علاقات "إسرائيل" مع "أعدائها" العرب في تنامٍ مستمر
قالت صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية إن التقارير التي تتحدث عن علاقات الكيان الإسرائيلي مع جيرانها العرب، أعداء الأمس، باتت مؤكدة، وإن قضية فلسطين لم تعد هي الشغل الشاغل لدى الدول العربية.
وبحسب الكاتب إيشان ثارور، فإن ما تم كشفه خلال الأيام القليلة الماضية، عن تنسيق الاحتلال مع السلطات المصرية لقصف شبه جزيرة سيناء في إطار الحرب على الجماعات المسلحة، هو واحد من أسرار الشرق الأوسط.
ويشير جريج جاف، المراسل والكاتب في الصحيفة، إلى أن التحالف السري بين مصر و"إسرائيل" في مجال مكافحة الإرهاب يبين كيف أن صعود تنظيم داعش الإرهابي وغيره من الجماعات المسلحة ساعد في إقامة شراكة هادئة بين تل أبيب وخصومها العرب، لكن الأمر لا يتعلق بتنظيم الدولة وحسب.
صحيفة "التايمز" البريطانية كانت قد نشرت تقريراً أشارت فيه إلى أن كبار الجنرالات في مصر كانوا يلتقون نظراءهم الإسرائيليين منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل 40 عاماً.
فلقد ساعدت قوات الأمن المصرية الكيان الإسرائيلي على فرض قيود على تدفق البضائع داخل وخارج قطاع غزة المتاخم لمصر والتي تسيطر عليها حركة “حماس″، كما أن أجهزة المخابرات المصرية والإسرائيلية شاركت منذ وقت طويل في جمع المعلومات عن المسلحين من كلا جانبي الحدود.
ووفق الصحيفة، لا "إسرائيل" ولا مصر تعترف بالضربات الجوية التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي في سيناء، فلقد سبق لمصر أن منعت الصحفيين من الدخول إلى شبه جزيرة سيناء، كما أن الجيش الإسرائيلي يفرض رقابة على الصحفيين المحليين الذين يغطون مسائل الأمن القومي، حتى إن أحد المحللين الإسرائيليين شبّه تعامل تل أبيب مع موضوع الضربات الجوية كتعاملها مع برنامجها النووي.
يقول زاك غولد المختص بشؤون سيناء: إن "الضربات الإسرائيلية داخل مصر ليست جديدة، فإسرائيل ترى في مصر واستقرارها أولوية استراتيجية، ولكنهم لا يريدون الكشف عن ذلك؛ لأنهم يعتقدون أن ذلك قد يهدد الاستقرار".
العنف في سيناء، بحسب الصحيفة، والذي ظهر بسبب سوء الإدارة من طرف الحكومات المصرية، لا يبدو أنه تراجع رغم كل الحملات الأمنية التي جرت هناك، فبعد أن جرى تفجير طائرة الركاب الروسية التي قتل فيها 300 شخص، شنت الطائرات الإسرائيلية سلسلة غارات لمواكبة الحملات الأمنية التي نفذتها حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويقول مسؤول أمريكي سابق، على اطلاع بالحملة الإسرائيلية في سيناء، إن هذه الحملة دليل على مدى التعاون الأمني بين البلدين، لكنه أيضاً يوضح سوء تعامل المصريين مع التهديد الإرهابي، حيث اشتكى الإسرائيليون والأمريكيون من أن المصريين لا يأخذون النصائح والتوصيات التي تقدَّم لهم.
ليست مصر وحدها من يبحث عن التقارب مع "إسرائيل" بسبب المخاوف الأمنية ووجود قضية مشتركة بينهما، وإنما أيضاً السعودية التي بدأت تعمق علاقتها معها في ظل وجود عدو مشترك وهو إيران، ولكن هذا التعاون المتنامي ما زال سرياً؛ لأن فتح باب التعاون من قِبل أي بلد يمكن أن يمثل مشكلة سياسية.
يقول مسؤول سعودي كبير في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن فلسطين ليست قضية سهلة، السعودية بمحل القائد في العالم الإسلامي؛ ومن ثم فإن علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي لن تكون سهلة أيضاً، إذا احتجتَ شيئاً من "إسرائيل" فيمكن أن تقوم به دون الحاجة لوجود علاقات مباشرة معها.
من الواضح، كما تقول الصحيفة، أن قضية فلسطين لم تعد مركزية كما كانت في الماضي، فلقد سبق أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز سلسلة تقارير عن اتصالات سرية بين مسؤولي المخابرات العسكرية المصرية ومذيعين مصريين بارزين في أعقاب صدور قرار الرئيس دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لـ"إسرائيل".
وأشارت تلك المحادثات الهاتفية إلى أن الحكومة المصرية ستحذر من عواقب هذه الخطوة علناً، ولكن الضابط كان يحث الإعلاميين على عدم إثارة غضب الجماهير حيال القرار، والتذكير بأهمية أن يكون الخطاب عقلانياً وأن يقنعوا الشعب المصري بأن على الفلسطينيين أن يتركوا مطالبتهم بالقدس عاصمة لهم، وأن رام الله لا تفرق عنها.
العميد في جيش الاحتلال أودي ديكيل قال: إن "النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني لم يعد مهماً بالنسبة للدول العربية كما كان من قبل، ولكنهم ما زالوا يخشون من إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل"، مؤكداً أن "الوضع حالياً استراتيجي بالنسبة لإسرائيل، وهو الأفضل منذ إقامة دولتها"
ارسال التعليق