بركان يمني يضرب مطار الرياض ويخلف عاصفة في المملكة
شهدت ولا تزال السعودية عشية صاخبة ، مستهلها ضربة باليستية يمنية على مطار العاصمة تلاها قرارات ملكية اطاحت بآخر الرؤوس الكبيرة والمعارضة لولي العهد محمد بن سلمان في السلطة، واختتمت باعتقال ما يقارب الـ 50 شخصية بينهم امراء واصحاب رؤوس اموال واصحاب نفوذ ، وبين تلك الاحداث الكبيرة ضج المشهد الاعلامي اليمني والعربي والدولي بتناول الضربة الصاروخية كحدث أول واستثنائي لم تستطع المملكة هذه المرة ان تخبئه او تتجاهله كما تفعل مع الضربات المشابهة .
الحوثي ينفذ تهديداته .. بركان يدك مطار الملك خالد :
يرى مراقبون ان التهديدات التي توعد بها قائد انصارالله السيد عبدالملك الحوثي منتصف سبتمبر الماضي تأخذ في التحقق بين الحين والاخر ، في حين لاتلقي دول التحالف وعلى راسها السعودية والامارات بالا لذلك، رغم الضربات المتتالية التي تتعرض لها واخرها الضربة الباليستية التي استهدفت مطار الملك خالد امس شمال شرق الرياض .
وكانت قد اعلنت القوة الصاروخية التابعة للجيش واللجان الشعبية اليمنية انها اطلقت صاروخا باليستيا طويل المدى من طراز بركان H2 على مطار الملك خالد بالرياض ، وعادت لتؤكد عبر مصدر خاص اصابة الصاروخ البالستي هدفه بدقة في مطار خالد الدولي بالرياض ، المصدر التابع للقوة الصاروخية ، شدد على ان معلومات خاصة افادت ان الدفاعات الجوية السعودية فشلت في اعتراض الصاروخ .
من جهته اكد مساعد الناطق باسم الجيش اليمني العقيد عزيز راشد ان ضرب مطار الملك خالد بالرياض بصاروخ طويل المدى من طراز بركان H2 ” يأتي ردا رادعا على المجازر التي يرتكبها تحالف العدوان السعودي الامريكي على اليمن ” ، واضاف راشد في تصريح لوكالات ووسائل اعلامية متعددة ان الضربة الصاروخية تجسد التوازن الاستراتيجي العسكري بين اليمن والسعودية
واعتبر الناطق الرسمي لانصارالله محمد عبدالسلام الضربة ردا على استمرار قصف التحالف للمدنيين الابرياء ، وقال عبدالسلام في تغريدة على صفحته في تويتر ” أكدنا مرارا بأن عواصم قوى العدوان ليست في منأى عن صواريخنا الباليستية ردا على استمرار قصف مدنيين أبرياء ”
وكانت طائرات التحالف قد شنت غارات مكثفة مساء السبت والاحد على اهداف وصفت بالمكررة في صنعاء وصعدة ، وابرز تلك الاهداف هو جبل عطان والنهدين ومنصة السبعين وتبة الفرقة سابقا ، وهي بحسب مصادر عسكرية يمنية اهداف قد تم ضربها عشرات المرات ، معتبرين ان ذلك القصف يأتي في سياق رد الفعل الانفعالي الهيستيري على ضربة بركان الباليستية على مطار الرياض .
الإعلام السعودي فشل في إخفاء الحدث
على الضفة الاخرى ، لم تستطع المملكة السعودية هذه المرة ان تخفي خبر الضربة الصاروخية التي طالت لاول مرة مطارها الدولي الاول ، ويبدو ان ما تم نشره وتداوله شعبيا واعلاميا من فيديوهات واعترافات عقب الضربة التي هزت الرياض ، اخرج الحدث عن سيطرة اجهزة الرقابة والتوجيه السعودية الامر الذي جعلها عاجزة عن تجاهل الحدث مما ادى الى نشر اخبار رسمية متناقضة قبل ان يصدر التحالف بيانا يزعم فيه اسقاط الصاروخ .
وفيما كان نشطاء سعوديون يؤكدون سماع دوي انفجارات قوية هزت العاصمة السعودية الرياض وينشرون فيديوهات للمشهد بعد دقائق من اعلان القوة الصاروخية اليمنية استهداف مطار الملك خالد الدولي في الرياض ، نشرت جريدة الوطن السعودية وهيئة الطيران المدني السعودي خبرين متشابهين مفادهما ان الانفجارات والهزات سببها صاروخ باليستي يمني تم اسقاطه فوق مطار الرياض ، ثم ما لبثا بعده بدقائق ان نشرا خبرا اخر يفيد ان الصاروخ سقط في حرم المطار ولم يترك اي آثار .
الاجراءات السعودية الرامية لتلافي انتشار الخبر جاءت متأخرة كما يبدو، ففي الوقت الذي تمكنت الاجهزة الرقابية السعودية من حذف معظم الفيديوهات التي تصور مشهد الانفجارات من حسابات الناشطين على تويتر ، كانت القنوات الاخبارية والوسائل الاعلامية قد نسخت تلك المشاهد وعرضتها على شاشتها ومواقعها الالكترونية، وكانت التغريدات المليئة بالاعترافات الغير مباشرة قد باتت موضع تداول الناشطين اليمنيين والعرب .
في غضون ذلك نشرت وكالة واس نقلا عن قوات الدفاع الجوي السعودية ان منظومة الباتريوت اعترضت الصاروخ فوق مطار الملك خالد ودمرته قبل ان يصل الى هدفه ، وهو ما يتعارض مع تأكيدات حصلنا عليها من مقيمين في الرياض بان الصاروخ ضرب المطار وسبب هزة ارضية لم تشهد لها الرياض مثيلا ، وبحسب المصادر المقيمة بالرياض فان اثنين من صواريخ الباتريوت لحقت بالصاروخ الى المطار واضافت انفجارات الى الانفجار الكبير الذي خلفه الصاروخ الباليستي اليمني .
وبالرغم من تصريحات الدفاع الجوي ، الا ان وسائل اعلامية عربية وعالمية تناولت الحدث بشكل مكثف ، وكانت قناة الجزيرة القطرية قد افردت له مساحة واسعة من التحليلات والتناولات باعتباره الحدث الاول ليلة السبت ، كما نشرت قناة البي بي سي البريطانية وقناة السي ان ان الامريكية وتلتها قنوات عربية وعالمية اخرى، فيديوهات تصور لحظة الانفجارات في مطار الرياض الدولي .
إدانات تكشف تأثير الضربة في المملكة
الضربة الباليستية اليمنية على مطار الملك خالد بالرياض احدثت ضجة كبيرة وتداعيات اعلامية وسياسية واسعة امتدت لتتحول الى ادانات وبيانات استنكار عربية ودولية ، في مشهد يذكر بتداعيات وادانات ضربة توشكا الباليستية على منطقة صافر شرق اليمن في سبتمبر 2015م التي حصدت تجمعا كبيرا من قوات التحالف كان للامارات النصيب الاوفر من الخسائر البشرية والعسكرية .
واعتبر تحالف العدوان على اليمن ان الضربة الصاروخية التي استهدفت مطار الرياض عشوائية وعبثية واستهدفت مناطق مدنية اهلة بالسكان ، وقال بيان صادر عن التحالف ان صاروخا باليستيا اطلق من الاراضي اليمنية باتجاه العاصمة السعودية الرياض وجرى اعتراضه .
وأوضح المتحدث باسم التحالف، العقيد الركن تركي المالكي، مساء السبت، أن الصاروخ الباليستي تم إطلاقه في تمام الساعة (20:07) مساء ، من الأراضي اليمنية باتجاه العاصمة الرياض، مضيفا بالقول ” الصاروخ تم إطلاقه بطريقة عشوائية وعبثية لاستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان ” وأوضح المالكي أن اعتراض الصاروخ من قبل “الباتريوت” أدى “لتناثر الشظايا بمنطقة غير مأهولة بشرق مطار الملك خالد الدولي، ولم يكن هناك أي إصابات”.، معتبرا ان “إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المدن والقرى الآهلة بالسكان يعد مخالفا للقانون الدولي الإنساني”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن ناطق التحالف قوله “هذا العمل العدائي والعشوائي من قبل الجماعة الحوثية المسلحة يثبت تورط إحدى دول الإقليم الراعية للإرهاب بدعم هذه الجماعة بقدرات نوعية في تحدٍ واضح وصريح لخرق القرار الأممي (2216) بهدف تهديد أمن المملكة العربية السعودية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي” ، في اشارة الى ايران .
من جهتها ادانت الأردن ومصر والبحرين والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إطلاق صاروخ باليستي من قبل من اسمتهم ” الحوثيين ” باتجاه العاصمة السعودية الرياض ، مبديين التضامن الكامل مع المملكة ، واعتبر مراقبون ومحللون ان هذه الادانات تذكر بالادنات التي اعقبت ضربة توشكا صافر بمأرب شرق اليمن في العام 2015م ، معتبرين انها تحمل دلالات على ان الضربة اصابت هدفها وخلفت أثرا بالغا في المملكة استدعى كل هذه الادانات وبيانات الشجب والاستنكار .
سلمان يهاتف ترامب والأخير يتهم إيران
دوليا ، اتهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إيران بانها تقف وراء الضربات الصاروخية التي يطلقها من اسماهم ” الحوثيون ” على السعودية ، وقال ترامب، في تصريح للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تستعد لنقله إلى طوكيو الليلة الماضية: “في رأيي، إيران قامت بشن هجوم ضد المملكة العربية السعودية، وأنتم تعرفون ذلك، ألم تروا كذلك كيف أطلق الصاروخ وكيف تصدى نظامنا المضاد له؟”، في ما وصف بانه محاولة لرد الاعتبار لمنظومة الباتريوت التي فشلت امام الصواريخ اليمنية .
وكان ترمب قد اكد السبت إنه تحدث مع ملك السعودية بشأن امكانية طرح اسهم شركة النفط السعودية “أرامكو” في بورصة نيويورك، وبحسب ما نشرته وكالات عربية ودولية فقد جاء الاتصال بعد يوم أمني وسياسي مليء بالأحداث في المملكة، بدأ مع إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض استقالته من منصبه، مبررا ذلك بتدخلات ايرانية في بلاده .
بين غبار البركان .. بن سلمان ينقض على آخر معارضيه
وفي خضم الضجة التي تركتها الضربة الباليستية ، شهدت السعودية حملة تغييرات واعتقالات طالت أمراء من الأسرة المالكة ووزراء ومسؤولين حاليين وسابقين تحت لافتة محاربة الفساد ، بعد اقل من نصف ساعة على تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان .
وبلغ عدد الشخصيات التي طالتها الاعتقالات 49 شخصية، بينهم بينهم 11 أميرا وعدد من الوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال، تزامنت هذه الاعتقالات مع صدور أوامر ملكية بإقالة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله من منصبه، وتعيين خالد بن عياف عوضا عنه، وإنهاء خدمات قائد القوات البحرية الفريق عبد الله السلطان، وتعيين فهد الغفيلي خلفا له، وإقالة وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه وتعيين محمد التويجري بدلا منه اضافة الى اقالة عدد اخر من المسؤلين بينهم قائد القوات البحرية ووزير الاقتصاد.
وفيما اكدت مصادر انه جرى اعتقال الامير متعب بن عبدالله عقب اقالته الى جانب الوليد بن طلال والوليد بن ابراهيم واخرين ، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر سعودي إنه تم احتجاز عدد من الموقوفين بشبهة الفساد في بعض فنادق العاصمة السعودية الرياض، ومُنع عنهم الاتصال حتى يتم استكمال التحقيق معهم.
وتساءل محللون عن امكانية الربط بين الضربة الباليستية وبين الاجراءات الخاطفة التي نفذها بن سلمان بحق اخر المعارضين له في السلطة وعلى راسهم قائد الحرس الوطني ، حيث يرجح البعض ان ولي العهد استغل الحدث وتداعياته للانقضاض على من تبقى من خصومه واتمام السيطرة على مقاليد القوة بضم الحرس الوطني الى سيطرته .
بقلم : علي جاحز
ارسال التعليق