انتشار الأسلحة بين السعوديين.. ظاهرة متصاعدة تنذر بفوضى عارمة
"25 شخصاً؛ 6 رجال و16 سيدة وثلاثة أطفال، قتلوا في منطقة (عين دار) في محافظة بقيق بالمنطقة الشرقية بالسعودية عام 2012، نتيجة إطلاق أحد المواطنين النار في الهواء وتسببه بسقوط كوابل الكهرباء على الناس"، كانت هذه أكثر حوادث فوضى انتشار الأسلحة بالمملكة دمويةً.
وبعد هذه المأساة لم تتخذ السلطات السعودية أياً من الإجراءات العقابية الصارمة والرادعة ضد مروجي الأسلحة ومطلقي النار بين مواطنيها، وخاصة المراهقين منهم، إذ تتواصل عمليات إطلاق النار خلال المشاجرات وحفلات الزواج، وهو ما يتسبب بسقوط القتلى والجرحى.
وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الفترة والأخرى مقاطع فيديو تؤكد استمرار ظاهرة إطلاق النار في المدن والأحياء السعودية، دون وجود أي ردع أو عقوبات توقف حاملي هذه الأسلحة.
ويعد استخدام الأسلحة أثناء الأفراح والمناسبات "مخالفة صريحة لنظام الأسلحة والذخائر في السعودية"؛ ويتعرض مُطلِق الأعيرة النارية للعقوبة بالسجن أو الغرامة المالية، أو لكلتا العقوبتَين حسب الحالات المنصوص عليها في النظام، ورغم ذلك فالظاهرة في تزايد.
ويحرص الإعلام السعودي، بمختلف أشكاله؛ الرسمي والخاص، على عدم إظهار فوضى السلاح وانتشاره بين المواطنين، حيث لا يوجد أي تقرير رسمي يظهر حجم وجود الأسلحة مع المواطنين السعوديين رغم بروز الأسلحة في مناسباتهم المختلفة.
وكانت آخر إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية السعودية حول ضبط الأسلحة في أبريل 2018، حيث كُشف عن ضبط 27 ألفاً و580 قطعة سلاح، واعتقال 116 شخصاً في الفترة ذاتها كانوا متورطين في حيازتها أو تهريبها أو الاتجار بها، وعدد القضايا المتعلقة بالأسلحة 135 قضية.
وتكتفي وزارة الداخلية السعودية بنشر تعهدات والتزامات للمتقدمين للحصول على ترخيص لاقتناء الأسلحة النارية وذخائرها، دون الحديث عن أي أرقام أو إحصائيات حول انتشار الأسلحة، أو عدد الضحايا الذين قتلوا بسببها.
وتشترط الوزارة خلو المتقدم من الأمراض النفسية والعصبية وأية إصابة عضوية أو إعاقة بدنية، وتجاوز الفحص الطبي لاكتمال الحصول على رخصة السلاح.
وأعلنت عن حملة في يونيو الماضي، وأعطت مهلة تصحيح أوضاع من بحوزتهم أسلحة وذخائر نارية غير مرخصة، وضرورة التعهد بعدم تسليم السلاح للغير، أو التصرف فيها بالبيع، أو التنازل أو غيره، إلا بعد الحصول على رخصة وإذن مسبق من الجهة المختصة.
وأكدت ضرورة التزام حامل السلاح بعدد الذخيرة المسموح بها، وإذا ظهر خلاف ذلك يكون عرضة للمساءلة، والتعهد بعدم حمل السلاح المرخص داخل الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة أو الساحات المحيطة بهما والمساجد.
وتلزم وزارة الداخلية السعودية حاملي السلاح بعدم الاقتراب من المناطق العسكرية أو البترولية والدوائر الحكومية والمطارات والمساجد والشوارع والتجمعات العامة، وأثناء الاحتفالات الخاصة أو العامة، وعدم حمله بشكل ظاهر.
وتطلب الوزارة تعهداً من حاملي الأسلحة بأنهم على علم بأن المقصود بحمل السلاح هو "التنقل به في الأماكن المسموح بها فقط برخصة نظامية"، وأن المقصود باقتناء السلاح هو "حيازته برخصة نظامية وحفظه في مكان آمن، وعدم حمله والتنقل به إلا بعد موافقة الجهة المختصة".
ووفقاً للوائح تنظيم ترخيص السلاح الأخرى بالسعودية، يشترط ألا يقل سن طالب الرخصة عن 21 عاماً، وأن يكون خالياً من السوابق الجنائية والأمنية ما لم يرد إليه اعتباره، كما يشترط عدم إصابته بعاهة.
ويحتوي نموذج طلب ترخيص السلاح على كشف طبي ونموذج تعهد، إضافة لاستمارة رخصة السلاح، وتصدر التراخيص بعد استكمال الإجراءات من قبل إدارات الأسلحة والمتفجرات.
مصدر الأسلحةويحصل السعوديين على الأسلحة بمختلف أنواعها بعد تهريبها من المناطق الحدودية مع اليمن، إذ تنشط عمليات تهريبها والاتجار بها بسهولة، لكون أسعارها رخيصة داخل اليمن، وفق صحيفة "سبق" السعودية.
ويصل متوسط أسعار الأسلحة النارية المهربة وغير المرخصة بين السعوديين إلى 5000 ريال سعودي (1345 دولاراً أمريكياً) للمسدس، ورشاش "الكلاشنكوف" 8000 ريال سعودي (2150 دولاراً).
ويتم ترويج الأسلحة والذخائر في السعودية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة غير نظامية بشكل علني، حيث تضم تلك الصفحات عدداً كبيراً من المستخدمين، مع صور لأنواع مختلفة من الأسلحة المراد بيعها.
وخلال الفترة الماضية، شهدت العديد من المدن السعودية جرائم قتل استخدمت فيها أسلحة غير منظمة، كان أبرزها خلاف بالطائف نتجَ عنه مقتل مواطن (38 عاماً) بطلق ناري في صدره، وإصابة والده في السبعينيات من عمره بطلق ناري في بطنه.
وفي جدة أقدم مواطن على قتل صهره وإصابة زوجته بعد خلافات عائلية، من خلال استخدامه سلاحه الشخصي.
ومؤخراً تداول نشطاء قيام عدد من المراهقين بالظهور بأسلحة كلاشنكوف وإطلاق نار في إحدى المناطق في محافظة "حوطة بني تميم" جنوب الرياض.
ارسال التعليق