إلى أين وصلت علاقة الدوحة بدول الحصار
سلطت تقارير الضوء على مسار العلاقات الخليجية البينية بعد 3 سنوات من المصالحة التي أعقبت قطيعة امتدت لسنوات، من دول الخليج (الإمارات والسعودية والبحرين) ومعهم مصر حيال قطر.
وكانت هذه الدول تتهم الدوحة بدعم الإرهاب، ونفت قطر هذا الاتهام مرارا وتكرارا ورفضت شروط إنهاء الحصار الجزئي، بما في ذلك إغلاق قناة الجزيرة ومقرها الدوحة وتقييد العلاقات مع إيران.
وفي يناير من العام 2021، أعلن وزير الخارجية السعودي عودة العلاقات الكاملة بين قطر و دول الحصار الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وقال الأمير فيصل بن فرحان للصحفيين وقتها إن هذه الدول اتفقت على “تنحية خلافاتنا جانبا تماما”، وذلك خلال قمة مجلس التعاون الخليجي، التي عقدت حينها وجاءت بعد نحو ثلاث سنوات من الأزمة الخليجية.
وآنذاك عانق ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أمير قطر، تميم بن حمد، لدى استقباله له قبيل القمة التي عقدت بمحافظة العلا السعودية.
ولطالما ارتبطت دول الخليج بتعاون متكامل في معظم المجالات ولكن شرخا حصل في هذه العلاقة، بعد دعوات تم تطبيقها لحصار قطر ومقاطعتها بتهمة تمويل الإرهاب، وهي التهمة التي ثبت بطلانها فيما بعد.
ومنذ تلك القمة، توالت الأحداث التي أفضت شيئاً فشيئاً لإنهاء تأثيرات الأزمة، وكانت السعودية أولى الدول التي باشرت بإنهاء القطيعة مع قطر وأعادت سفيرها إلى الدوحة. لتقوم الأخيرة لاحقاً بتعيين سفير لها في الرياض، تبعه توقيع بروتوكول لإنشاء “مجلس التنسيق السعودي القطري”، قبل أن يطبق الأمر لاحقاً مع الإمارات والبحرين.
وبحسب تقرير لموقع “الخليج أونلاين” فإن المصالحة الخليجية انعكست خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بشكلٍ إيجابي على العلاقات بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى.
ووفق المصدر مهدت تلك القمة وما تبعها من استئناف لروابط التجارة والسفر بين الدول الثلاث (قطر من جهة والسعودية والإمارات من الجهة المقابلة)، ولاحقاً تدريجياً مع البحرين، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وحركة السفر بانتظام جواً وبراً.
ولفت التقرير إلى أن عام 2023 المنصرم توج بخفض الخلافات في الخليج مع التقارب القطري البحريني الذي تأخر، رغم الملفات الخلافية بين دول المجلس، المتعلقة بالسياسة الخارجية. مثل قضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعويم نظام بشار الأسد في سوريا، والموقف من الأزمة الليبية.
وعلى الصعيد الاقتصادي برزت مؤشرات إيجابية بتحقيق وفرة مالية وتحسن مطرد في معدلات النمو الاقتصادي لدول الخليج، وسط تنبؤات بأن يكون عام 2024 الأفضل مع تكامل التقارب بين جميع الدول الخليجية.
ويشار إلى أنه في يونيو/ حزيران من عام 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر جميع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة.
وأُغلقت الحدود البرية الوحيدة لقطر، ومُنعت السفن التي ترفع العلم القطري أو التي تخدم قطر من الرسو في العديد من الموانئ، كما أغلق معظم المجال الجوي في المنطقة أمام الطائرات القطرية.
وقدمت الدول الأربع وقتها إلى قطر 13 مطلبا كشرط لإنهاء الحصار. وشملت المطالب إغلاق قناة الجزيرة وغيرها من المنافذ الإخبارية التي تمولها قطر، وخفض العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر، وإنهاء ما وصفته “بالتدخل” في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
ورفضت قطر الانصياع لتلك المطالب، قائلة إنها لن توافق على “التنازل” عن سيادتها وأن “الحصار” من قبل جيرانها ينتهك القانون الدولي.
ولم تقطع دولتان في مجلس التعاون الخليجي، المؤلف من ستة أعضاء، العلاقات مع قطر وهما الكويت وعمان. وعملت الكويت كوسيط لحل الأزمة.
وألمح التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي الست تشكل قوة اقتصادية هائلة، وتعمل حالياً على الاستفادة من المزايا المتنوعة من المخططات الاستثمارية والاقتصادية التي بدأت بالعمل بها لتحويل هذه البلدان إلى منطقة جاذبة للاستثمار والتجارة والسياحة.
وبدا تحسن العلاقات بين السعودية وقطر بعد توجيه الأولى دعوة لأمير قطر لحضور قمة العُلا، مطلع يناير 2021، عنواناً لرغبة المملكة في طي صفحة الخلاف، وبحضور الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتلك القمة كانت صفحة المقاطعة قد طويت.
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الزيارات المتبادلة على مستوى قيادة البلدين، والوزراء، وكذا على مستوى اللجان والدبلوماسيين.
وكان أمير قطر قد تسلّم، أواخر يونيو 2021، أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد منصور بن خالد آل سعود، ثم في أغسطس 2021، عُيّن بندر محمد عبد الله العطية سفيراً فوق العادة مفوضاً قطرياً لدى المملكة، وبذلك انتهت رسمياً القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.
ولفت المصدر الى أن مجلس التنسيق يمثل إطاراً شاملاً لتعزيز العلاقات الثنائية بين قطر والسعودية، وجرى في أواخر أغسطس 2021، توقيع البروتوكول المعدل لمحضر إنشائه، والذي يرأسه من الجانب السعودي ولي العهد، ومن الجانب القطري أمير البلاد.
وكان لافتاً أيضاً التعاون العسكري بين الجانبين، فخلال ثلاثة أعوام كان هناك عديد من اللقاءات بين القادة والوفود العسكرية من قطر والسعودية.
وإضافة إلى عودة المياه الى مجاريها بين السعودية وقطر كانت الثانية قد اعنت مع دولة الامارات رسميا إعادة التمثيل الدبلوماسي بينهما، وذلك باستئناف عمل سفارة الدوحة في أبوظبي وقنصليتها في دبي، وسفارة أبوظبي في العاصمة القطرية بعد مرور نحو عامين ونصف العام من المصالحة، وكان ذلك تحديداً ابتداء من 19 يونيو 2023.
وبعد نحو شهر من افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم بالدوحة في نوفمبر 2022، حضر أمير قطر القمة التي عقدت في أبوظبي بمشاركة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عُمان هيثم بن طارق، وأعرب بعدها في تغريدة، عن سعادته “باللقاء التشاوري مع عدد من إخواني قادة الدول الشقيقة”.
وكان آخر الملفات الخليجية العالقة على خلفية أزمة عام 2017 بين قطر والبحرين، قد انتهى مطلع أبريل 2023 بإعلان الدوولتين استئناف علاقتهما الدبلوماسية بعد نحو عامين ونيف من إبرام اتفاق قمة العلا الخليجية.
وكان 2023، هو العام الفعلي لعودة التقارب بين المنامة والدوحة، فقد شهد تحركات متسارعة، حيث أكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، نهاية يناير الماضي، أهمية العمل على حل كل القضايا والمسائل بين بلاده وقطر.
ولم يعد البلدان الخليجيان إلى اليوم فتح سفارتهما، لكن متحدث وزارة الخارجية القطرية، ماجد بن محمد الأنصاري، سبق أن قال في يونيو 2023، إن العمل جارٍ لفتح السفارات مع البحرين.
موقع “الخليج أونلاين” نقل عن الخبير بالشأن الخليجي والدولي حسام شاكر، قوله إن دول الخليج تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية، من “طي صفحة الأزمة حقاً وتلك المرحلة التي كانت العلاقات الخليجية فيها ملتهبة، ووصلت إلى استقطابات معلنة وتوترات شديدة الوطأة وغير مسبوقة بينها.
لكن على الرغم من ذلك رأى شاكر أن “الصفحة نعم طويت، ولكن لا يعني ذلك أن الخليج ذهب إلى مواقف متماسكة على مستويات الأمن الجماعي الإقليمي والتكامل الاقتصادي والتوافق في إدارة الملفات العربية والإقليمية”.
وتابع أن “هناك افتراق في تطورات اللحظة الراهنة بغزة والمنطقة، ونشهد أن دول الخليج تتمايز بوضوح في مواقفها وكيفية تفاعلها مع الأحداث”.
ولطالما مارست قطر سياسة خارجية طموحة، ذات أولويات مختلفة عن بعض دول الخليج الأخرى، لكن هناك قضيتان رئيسيتان أثارتا غضب جيرانها خلال العقد الماضي.
الأولى هي دعم قطر للإسلاميين الذين يحاربهم محمد بن زايد ومحمد بن سلمان صراحة، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين. وتنفي الدوحة في نفس الوقت مساعدة الجماعات الجهادية مثل القاعدة أو تنظيم داعش الإرهابي.
والقضية الرئيسية الأخرى هي علاقات قطر مع إيران، التي تشترك معها في أكبر حقل غاز في العالم. وتعد القوة المسلمة الشيعية (إيران) هي المنافس الإقليمي الرئيسي للمملكة العربية السعودية.
وبعد الصلح الخليجي اعتبر وزير الخارجية الإيراني وقتها، محمد جواد ظريف، أن اتفاق إنهاء الخلاف بين قطر وبين السعودية وحلفائها كان نتيجة “مقاومة قطر الشجاعة للضغط والابتزاز”.
وغرد ظريف على تويتر عقب الإعلان عن الاتفاق: “مبروك لقطر نجاح مقاومتها الشجاعة للضغط والابتزاز”.
وأضاف: “أقول لجيراننا العرب الآخرين: إيران ليست عدوا ولا تمثل تهديدا. كفى بحثا عن كبش فداء.”
ارسال التعليق