إجراءات مؤلمة في مملكة آل سعود
التغيير
يتعرض الاقتصاد السعودي، وهو الأكبر في المنطقة، لثلاث ضربات موجعة تتمثل في استمرار تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، والخسائر والتبعات الاقتصادية الفادحة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وما يفرضه الوباء من زيادة مخصصات قطاع الصحة وعجز إضافي في الموازنة العامة، وتوقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية الحيوية مثل العمرة، وربما الحج لاحقاً.
ومنذ أسابيع تحركت حكومة المملكة لتخفيف حدة تأثيرات الضربات الثلاث الموجعة للاقتصاد، حيث قررت خفض الإنفاق العام بنحو 50 مليار ريال، وتجميد تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى.
كما أعلنت المملكة عن التوسع في الاقتراض الخارجي، حيث تخطط لاقتراض 59 مليار دولار هذا العام (220 مليار ريال)، فيما كانت تخطط لاقتراض 32 مليار دولار، أي 120 مليار ريال قبل كورونا.
وواكب هذه الخطوات إلغاء تعاقدات عاملين في الجهاز الحكومي وتسريح آلاف الموظفين وخفض في الرواتب، بل إن الحكومة سمحت القطاع الخاص بخفض رواتب العاملين به بنسبة 40% وإنهاء عقود العمل.
والخطوة الأهم في معالجة تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية كانت عبارة عن سحب ما يقرب من 90 مليار ريال من أموال المملكة المستثمرة في الخارج، وهو ما أدى إلى تراجع احتياطي آل سعود من النقد الأجنبي بنحو 23.9 مليار دولار خلال شهر مارس/آذار 2020، ومن المتوقع استمرار السحب طالما استمرت أسعار النفط على حالها دون تحسن كبير.
ويبدو أن كل الخطوات السابقة لم تكن كافية لوقف تهاوي مؤشرات الاقتصاد السعودي ومواجهة تداعيات فيروس كورونا الخطيرة على المالية العامة ومنها خفض التصنيف الائتماني وتراجع الإيرادات العامة.
ولذا أقدمت الحكومة أمس على تطبيق المزيد من الإجراءات التقشفية التي ستكون تأثيراتها أكبر على المواطن، من بين تلك الإجراءات وقف صرف بدل غلاء المعيشة للمواطن بدءاً من الشهر المقبل، بهدف ترشيد الإنفاق، علما بأن البدل كان يستفيد منه 1.2 مليون مواطن، وبلغت قيمته 81.7 مليار ريال خلال عام 2019.
كما قررت الحكومة رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 بالمئة إلى 15 بالمئة، بدءاً من شهر يوليو/تموز المقبل، وهو ما سيؤدي إلى حدوث قفزات في أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطن. وربما يتم لاحقا زيادة الضريبة الانتقائية وسعر البنزين.
مملكة آل سعود، أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، تتخذ إجراءات مؤلمة حسب تعبير وزير المالية محمد الجدعان، لمواجهة الصعوبات المالية التي تواجهها، فماذا عن الدول العربية التي لا تمتلك آبار نفط أو غاز وتأثرت اقتصادياتها بشدة بوباء كورونا؟
وإذا كانت مملكة آل سعود وهي من تملك احتياطيات من النقد الأجنبي تقترب من 500 مليار دولار فعلت كل ذلك من إجراءات تقشف حادة، فما بالنا بدول عربية لا تمتلك واحدا في المائة من هذا الرقم وربما أقل؟
إذا كانت مملكة آل سعود، صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة وعضو نادي مجموعة العشرين، تتقشف بهذا الحد، فما بالنا بدول عربية عديمة الموارد؟
الأزمة الحالية صعبة وربما لن يفلت منها أحد، وإذا لم يجد العالم علاجاً سريعا لفيروس كورونا فإن الانهيار قادم قادم ولن يستثني أحداً، غنيا كان أو فقيرا.
ارسال التعليق