موقف الدول العربية المخزي اتجاه حرب غزة
قدّم كريستيان كوتس أولريشسن قراءة خارجية لـ"المركز العربي واشنطن دي سي"، تحت عنوان "دول مجلس التعاون الخليجي والحرب على غزة: مواقف وتصورات ومصالح". تناول فيها مواقف الدول الخليجية من الحرب على غزة بمقياس مصالح كل دولة مع بعض المحددات الأخرى التي تحكم كل دولة من الدول الخليجية.
شرع الباحث دراسته بفكرة مفادها أن الحرب على غزة اختبرت "إلى أقصى حد نهج التطبيع العربي مع إسرائيل والذي يكمن في قلب اتفاقيات أبراهام لعام 2020 وسعي إدارة بايدن للتوصل إلى صفقة سعودية إسرائيلية".
واعتبر أولريشسن، مُعدّ التقرير، أن "السعودية" التي كانت على وشك توقيع اتفاقية "سلام" مع الكيان الإسرائيلي مع صفر تقديمات للمسألة الفلسطينية، والتي كانت بمثابة الحدث الأهم منذ الحرب الباردة، أُجبرت بسبب ما جرى بعد السابع من اكتوبر وما تلاه من حرب على غزة، على تأخير تطبيعها مع الكيان الإسرائيلي.
فكان أن عقدت قمة طارئة، التي دمجت فيها القمتين العربية و الإسلامية معا، ولكن وبحسب ما جاء في التقرير فلم ينتج عن هذه القمة نتائج ذات قيمة. مقارنا المواقف السعودية بتلك الجزائرية والإيرانية والسورية، بأنها كانت الأضعف.
وأضاف التقرير بما يخص ما صدر عن القمة أنه "لم تتبن السعودية ولا دولة الإمارات المطالب باتخاذ إجراءات أكثر صرامة، حتى مع اعتماد المسؤولين لغة أكثر صرامة في انتقادهم للإجراءات الإسرائيلية".
ويشرح أولريشسن سبب اهتمام الإمارات العربية المتحدة بالحفاظ على علاقات مضمونة بالكيان الإسرائيلي، هو أنها تشكل ضمانة أمنية ودفاعية (إضافة للضمانة السياسية والاقتصادية). ذاكرا الدعم الاستخباراتي الذي قدمه المسؤولون الإسرائيليون للإمارات في أعقاب "هجمات الحوثيين" الصاروخية والطائرات بدون طيار على أبو ظبي في أوائل عام 2022.
وتابع بقوله أن هذا حصل مقابل شبه صمت أميركي عن ما سماها هجمات الحوثيين، حيث وجدت الإمارات بالكيان الإسرائيلي بديلا عن أميركا في المجالات آنفة الذكر.
أما عن البحرين فقد اعتبر الكاتب أن هذه الدولة الخليجية التي تمتلك تتمتع بساحة سياسية داخلية أكثر حيوية وأكثر إثارة للجدل مقارنة بالإمارات العربية المتحدة، "أصدر مجلس النواب المنتخب، في وقت سابق، بيانًا مفاده أن المملكة قطعت علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، وهو ما كان بمثابة انسحاب الدولة الاول من اتفاقيات إبراهيم الموقعة في عام 2020" ويستكمل التقرير أنه "على الرغم من التراجع عن البيان، إلا أنه فقد ظهر كمؤشر على عمق الغضب الذي يتعين على القادة الآن موازنته عندما يفكرون في الخطوات التالية".
واعتبر أولريشسن أن "دول الخليج تواجه تحديات متعددة في ظل المضي قدمًا في تعاملها مع غزة. قد يكون الزعماء السياسيون متحفظين في الانفصال علناً عن إسرائيل على أعلى المستويات، لكن يجب عليهم أن يتعاملوا مع الجماهير الغاضبة والمشهد الذي تستخدم فيه مصطلحات مثل " الإبادة الجماعية " بشكل متزايد لوصف الأعمال الإسرائيلية".
وذكر التقرير أنه " من غير المرجح أن تكون هناك عودة إلى الوضع السابق ، كما كان في 6 أكتوبر، تمثل مجموعة منفصلة من القضايا للمطبعين وغير المطبعين في الخليج. ولم يعد بإمكان المسؤولين الإماراتيين أو البحرينيين (أو المغاربة في هذا الشأن) الحفاظ على أي ادعاء بأن قرار الاعتراف بإسرائيل دون أي تقدم ملموس في القضايا الفلسطينية جعل المنطقة أكثر أمنا واستقرارا".
وفي سياق استنتاجه أن طوفان الأقصى أثبت أن "التكامل العربي الإسرائيلي لا يمكن فصله بشكل مستدام عن القضية الإسرائيلية الفلسطينية"، اعتبر التقرير أنه لا بد لـ"السعودية" التي تركت الباب مفتوحا أمام التطبيع أن تعود إلى "مبادرة السلام العربية التي أعلنتها الرياض في العام 2002 او أ، تُعدّ نسخة جديدة".
وفي تعليقه على القمم التي عُقدت لمناقشة الواقع في غزة والتي شاركت فيها الدول الخليجية، اعتبر التقرير أنه "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المشاركة الأكبر في مثل هذه المبادرات المتعددة الأطراف ستؤدي إلى نتائج جوهرية، فإن المحاولات الرامية إلى تحقيق تأثير "القوة المضاعفة" من خلال زيادة الوزن الدبلوماسي لدول مجلس التعاون الخليجي مع الشركاء الرئيسيين غير الغربيين، لا تزال من غير واضحة إذا كانت مبادرات تستحق المتابعة".
وختم التقرير، ربطا بمسألة ما لوحظ بعد العدوان على غزة من تصعيد محدود في خطابات بعض الشخصيات الخليجية تجاه الكيان الإسرائيلي وأحيانا تجاه الأميركي سيما في المؤتمرات، بأن "استعداد دول مجلس التعاون الخليجي لتوسيع دائرة المؤثرين على الساحة العالمية بما يتجاوز انتماءاتهم التقليدية للولايات المتحدة قد يكون مؤشرا على محاولة حث الإدارة الأمريكية على أن تكون وسيطا أكثر صدقا للسلام في منطقة الشرق الأوسط".
ارسال التعليق