الإنفاق العسكري وحرب اليمن ينهكان الاقتصاد السعودي
لا تتوقف المؤشرات السلبية التي ترسم دائرة حمراء حول مستقبل الاقتصاد السعودي الذي واجه العديد من التحديات خلال السنوات القليلة الماضية، من جراء السياسات المالية والقرارات السياسية والعسكرية غير المدروسة.
وحذر خبراء ومؤسسات اقتصادية دولية وشركات أبحاث عالمية من المخاطر التي يواجهها الاقتصاد السعودي، ومن تعرضه لانكماش مفاجئ في حال واصلت الرياض سياستها المالية الحالية.
ومن خلال رصد أعدّه “الخليج أونلاين”، يتبيَّن أن الاقتصاد السعودي يواجه عثرات؛ أبرزها زيادة النفقات العامة بشكل كبير، بما يشمل التكلفة الباهظة للمشاريع العملاقة غير المجدية التي أعلن عنها ولي العهد، وشراء الرياض للأسلحة بمبالغ مالية هائلة جعلتها تتصدّر قائمة الدول المنفقة على التسلّح على المستوى العالمي. وإضافة إلى ذلك، فإن الحرب التي تشنها المملكة ضد ميليشيا “الحوثيين” في اليمن تستنزف اقتصادها وتهدد أمنها، الأمر الذي تسبب بتراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية وهروب المستثمرين من البلاد، خاصة بعد استهداف الأراضي السعودية بعدد من الصواريخ الباليستية.
والعام الماضي، حقق الاقتصاد السعودي نمواً متواضعاً بنسبة 1.6%، بحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي.
وفي أغسطس الماضي، كشفت صحيفة “المونيتور” الأمريكية أن الاستثمارات الأجنبية في السعودية سجّلت انخفاضاً ملحوظاً بنسبة 80%.
- بعد نحو ثلاثة أعوام من إطلاق محمد بن سلمان، رؤية 2030 الخاصة بتحديث اقتصاد المملكة وإيقاف اعتماده على النفط كموردٍ رئيسي، تتزاحم المؤشرات التي تقود بجميع احتمالاتها إلى فشل تطبيق الرؤية. وكان العديد من التقارير الصادرة عن مؤسّسات اقتصادية دولية توقعت فشل السعودية في تطبيق رؤيتها الاقتصادية.
وأصدرت مؤسّسة “ستوكهولم” الدّوليّة لأبحاث السلام في السويد تقريراً في مارس الماضي، عن التسلّح في الشرق الأوسط خلص إلى أنّ مبيعات الأسلحة إلى المنطقة ارتفعت بنسبة 87% خلال السنوات الخمس الماضية، وأنّها باتت تمثّل ثلث التجارة العالمية. وجاء في التقرير أنّ المملكة العربيّة السعوديّة أضحت أكبر مستوردي الأسلحة في العالم بأسره بين العامين 2014 و2018. وذكر أن مشتريات السلاح في المملكة ارتفعت في السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 192% متفوّقةً على الهند كأحد أكبر المستوردين التقليديّين للسلاح. كما أنّ الطلب السعودي على المعدّات العسكريّة فاق ما استوردته دول الاتّحاد الأوروبي مجتمعة بالعام 2015.
ونقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، عن بيتر وايزمان الباحث في مؤسسة “ستوكهولم”، قوله إنّ الولايات المتّحدة والدّول الأوروبيّة باعت الطّائرات والعربات العسكريّة إلى السعودية لاستخدامها في حربها في اليمن. ورصدت الميزانية السعودية لعام 2019، مخصصات للإنفاق العسكري بقيمة 191 مليار ريال (50.9 مليار دولار)، ليحل هذا الإنفاق في المرتبة الثانية من حيث قيمة المخصصات بعد التعليم الذي حل أولاً.
ولعل من أهم أسباب هذا الإنفاق العسكري الهائل الحرب التي تخوضها السعودية مع “الحوثيين” باليمن. وإضافة إلى خسائر السلاح التي تتكبدها المملكة من جراء هذه الحرب، فإنها تواجه تهديداً مستمراً من الحوثيين باستهداف أراضيها ومنشآتها الحساسة بالصواريخ الباليستية.
وأعلنت جماعة الحوثي خلال العامين الماضيين استهداف مواقع حساسة في السعودية من أبرزها قصر “اليمامة” بالعاصمة الرياض، ومنشأة تتبع لشركة “أرامكو”.
وحول ذلك، قالت صحيفة “فايننشال تايمز”، في تقرير سابق لها: إنه “بسبب صواريخ الحوثيين سيكون الاستثمار الأجنبي في السعودية أصعب”. وذكرت الصحيفة أن “التدخّل العسكري في اليمن أثار مخاوف المستثمرين خاصة بعد إطلاق صواريخ باليستية على الرياض”. وكالة “بلومبيرج” الاقتصادية الأمريكية، تناولت كذلك هذه القضية، وقالت في تقرير لها، مؤخراً: إن “الحرب على اليمن لا تظهر فيها مؤشرات على تحقيق أي نجاح، ومن ثم فإن السعودية وجدت نفسها مضطرة للإنفاق على الجانب الدفاعي قبلَ أي جانب آخر”. واتخذت الحكومة السعودية في الفترة الأخيرة سلسلة من الخطوات في محاولة لإنقاذ اقتصادها المتهاوي وزيادة إيراداته المالية.
ارسال التعليق