نجوم مصر وفنانوها (رهائن) في السعودية
«أكان لزاماً يا سلّام أن تسجل فيديو؟». هذا السؤال هو الأكثر تكراراً في الأوساط الفنية المصرية منذ أن أعلن الممثل الكوميدي المصري انسحابه من عروض «موسم الرياض»، واضعاً باقي زملائه في مأزق لا يُحسدون عليه بين مطرقة الجمهور وسندان تركي آل الشيخ
أسبوعٌ كاملٌ مرّ على نشر الممثل الكوميدي المصري محمد سلّام فيديو اعتذاره عن عدم بطولة مسرحية «زواج اصطناعي»، أولى المسرحيات الكوميدية المصرية ضمن فعاليات «موسم الرياض» في نسخة 2023. لكن أصداء هذه الخطوة لم تنته بعد، ويبدو أنّها ستستمرّ لفترة بعد الترحيب الشعبي الواسع في مصر بموقف سلّام المتناغم مع التعاطف الشعبي الآخذ في الازدياد مع الغزّيين في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية منذ 26 يوماً.
شهدت كواليس الوسط الفني في المحروسة شبه إجماع على أنّ سلّام لم يسجل هذا الفيديو بناءً على أوامر من جهة معينة، أي إنه بريء من استغلاله كسلاح في الصراع المستمر بين المسؤولين عن الإنتاج الفني في مصر، ورئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ. لكن معظم الفنانين، من بينهم من دعموه علناً (تحدّثنا مع بعضهم)، أكدوا أنّه كان من الأفضل أن يعتذر في صمت بحجّة أنّه مريض، وهو ما اتُفق عليه بدايةً وأُبلغت به الرياض، غير أنّ الفنان الذي اشتهر في مسلسل «الكبير أوي» خالف التوقعات وبث الفيديو الذي كان ليمرّ أيضاً لولا أنّه اندهش من عدم تأجيل فعاليات الحدث الذي ربّما بات بالنسبة إلى السعوديين أكثر قداسة من موسم الحج. الاعتذار في صمت كان سيرحم زملاء محمد سلّام من هجمات قد تكون الأعنف على النجوم المصريين منذ دخول السوشال ميديا حياة الملايين.
إذ بات الناس يلجون إلى حسابات النجوم الافتراضية ويشتمون (حرفياً) كلّ الموجودين في العاصمة السعودية. أوّل هؤلاء كان الممثل محمد أنور الذي حلّ بديلاً لسلام، وسارع إلى حذف فيديو نشره في بداية العدوان الصهيوني متباكياً على الضحايا الأطفال، قبل أن تدفعه التعليقات إلى نشر دعاء المظلومين، فيما أغلقت بطلة المسرحية مي عز الدين حسابها على إنستغرام، والتزم بيّومي فؤاد الصمت كما هو متوقع، وخصوصاً أنّه الممثل المصري الأكثر طلباً في السعودية.
غير أنّ الأمر لم يعد متعلّقاً فقط بأبطال «زواج اصطناعي»، إنّما يشمل آخرين لم يجدوا مفرّاً من قبول دعوة تركي آل الشيخ لحضور احتفال عشاء مساء الجمعة الماضي في مناسبة انطلاق الموسم الذي لم يتأثّر حتى بمقتل أربعة سعوديين في هجمات للحوثيّين على جازان في جنوب المملكة أخيراً. بدا العشاء كأنّه مصيدة لنجوم كثيرين، أمثال أحمد عز، ومحمد هنيدي، وأشرف عبد الباقي، ومحمد حماقي، وأكرم حسني، وشيكو، وغيرهم ممن تجنّبوا نشر أي صورة على حساباتهم الشخصية على السوشال ميديا تؤكد حضورهم. إلا أنّ تركي آل الشيخ تولّى المهمّة شخصياً عبر X (تويتر سابقاً)، متعمّداً إظهارهم جميعاً وهم ضاحكون. هنا، برزت تساؤلات حول أسباب عدم قدرة كل هؤلاء المشاهير على اتخاذ موقف موحّد والامتناع عن الحضور، وهم يعلمون أنّ «موسم الرياض» لن يكتمل إلا بهم. تعامل النجوم إذاً كأنّهم «رهائن» لدى القائمين على الحدث، لكنّه «احتجاز» مدفوع الثمن.
في غضون ذلك، انتشرت أقاويل عن فتح باب المسامحة لمحمد سلّام إذا حذف الفيديو وهو ما لم يحدث حتى لحظة كتابة هذه السطور، فيما طالت سهام الغاضبين أسماء عربية عدّة، من بينهم اللبنانية إليسا، والسورية كندة علوش. على رغم أنّ الأخيرة تضامنت مع الغزاويّين، إلا أنّ ذلك لم يرحمها من سهام النقد بعد حضور زوجها الممثل المصري عمرو يوسف الاحتفال في الرياض، فضلاً عن عدد كبير من المغنين الذين شاركوا في إحياء الحفلات الأولى، مثل اليمني ــ السعودي محمد عبده، والمصري تامر عاشور، والسورية أصالة. ووصل الأمر إلى درجة تشكيل قوائم سوداء عبر X تشمل هذه الأسماء وغيرها، وإن كانت ذاكرة الجمهور نفسها لم تعد بحاجة إلى ذلك. والدليل أنّه حين نشر محمد هنيدي تعليقاً أبدى فيه تعاطفه مع أهل غزة، لم يبلع الجمهور الطعم ورأى في موقفه نفاقاً كونه كتب عباراته وهو يتناول العشاء في الرياض التي بدت كأنّها مدينة من خارج هذه المنطقة لا تعبأ بما يجري بالقرب من أولى القبلتين. وجاء ذلك في وقت عجّت فيه شوارع دول أجنبية بتظاهرات مندّدة بفظائع قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما لا صوت في المملكة يعلو فوق صوت حفلات «أبو ناصر».
ارسال التعليق