختلطة في الجانبين عن بعضها البعض.
ويرى الباحث في جامعة أوكسفورد سامويل رماني أن مقاطعة قطر “كان لها أثر سلبي على البلدات قرب الحدود، وجعلت الاستثمارات صعبة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد السعودي من عجز كبير”.
ومن الصعب الحصول على إحصاءات رسمية ولكن الآثار الاقتصادية بدت جلية في مدينة الأحساء التي يقيم فيها أكثر من مليون شخص.
وتبدو المراكز التجارية والأسواق التجارية شبه فارغة، ويشكو بائعو العباءات التقليدية التي تعرف باسم “بشت” من تراجع المبيعات.
وهناك أيضا ثلاثة فنادق لم ينته العمل فيها بعد كانت قيد الانشاء بتمويل قطري وأصبحت مهجورة الآن إثر توقف العمل فيها بشكل مفاجئ عام 2017. وكانت هذه الفنادق، بحسب ما يعتقد البعض، مخصّصة لاستضافة سياح إضافيين لحضور كأس العالم 2022 في قطر.
وأكّد مدير أحد الفنادق العاملة في الأحساء لوكالة فرانس برس أنّ موقف السيارات التابع للفندق فارغ الآن، بينما كان يمتلىء في السابق بسيارات تحمل رخصة تسجيل قطرية.
وتحدّث المدير عن تراجع نسبة الإشغال في الفندق بعد مقاطعة قطر، وعن الصعوبات التي واجهها حتى في دفع فاتورة الكهرباء.
وما زالت هناك بارقة أمل تتمثل في عدم قيام غالبية المستثمرين القطريين بتصفية استثماراتهم في المدينة، ما يعني إمكانية عودة العمل إلى ما كان عليه في السابق.
ويرى السكان أن حل الخلاف السعودي القطري ليس أمرا مستحيلا، واصفين إياه بخلاف بين أبناء العمومة.
وتضاعفت المؤشرات إلى احتمال حصول انفراج في العلاقات بين طرفي النزاع في الخليج، ما يدفع الكثير للاعتقاد بأن القطريين سيعودون حتما.
وقال رجل أعمال في المدينة طلب عدم الكشف عن اسمه “الخلاف هو بين الحكومات وليس بين الشعوب. نحن لسنا دولا مختلفة، نحن عائلة واحدة كبيرة”.
وأرسلت السعودية والإمارات والبحرين الشهر الماضي منتخباتها الوطنية للمشاركة في بطولة الخليج لكرة القدم التي استضافتها قطر، ما أثار تكهنات بشأن احتمال تحقيق اختراق دبلوماسي وشيك.
وسجلّ تراجع في حدة اللهجة والكلام في وسائل الإعلام الحكومية الخليجية المختلفة في تناولها لموضوع الأزمة.
وأعلن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أنّه تمّ إحراز “بعض التقدم” خلال مباحثات مع السعودية بهدف إنهاء الأزمة الخليجية المستمرة منذ أكثر من عامين.
وسيكون المؤشر الحقيقي على الانفراج مستوى التمثيل القطري في قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي بدأت الثلاثاء في الرياض.
وقال مصدران مطلعان على المفاوضات، بينهما دبلوماسي عربي، لوكالة فرانس برس، إن هناك من “يعارض” في أبوظبي إعادة العلاقات.
وهذا يعني إمكانية وجود “سلام متشعب”، ما يعني قيام الدوحة بتطبيع العلاقات فقط مع بعض الدول المقاطعة لها ومن بينها السعودية التي تشترك معها في حدودها البرية الوحيدة.
ويبدو أنّ السعودية بدأت باعتماد مقاربة لنزع فتيل التصعيد بعد تبنيها ما يقول خبراء في السياسة الخارجية إنها “سياسات متشددة” أخافت المستثمرين الأجانب.
ويقول رماني إنّ التقارب بين قطر والدول الاخرى يبدو أنه يأتي “دون تنازلات كبرى من الدوحة” بعدما دفعتها مقاطعة جاراتها لها على خلفية اتهامها بدعم جماعات متشدّدة، إلى تعزيز اعتمادها على نفسها.
وكنتيجة مباشرة للأزمة، اضطرت الدوحة للبحث عن بدائل لواردات الغذاء بعد أن أوقفت الدول المنخرطة في الصراع صادراتها الغذائية لها.
وقبل الأزمة، كانت قطر تعتمد بشكل كبير على واردات منتجات الألبان من السعودية. وقامت بعدها باستيراد أبقار.
ويرى الدبلوماسي العربي – وهو ليس من دول الخليج العربي – أن “قطر مثل طفل حديث الولادة طرد من المنزل كعقاب”.
ويضيف “ظنوا أنه سيعود وهو يبكي، لكنه وقف على قدميه ولم يعد بحاجة إليهم”.
ارسال التعليق