هل أصبح العُمق السعودي على موعد مع مزيد من الطائرات المُسيرة؟
بقلم: مهند إبراهيم أبو لطيفةشكلت الضربات التي أصابت العُمق السعودي، بواسطة طائرات ” الدرونز”، الحوثية، منعطفا جديدا في المواجهة العسكرية في الخليج، لما تحمله من مؤشرات ورسائل مستقبلية ، ولأنها تأتي بالرغم من حالة التأزم الشديدة التي تشهدها المنطقة.
وليست الطائرات السبع التي قصفت قبل أيام، خط الأنابيب النفطي السعودي، هي الوحيدة التي تمتلكها جماعة الحوثي. ففي تصريح له ، أكد القيادي الحوثي محمد البخيتي، أن هذه كانت ” البداية فقط”. وأن جماعة الحوثي ، حددت ثلاثمائة هدف في العمق السعودي، مرشحة لأن يتم قصفها في حال أية مواجهة عسكرية، وفي أية لحظة.
كما صرح عضو المجلس السياسي الأعلى البخيتي ، لقناة الجزيرة مؤخرا ، أن العمل على تطوير وإعداد هذه الطائرات، هو ” تراكم مستمر لجهد متواصل منذ خمسة سنوات “. وكانت تقارير قد أشارت منذ فترة طويلة، إلى تلقي الحوثيين لدعم إيراني في هذا المجال. وانهم باتوا يمتلكون القدرة على صناعتها محليا.
تُعتبر تكنولوجيا الطائرات المسيرة، أو الطائرات بدون طيار، التي توجه عن بُعد، من أهم التكنولوجيات الرديفة ، التي يمكن أن تستخدمها الجيوش التقليدية في الحروب، ولكن أيضا الجماعات المسلحة. واصبحت جزءا من الترسانة العسكرية، تُضاف إلى سلاح الجو.
ففي عقيدة الجيوش النظامية الكبيرة ، تُعتبر إستخدامات التكنولوجيا ، من الأساسيات لأي حرب قادمة، لضمان التفوق والفعالية، وعنصر المباغته، ولسلامة الجنود.
ما تتميز به هذه الطائرات، بالنسبة للجماعات المسلحة، هو رخص ثمنها، وسهولة تخزينها، أو التمويه عليها. إضافة لسهولة تصنيعها، أو تجميعها، وإطلاقها من أماكن مختلفة، وبشكل مفاجيء ، وصعوبة التصدي لها من قبل الدفاع الجوي. ناهيك عن تجاوزها للخطوط الأمامية والحواجز التقليدية.صناعة الطائرات بدون طيار قديمة. وكانت أول التجارب التي أجريت على هذا النوع في انجلترا عام 1917. وكان أول إستخدام عملي لها في حرب فيتنام.
وتذكر بعض التقارير، أنه تم إستخدامها من قبل إسرائيل، في حرب أكتوبر عام 1973 ، لكنها لم تكن على درجة عالية من التقنية، ولم تحقق النتائج المطلوبة، إضافة لوجود حائط صد صاروخي مصري.
تستخدم الطائرات بدون طيار، لأهداف مدنية مثل: إطفاء الحرائق، التصوير، البحث العلمي، الإنقاذ، التوثيق، وتتميز بخفتها، وعدم وجود خطر مباشر يتهدد الإنسان.
ولكن إستخداماتها العسكرية كثيرة من مثل:
– الإستطلاع والرصد والمراقبة وكشف الأهداف.
– الحرب الإلكترونية، والتشويش على محطات الصواريخ والدفاع الجوي.
– الإنذار المبكر وتوجيه صواريخ أرض- جو.
– يمكن إستخدامها كصاروخ موجه إنتحاري. أو في عمليات الإغتيال.
وبالتأكيد هناك تقنيات كثيرة وسرية، قامت بتطويرها كثير من الدول الرائدة ، في مجال تصنيع مثل هذه الطائرات، وأيضا في مجال صدها. وحسب بعض التقارير ( منها صحيفة تايمز البريطانية ) ، طورت إسرائيل تقنية خاصة للتعامل مع الهجمات بالطائرات المسيرة.
فيما يتعلق بالطائرات الإيرانية، فمنذ عام 1978، تمتلك إيران هذا النوع من الطائرات، ولكن الإهتمام بها، إزداد في السنوات الأخيرة. وتعتبر إيران من أكبر منتجي هذه الطائرات على المستوى العالمي، إلى جانب روسيا، الولايات المتحدة، الصين ، وإسرائيل.
تمتلك إيران – على سبيل المثال- طائرة ” كرار” القاذفة والتي تُعد الجيل الأول من الطائرات النفاثة بدون طيار. وطائرة ” كرار – إم- ك- 82 ” ، المجهزة بالصواريخ. وطائرة ” فطرس” ، طائرة ” حماسة ” ، طائرة ” ملحمة ” ، طائرة ” أبابيل – ب ” ، وطائرة ” أبابيل-3 “، وطائرة ” مهاجر- 2″، و ” مهاجر 4 ” ، وطائرة ” ياسر” ، وطائرة ” شاهد 129 ” المقاتلة ، وغيرها.
ويبلغ مدى الطائرة من نوع ” كرار” ألف كيلومتر، وسرعتها نحو 900 كيلومتر في الساعة، ولها إمكانية شحن تزن نحو 500 كيلو.
من الطائرات الشهيرة، التي طالما سببت لسكان قطاع غزة، القلق والإزعاج، الطائرة التي تعرف باسم ” الزنانة ” . وهي طائرة استخدمها جيش الإحتلال الإسرائيلي، بشكل مستمر، لأسباب نفسية، ولأهداف الإستطلاع وجمع قاعدة بيانات حول الأهداف المحتملة، كبنك معلومات. وتسبب التشويش على أجهزة التلفاز،ـ وتصدر طنين مزعج يصم الآذان ، وهي عدة أنواع.
تباع في كثير من دول العالم وفي الأسواق، طائرات مسيرة مختلفة الأحجام، والصغيرة منها تباع كألعاب للأطفال والشباب. وتستخدم غالبا من أجل التصوير. ولكن الطائرات التي يمتلكها حزب الله في لبنان ، والحوثيون في اليمن، لبيست كذلك بالتأكيد. وماذا لو إمتلكتها جماعات أخرى في العراق؟. وهي جماعات عقائدية، تتسم بقدر كبير من المركزية والإنضباط، والإلتزام بتتنفيذ التهديدات.
جاء إستخدام هذه الطائرات، من قبل الحوثيين، وفي هذا التوقيت بالذات، لإيصال رسائل واضحة، عن جدية أية مواجهة مستقبلية، أو تصعيد عسكري في المنطقة. ولن تكون عواصم بعض الدول الخليجية ومطاراتها ( مثل مطار ابو ظبي ومطار نجران )، ومصالحها الحيوية، بمنأى عن الإستهداف المباشر، والمدمر وغير المتوقع.
وعلى الرغم من الإستثمارات الكبيرة، للسعودية والإمارات في إنتاج تكنولوجيا مضادة للطائرات المسيرة ، لكنها لن تستطيع دفع الخطر عنها بشكل كامل في المستقبل.
ليس بمقدور الطائرات بدون طيار، أن تحسم معركة كبيرة، ولكنها يمكن أن تُلحق أضرارا جسيمة، مادية وإقتصادية ومعنوية ، ويمكن أن تتسبب في تعطيل الملاحة التجارية، وضرب السياحة في بعض الدول، خصوصا أنها تمثل جزءا من الترسانة العسكرية، وتكتيكات المواجهة ، تُضاف إليها منظومة الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وغيرها مما ستكشفه الأحداث.
ارسال التعليق