هل كان لمؤتمر كوالالمبور أن ينعقد لو كان سلمان قائداً فعلياً للأمّة الإسلاميّة
تناول د. حمزة الحسن المعارض اسباب قيام قمة كوالالمبور بطريقة تحليلية هي الأقرب الى الواقع بين كل التحليلات التي تناولت هذه القمة التي أثارت جنون الملك سلمان وابنه محمد.
وفي سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر رصدها الواقع السعودي قال د. الحسن أن قمة كوالالمبور هي تعبير عن (إرهاصات) يقظة إسلامية، لم تحدث بنظره منذ قرن. لافتاً الى ان اليقظة قد تكون بداية نهضة لا يمكنها ان تكون إلا بجمع قليل من دول لديها إمكانات النهوض والإستقلال والتقدم, مؤكداً على انه إن نجح المؤتمر وأسس لجهد عملي مشترك، ولو كان ضئيلاً في البداية، فإن باقي الجسد الميت سيحيا.
وأضاف د. الحسن ان قمة كوالالمبور أيضاً، تعبير عن حاجة اسلامية ودولية غاب فيها المسلمون ضمن محاور لا تمثلهم لافتاً إلى ان غياب هذا العالم الاسلامي، محسوس، ولكنه مطلوب الوجود: صينياً وروسياً، ومغضوب عليه ولا يراد له القيام أمريكياً وأوروبياً. ثقل المسلمين البشري والمادي والعلمي اجتمع في ماليزيا.
خيبة أمل
كان كثير من المسلمين يعتقدون أن النهضة تبدأ من العرب!، وبالذات من جزيرة العرب. انتظروا أكثر من قرن، فلم يجدوا الا حكاماً يتقاتلون على السلطة ويتبعون الأجنبي. انتظروا وانتظروا، الى أن جاء سلمان وابنه، فقضى على بقية الأمل!
في الحقيقة ان المسلمين (غير العرب) اكتشفوا متأخرين أن لا نهضة ستأتي من العرب، ولا وحدة، ولا قدرة حتى. اكتشفوا ان السعودية بالذات، ليس فقط لا تستطيع ان تقود العالم الاسلامي، بل والعالم العربي، بل وحتى الخليجي. هي دولة تابعة لا يمكنها الجلوس على مقعد الزعامة الإسلامية.
السعودية عنصر تدمير
اكثر من هذا، هناك ادراك عام بأن السعودية بموقعها وأموالها وسمعتها ومؤسساتها الإسلامية (الرابطة وغيرها) عنصر تدمير اكثر منها عنصر موحد وجامع وقائد. بل لا يمكن النهوض لعرب او مسلمين إن كانت السعودية هي القائدة والزعيمة. وصل المسلمون الى طريق مسدود مع السعودية ومؤسساتها الاسلامية, تماما مثلما وصل العرب الى طريق مسدود مع جامعتهم التي لا تجمع. وجدت الدول المجتمعة في كوالالمبور أنه، لكي ينهض المسلمون، ويكون لهم موقع تحت الشمس، فإنه يجب العمل بمعزل عن المؤسسات القائمة، وما يُزعم انه قيادة سعودية. لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة.
ورجع د. الحسن قليلاً إلى الوراء نابشاً التاريخ قائلاً ان حضارة المسلمين (الفكرية والمادية) قد جاءت في معظمها على أيدي غير العرب. مذكّراً ان كانوا مهووسين بالسلطة والتصارع عليها وحولها. ولازالوا. ربما صدق ابن خلدون بأنهم ليسوا بُناة (اجمالاً) بل هم أقرب الى (التدميريين)! لاتزعلوا مني، فهذا كله تحليل، وليس جلد ذات، او ما أشبه!
وأضاف: توفرت ٣ عناصر أساسية في الدول (الأساسية الكبيرة) المشاركة في مؤتمر كوالالمبور: الأول ـ وجود حسّ اسلامي جامع بينهم (في القيادات والشعوب). الثاني ـ وجود حسّ وطني دافع للتقدم والتطور. الثالث ـ توفر عناصر النهضة لديها وهي قد خطت خطوات لا بأس بها علميا ومعرفيا واقتصاديا وغير ذلك بمعنى أن هذه الدول لا تبدأ من الصفر، للإنطلاق الإقتصادي على الأقل فهي تمتلك بنية علمية وصناعية لا بأس بها، وهو ما ليس متوفر في أي دولة عربية، بما فيها العظمى المسماة بالسعودية! زد على ذلك، فإن الكثافة البشرية للدول المشاركة، تمثل عنصر قوة اضافي في السياسة والإقتصاد وغيرهما.
وأوضح د. الحسن أن مؤتمر كوالالمبور قد همّش السعودية عن دون قصد, وكان يستهدف الإنطلاق من أسر الزعامة الموهومة الإسمية للسعودية على المسلمين، وفك آسارهم من مؤسساتها الميتة التي أسست لأغراض خدمة الاستراتيجية الأمريكية، بدءً من مكافحة الشيوعية الى تعطيل ارادة البناء, وهي في الوقت ذاته تتغنّى بقيادتها للعالم الإسلامي وهي تعادي اكثر من نصفه! والأخطر انها لا تمارس دور القيادة (أصلاً)! فلا هي في الطليعة تقود، ولا هي في المقدمة تواجه، ولا هي تعالج مشاكل، ولا تسدد، ولا تقبل برأي أحد. وهي في الحقيقة حائطاً أصمّاً وليست قيادة.
فالقيادة ليست عنواناً، بل فعل, ولو كانت الرياض قائدة فعلاً، لم يقم مؤتمر كوالالمبور! ولو كانت قائدة على مستوى العالم العربي، ما وصلنا الى ما وصلنا اليه! من هو الأحمق الذي يقبل قائداً كسلمانكو يهزؤه ترامب صباح مساء؟! من هو المسلم الحق، والعربي الأصيل الذي يقبل ان يقوده داشر وأبوه، يقدمان الجزية 10 مرات في السنة؟
من الواضح كما يرى د. الحسن أن هناك فراغاً قيادياً في العالم العربي، وفي العالم الإسلامي، وعلى مستوى دول الخليج. فالموجود حالياً مجرد أحذية للغرب، يُقادون ولا يقودون. لا يُغزى بهم، ولا يدافعون عن شرف ولا عن كرامة. بأمثالهم وصلنا الى وضعنا البائس. وجد أردوغان هذا الفراغ واضحاً، فرفع رأسه، وحسناً فعل, فاستشاطت ـ وبغضب ـ القاهرة العاجزة والمستحمرة سعودياً (في سياساتها)؛ واستشاطت الرياض غضباً (وهي التي ما فتئت تعلن زعامتها على تلّة من الخراب والخيانة)!
لم تكن مشكلة تركيا انها تريد نفوذاً في محيطها الشرق اوسطي، بل هي مشكلة هذا العالم العربي المأسور سعودياً بالرشوة والدين المزيف!
هذا الفراغ القيادي، في العالم العربي، ملأته دول غير عربية (ايران وتركيا). وعلى المستوى الإسلامي، حضرت تركيا وايران واندونيسيا وماليزيا والباكستان، وثلاث عشرة دولة أخرى، تمثل اكثرية المسلمين عدداً وعقلاً وعلما ونضجاً. في حين أن رأسمال السعودية وجود الحرمين على اراضيها، وشيء من المال وهذا لا يضمن الزعامة (المُدّعاة)، بل يتم تجاوزها، ان كانت معطلاً لقدرات الآخرين ولا تنهض بطموحاتهم التنموية والسياسية والدينية.
حتى على المستوى الديني/ المذهبي، وجد المسلمون مشكلة في المذهب الوهابي، وما ينتجه من عنف، وارادوا الانفكاك منه.
كان تجلي ذلك في غروزني قبل نحو ٣ اعوام حيث كانت تلك الخطوة تعبيراً عن انزعاج اسلامي عام، حتى من مصر الأزهر!
وهذه المرة في كوالالمبور تعبير (سياسي) عن انزعاج اسلامي عام من زعامة السعودية وادائها وفسادها وتآمرها وحروبها وانبطاحها وذلها وتخلفها وحماقاتها ورعونتها وجهلها وتصهينها، و(تسربتها)!
في غروزني وكوالالمبور استفتاءان! استفتاء على ايدلوجية الدولة السعودية، وانها لا تمثل المسلمين (فهي ايديولوجية متخلفة منتجة للعنف تشوه صورة الإسلام والمسلمين). واستفتاء على السعودية ككينونة سياسية جلست على مقعد قيادة المسلمين، فتركوا لها الكرسي، وذهبوا واجتمعوا في مكان آخر، بدونها، وبدون رضاها وبدون رضا اسيادها!
لافتاً إلى أن موتمر غروزني و قمة كوالالمبور شكّلا صفعتين عظيمتين لآل سعود، تمثلان تحولاً اسلامياً جوهرياً يمكن البناء عليهما لصناعة نهضة ولكي يكون للمسلمين مكان تحت الشمس. فكما تألمت السعودية من غروزني، تألمت هذه المرة ايضاً، الى حد الجنون.وهذا يتضح من الصحافة السعودية خلال الاسبوع الماضي حيث تحولت السعودية العظمى الى السعودية المجنونة واطلقت على القمة الاسلامية صفة (قمة الضرار)! وعثمان العمير وصف مهاتير محمد بأنه (مهاتير آل سلول)، مع ان (آل سلول) صارت ماركة مسجلة على آل سعود! هاشتاقات عديدة: مؤتمر أعداء السعودية! وصفت المشاركين بالخوارج ـ أي والله! وصفتهم بأنهم اخوان يتآمرون مع إيران ـ أي والله!
وتابع: وانتفخوا وانتفخوا (السعوديون كتاباً وجهلة وذباب!). قالوا: لا قمة بدون القمة! لا قمة في كوالالمبور بدون سلمان! يخسي! روجوا الى انتصارات وهمية بأن القمة فشلت قبل ان تبدأ، وما اكثر ما كتبوا من مقالات. كانت الحالة الرغبوية عالية لديهم! كانت الرياض تضع الآخرين على الرف، فوضعوها عليه!!
وقرع د. الحرس جرس التنبيه (للمحللين الشيّاب) الذين يظن بعضهم ان الحقبة السعودية قائمة قائلاً أن السعودية لم تصل الى مرحلة من الإنحطاط كما هي عليه اليوم: سياسة، وعسكراً، واقتصاداً، ونموذجاً، وكرامة، ووو! قالت الرياض ان المؤتمر يشق المسلمين: شق الله حلوقكم!
وقالت أنها لا تقبل بقمم إلا تحت مظلة منظمة التعاون التي صنعتها ويرأسها موظف سعودي! يعني لازم تشتروا من الدكان السعودي بضاعة صهيونية!
لافتاً الى أن مؤتمر كوالالمبور غير معني بالصراع مع السعودية، ولكنه بالضرورة سيهمشها وستنظر اليه الرياض وأمثاله من المؤتمرات، على أنه تحدّ لزعامتها! فليكن! طز!!
وبالرجوع إلى الوراء قليلاً قال د. الحسن: “قبل نحو ٤ سنوات، جمعت الرياض اندونيسيا والباكستان وماليزيا وتركيا فيما اظن لمواجهة ايران على اساس صراع سني شيعي. لم تفلح! الرياض تريد ان تستخدم الدول الاسلامية الكبيرة في مشاريعها الصغيرة والفاسدة. ارادت استخدام تركيا في حرب اليمن ومواجهة ايران. فعلت ذات الشيء مع الباكستان وفشلت, وفي عهد رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبدالرزاق، اخترقت الرياض ماليزيا بالفساد، والان فإن عبدالرزاق يحاكم بتهمة الفساد. سرق مليارات، ووجدوا 480 مليون دولار جاءته من السعودية، قال انها هدية! ما شاء الله! بنت الرياض مراكز دينية لها وأمنية في ماليزيا، وقد تم اغلاقها الآن!
الخلاصة هي أن آل سعود عنصر فساد كبير في كل الإتجاهات. وهم عنصر تخريب وتدمير في كل الإتجاهات. لكنها ساعة الحقيقة قد دقّت. ومؤتمر كوالالمبور بداية الإنفكاك عن هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة العميلة في الرياض! هو بارقة أمل، فمهما كان حجم النجاح سيتحقق فهو بارقة أمل فالدول الكبرى المشاركة في مؤتمر ماليزيا، لديها علاقات بينية قوية (اقتصادياً)، وهناك دولتان عضوان في G20 (تركيا واندونيسيا). تمثلان القوة والإمتداد الإسلامي ولديهما القدرة على أن يلعبا دوراً على صعيد العالم كله مما يجعل من قمة ماليزيا واحدة من ارهاصات التغيرات الكبرى على مستوى العالم الجديد.
ارسال التعليق