هل تعد الاستقالة مخرج للفاسد من المسائلة ؟
قبل الاجابة ، دعوني أشارككم معي في حوار دار بالأمس خلال تناول القهوة مع صديق متخصص في مجال المراجعة، لما لهذا الحوار من أهمية كونه يلامس ما يدور اليوم في بعض القطاعات في ظل الحرب القوية التي يقودها سمو سيدي ولي العهد في القضاء على الفساد.
بدأت في الحديث مع صديقي حول الدور الفعال للجهات الرقابية كوني كنت أعتقد أنها حققت تقدماً ملموساً نوعا ما في بعض القطاعات، ولكن سرعان ما قام صديقي بمهاجمتي وبدأ بضرب بعض الأمثلة الشائعة حالياً لديهم في القطاع الذي يعمل به والتي ابتدأها لي : لك ان تتخيل يا صديق المهنة بأنه تم قبول استقالة أحد التنفيذيين لدينا المتورط في قضايا فساد دون أي مسائلة بعد تفاوض القيادات العليا في القطاع معه التي وجدت هذا الحل هو الأنسب للجميع خوفًا على مصالحهم التي تلطخت بفساد تلك الشخصية التنفيذية، وهنا توقعت بأنه سيقف ولكن سرعان ما أصابني بواقعة أخرى وهي بأن الكفاءات بالقطاع لديهم أصبحت على الهامش وأن رئيس القطاع لديهم نجح بشكل سريع في تعيين زملاء له برواتب فلكيه خارج السلم الوظيفي المعتمد بالقطاع بحجة أنهم يعدون ندرة في المجتمع، ولا أخفيكم أصبت بإحباط غير معهود كوني كنت أعتقد بأن الأمور أصبحت تسير للأحسن في جانب القضاء على الفساد.
لذلك قررت سريعاً بإنهاء الحوار، بطريقه لطيفه من خلال بث الأمل والتفاؤل لديه من خلال الإشادة عن إنجازات الجهات الرقابية في معاقبة وملاحقة الفاسدين مستشهداً بالمنشور في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الرسمية مؤخراً في محاوله مني لإقناع نفسي أولاً ثم إقناعه بأننا نحقق تقدم ملموس في هذا الجانب، ولكن وجدته لازال غير مقتنع بكلامي لتوافر حالات لديه لازالت تنعم بالحرية وتمارس أجندتها وتحقيق مصالحها لديهم بالقطاع بالرغم من تورطها بالأدلة لدى الجهات الرقابية، فسريعاً قررت أن أنتقل به لمواقف الشريعة الإسلامية تجاه الفساد ووجوب المحافظة على المال العام وحقوق أصحاب المصلحة مهما كانت المُعطيات وأن التجاوز عليها وانتهاكها يعد من الخيانة والغلول واستدليت بالآية الكريمة (( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون )) وأيضا زودته من السنة بحديث عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) .
وأخيراً وحتى لا يصيبكم الإحباط الذي أصابني، سأجيبكم عن عنوان المقالة : طبعاً لا تُعد الاستقالة مخرجا للفاسد من المسائلة بل وإن هذا التصرف يُعد تواطأ متعمدًا وخيانة للأمانة يلاحق من يقبل مثل تلك الاستقالات المشكوكة.
ارسال التعليق