WP: اتهامات الفساد المتعلقة بمحمد بن نايف متناقضة
التغيير
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا بعنوان "الصعود المدهش والسقوط التراجيدي للأمير محمد بن نايف" نشرت صحيفة "واشنطن بوست" أعده ديفيد إغناطيوس وسرد فيه ابن نايف وقال فيه إن المعركة النهائية في العائلة المالكة تتشكل منذ أن قام محمد بن سلمان بالتخلص من سلفه في انقلاب أبيض في حزيران/ يونيو 2017. ولكن المعركة كما يقول أعمق من كونها تخلصا من ابن نايف فجذورها العميقة تعود إلى الخلاف بين أنصار الملك عبد الله الذي مات عام 2015 الذي حامى عن ابن نايف وبين حاشية خليفته الملك سلمان وابنه المتهور محمد.
ويرى الكاتب أن الجولة النهائية في هذه المواجهة تأخذ شكلها من خلال ما نقله عن مصادر سعودية وأمريكية أن لجنة محمد بن سلمان لمكافحة الفساد تقترب من إكمال تحقيقها في اتهامات وهي أن محمد بن نايف قام بتحويل مليارات الدولارات عبر واجهات تجارية وحسابات خاصة عندما كان يدير حملة مكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية. وعمل محمد بن نايف كمسؤول بارز مع والده الأمير نايف قبل أن يخلفه في الوزارة من عام 2012- 2017. وقال مقرب من محمد بن نايف إن المحققين طلبوا منه دفع 15 مليار دولار يزعمون أنه سرقها، رغم أن أحدا لا يعرف الكيفية التي حسبوا بها الرقم.
ويقول أنصار محمد بن نايف إن هذه الاتهامات كاذبة ومتناقضة مع المرسوم الملكي الصادر من الملك عبد الله عام 2007 والذي صادق على كل نشاطات الأمير بن نايف وقدموا تفاصيل عن نشاطاته التي تضمنت تقريرا سنويا عن نفقاته. وتكشف الوثائق التي قدمها المقرب من ابن نايف عن صحة ما يقوله أنصار ولي العهد السابق وهي أن الملك قدم موافقة عامة لكل نفقاته. ففي مرسوم سري صدر في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2007 ويظهر عليه توقيع الملك عبد الله المعروف أكد على "الدعم لوزير الداخلية محمد بن نايف لمواصلة إدارة مالية ونفقاتها بطريقة تدعم جهود مواجهة الإرهاب". ومنح المرسوم الأمير صلاحيات تشكيل "الآليات المناسبة في القطاع الخاص لإخفاء النشاطات الحساسة"، وتحدث المرسوم بشكل محدد على ضرورة قيام محمد بن نايف "إحاطتنا بنهاية كل سنة مالية" حول النفقات على التمويل السري.
وأضاف إغناطيوس أن تقريرا في عام 2013 من محمد بن نايف إلى الملك عبد الله اطلعت عليه الصحيفة لخص فيه النفقات السرية على مكافحة الإرهاب في تلك السنة المالية. وتعود الوثيقة إلى 20 أيار/مايو 2013. وتطلب المصادقة على إنفاق خمسة مليارات ريال (1.3 مليار دولار) على ثمانية مشاريع بما فيها 378 مليون ريال لإنشاء "مطارات سرية" و1.6 مليار ريال على "خدمات الطيران السري" و1.5 مليار دولار على "المصادر" الأمنية مثل الأسلحة.
والمطارات السرية هي على ما يبدو لما كشفت عنه هيئة الإذاعة البريطانية في شباط/فبراير 2013 وبناء قاعدة طائرات بدون طيار في المملكة قبل ذلك بعامين. وأعيد التقرير بعد يومين إلى محمد بن نايف وبرسالة من مدير الديوان الملكي خالد التويجري. وإلى جانب المصادقة على طلب خمسة مليارات دولار ملاحظة ربما جاءت من الملك "ما في مشكلة"، حسب الوثيقة التي اطلعت عليها الصحيفة. وقال المقرب من محمد بن نايف إن الوثائق هذه مودعة مع محامي الأمير في لندن وسويسرا وسيتم توفيرها في أي محاكمة دولية قد تعقد. ولم يرد مسؤول سعودي عمل مع محمد بن سلمان على طلب التعليق ولا سفارة مملكة آل سعود في واشنطن.
وقال مسؤولون سابقون في المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إنهم يعرفون بإدارة محمد بن نايف لهذه الحسابات السرية لمكافحة الإرهاب وأنها استخدمت لتمويل المشاريع الأمريكية ومشاريع آل سعود. وشرح مدير سي آي إيه السابق جون برينان وعمل بشكل قريب مع محمد بن نايف "منحت وزارة الداخلية ميزانية لبناء قدراتها وتوظيف عاملين وتطوير الخدمات الأمنية لاختراق القاعدة.. وكان رأي عبد الله أن عليه الاستثمار في النشاطات التي يقودها محمد بن نايف، والذي كان واحدا من المفضلين لديه". وناقش برينان الاتهامات التي قدمها سعوديون مقربون من محمد بن سلمان قائلا: "خلال تعاملي مع محمد بن نايف، لم يكن الشخص الذي أعتقد أنه منخرط في الفساد أو يختلس المال".
أما جورج تينت الذي كان مدير (سي آي إيه) عندما تولى محمد بن نايف مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية عام 2003 فقد تحدث عنه بعبارات براقة في مذكراته "في مركز العاصفة: سنواتي في سي آي إيه" والصادر عام 2007 حيث قال: "كان رجلا بنينا معه علاقة ثقة واحترام كبير" و"الكثير من النجاحات أمام القاعدة كانت بسبب شجاعته".
قصة محمد بن نايف
ويقول إغناطيوس إن قصة ولي العهد السابق كما سمعها ولخصها من العارفين والمقربين منه تلخص التحول البطيء للمملكة نحو الحداثة، رغم أنها كانت تعاني من تناحر وحسد داخل العائلة الحاكمة.
وتولى والده الأمير نايف، نجل مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود وزارة الداخلية في الفترة ما بين 1975 إلى 2012، أي لمدة 37 عاما.
وجسد الأمير نايف الحرس السعودي القديم، فقد كان محافظا وواعيا بدور المؤسسة الدينية الوهابية. وفي عهده كانت الوزارة مجرد بيروقراطية بطيئة مجردة من أي أدوات الخدمة الحديثة. وبدا هذا الضعف واضحا عندما بدأت مملكة آل سعود تدعم حرب أفغانستان وأخذ السعوديون يسافرون إلى هناك حيث مالوا نحو تنظيم القاعدة. وكانت الوزارة بحاجة إلى تحديث حيث شجع ولي العهد في حينه الأمير عبد الله، والحاكم الفعلي نظرا لمرض الملك فهد، محمد بن نايف على العمل في الوزارة كمساعد لوالده.
وكشاب عاش مثل غيره من أبناء العائلة حيث باع العقارات في جدة ودخل مغامرات تجارية مع شركاء من العائلة المالكة. ويتذكر الأصدقاء أنه كان يحب الحصول على المال وإنفاقه. وما كان يميزه وأعجب الملك هي شهادته الجامعية من أمريكا وإتقانه اللغة الإنكليزية بشكل جيد، بالإضافة لتدريبه على مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) وإسكتلند يارد.
وكان أول مشروع له عام 1999 هو تحديث أكاديمية الشرطة التي كان يتم اختيار أفرادها من خلال المحاباة والمحسوبية. وقام بإصلاح الأكاديمية بمساعدة من سعد الجبري، الذي واصل دراسته وحصل على دكتوراة في علم الكمبيوتر من جامعة إدنبرة. وظلت الشراكة بينهما حتى الإطاحة بمحمد بن نايف. وبعد الأكاديمية كلف ابن نايف الجبري بإعادة تنظيم مكتب الشؤون العسكرية في الوزارة، والذي كان مركزا للمحسوبية وبأداء فقير.
وواجه محمد بن نايف أول امتحان له عام 2000 في مدينة نجران التي تعيش فيها أقلية من الطائفة الإسماعيلية. وبعد اعتقال رجل إسماعيلي بتهمة الشعوذة انشق عدد من الضباط العسكريين وتعرض مكتب أمير المنطقة للهجوم. ودعا الحرس القديم إلى رد قوي إلا أن محمد بن نايف توصل لمصالحة ظلت جزءا من أسلوبه.
واجهات
ولأن الإصلاح يحتاج لتمويل فقد أعطى الملك عبد الله الأمير في عام 2003 صلاحية لاستخدام نسبة 30% من موارد الوزارة التي يتم تحصيلها من الغرامات وإصدار جوازات السفر ورسوم الإقامات وغير ذلك من الموارد. وكانت هذه بداية العلاقة المالية التي قادت إلى التحقيق الحالي، حسبما قال المقرب من ابن نايف. وعندما حدثت هجمات 9/11 كانت المملكة بطيئة بالرد واقتنع الأمير نايف أنها مؤامرة تهدف إلى تشويه سمعة المملكة.
وظل موقف آل سعود المنكر حتى أيار/مايو 2003 عندما هاجم أتباع القاعدة مجمعا سكنيا للأجانب وقتلوا 35 شخصا، وعندها سافر تينت على عجل إلى الرياض وأخبر الملك عبد الله أن المملكة تواجه تهديدا خطيرا. وتذكر تينت اللقاء مع الملك عبد الله والذي حضره نايف وابنه وبندر بن سلطان، السفير السعودي في حينه والذي قام بالترجمة. وقام تينت بتحذيره قائلا إن مؤامرات القاعدة "موجهة ضد عائلتك والقيادة الدينية" وحثه على "إعلان الحرب" كما كتب في مذكراته. وعين الملك عبد الله القائد في اللقاء "ونظر الملك إلى محمد بن نايف وقال أمام الآخرين: ستكون مسؤولا عن ملف مكافحة الإرهاب".
وقام محمد بن نايف بإعادة إصلاح الخدمات السرية فيها خاصة "المباحث" وقام بتمويل عمليات الوزارة من نسبة 30% التي خصصها من الموارد إلا أن النفقات زادت، وبحلول عام 2006 قرر الملك عبد الله أن يعطي محمد بن نايف أموالا للعمليات السرية خاصة ضد تنظيم القاعدة في اليمن. وكانت الأموال مدفوعة بالعملية الجريئة التي قام بها التنظيم الذي حفر عام 2006 نفقا من 460 قدما لتحرير 23 من أفراده في السجن بمن فيهم أحد المشاركين في الهجوم على البارجة الأمريكية عام 2000.
وتلقى محمد بن نايف المساعدة الإضافية 200 مليون ريال (53 مليون دولار) عام 2006 لكي يدعم عملياتها ضد القاعدة في اليمن. وتؤكد وثيقة الملك عبد الله، 2007 أنه وافق على كل التمويلات بما فيها عملية الأموال المخصصة لمكافحة القاعدة في اليمن. وأكدت الوثيقة نقاطا أخرى وهي استمرار محمد بن نايف في إنفاق ما يحتاجه لمكافحة الإرهاب.
وبتقرير سنوي للملك يمكنه أن ينظم شركات خاصة "حسبما يراه مناسبا" بالإضافة للحصول على جزء من موارد الوزارة حيث رفع النسبة من 30 إلى 45%. وأرسل الملك المذكرة إلى نايف الذي كان وزيرا والذي رد بتعليق بخط يده "في الحقيقة هذا دعم عظيم من سيدي خادم الحرمين الشريفين".
ومنح ابن نايف بناء على المرسوم صلاحية كتابة شيكات من ميزانية مملكة آل سعود. ومن أجل القيام بعمله قام بإنشاء واجهات تجارية أطلقت عليها سي آي إيه "عقارات" للقيام بعمليات سرية. وأخبر المسؤولين في الوزارة أنه قام بتقليد المعايير التي تتبعها المخابرات الدولية وأراد إنشاء الشركات التي يمكن من خلالها تأمين التكنولوجيا ونقل الأسلحة والأفراد بدون "إحراج" آل سعود.
وطلب ابن نايف من مساعدين له الإشراف على الشبكة، وهما الجبري وعبد الله الحمد، المسؤول البارز في الوزارة. ولتعويضهم عن إدارة النظام وعدهم بنسبة 5% من أرباح الشركات المملوكة، حسبما ورد في الوثيقة التي اطلعت عليها الصحيفة. وهذا الترتيب ممنوع في الوكالات الأمنية الغربية ولكن مملكة آل سعود كانت تعمل بطريقة مختلفة في مجال المكافأة على الولاء. وتم إدارة الواجهات التجارية من خلال شركة سكاب القابضة، ومقرها الرياض.
ومعنى سكاب هو الخيل التي تتحرك مثل انسياب المياه. وبحسب بنود إنشاء المجموعة التي تعود إلى 9 أيار/مايو 2008 فقد عينت مديرين اسميين لها بنسبة 1% من الأرباح السنوية. وأدارت سكاب أربع عمليات وكلها في الرياض: ألفا ستار أفييشين سيرفسز التي قامت بنقل رجال الأمن وأسلحتهم، وشركة بناء تشاركت مع شركة إنشاءات تركية معروفة قامت ببناء البنى الخاصة بالمباحث بما فيها المقرات الجديدة. وهناك سيكيورتي كونترول التي وفرت العربات المصفحة وخدمات أمنية أخرى.
والرابعة هي تكنولوجي كونترول التي عملت مع الشركات الأمريكية وشركات بمملكة آل سعود لتوفير خدمات التشفير وفكها والبحث عن البيانات وخدمات رقمية أخرى. وأكد ابن نايف في تقريره السنوي للملك "أريد أن أوكد لجلالتكم أن المعلومات متوفرة في أضيق الدوائر وكل خطوة تم توثيقها توزع بسرية عالية". وبالنسبة للولايات المتحدة التي كانت تخاف قبل سنوات من سيطرة القاعدة على مملكة آل سعود فقدرات مالية جيدة للقيام بالعمل ومتوفرة لمحمد بن نايف كانت بمثابة منحة من السماء.
أقوى وزارة
وفي برقية للسفارة الأمريكية بمملكة آل سعود كشفت عنها ويكيليكس، مؤرخة بـ 30 آذار/مارس 2000 وأرسلت لوكالات الاستخبارات الأمريكية في واشنطن، تفاخر كاتبها بأن وزارة الداخلية هي أكثر وزارة محلية مؤثرة في مملكة آل سعود "الكلب الأكبر".
وجاء فيها إن محمد بن نايف "يحظى باحترام عال" من الملك عبد الله وتابعت: "يحترم من الرأي العام السعودي لفاعليته في هزيمة القاعدة بالمملكة وإدارته برنامجا لمكافحة التشدد والذي كسب دعما واسعا من الشعب والقبائل.. والنتيجة هي من مصلحة أمريكا العامة ويمكن أن تدار بطريقة فاعلة وتعاونية داخل المملكة".
وقال مسؤول أمريكي سابق "كل واحد في حكومة الولايات المتحدة فهم أن محمد بن نايف لديه سلطة واسعة من الملك للإنفاق" مع أن هذه القناة التي مولها السعوديون كانت في عمليات مشتركة أمريكية- سعودية. والإنفاق الأجنبي كان خارج الرقابة التشريعية في أمريكا، إلا أن المسؤول أكد أن هذه الأموال لم تنفق بطريقة سيئة.
وأثمر التعاون في عام 2010 عندما اكتشفت مملكة آل سعود مؤامرة لنقل قنابل بلاستيكية تم زرعها في علب طابعات الكمبيوتر والتي كانت سترسل عبر الطائرات الدولية.
وأدت العملية التي قام عملاء تابعون لمحمد بن نايف لكشفها إلى إنقاذ حياة الكثيرين. وكان بإمكان محمد بن نايف كتابة شيكات من المصرف المركزي السعودي. وكان الشيك الأول بقيمة 300 مليون ريال ومؤرخ في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. وتم إيداعه في حساب لمحمد بن نايف كما يقول المقرب منه وبملاحظة "الوزير المساعد لشؤون الرقابة الأمنية للعمليات الأمنية الخاصة العاجلة" ثم قامت سكاب بإدارة المال في الحساب لتقديم واجهة تجارية. وقال المقرب من محمد بن نايف إن المال منحه قوة استثنائية "أن يكون لديك حساب سري باسمك هو الكأس المقدمة في مملكة آل سعود".
وبهذه المالية الخاصة أصبح محمد بن نايف مؤتمنا على عمليات سرية لتوزيع المال إلى الأمراء والأعيان. وهذه الدفعات هي ممارسة معروفة في مملكة آل سعود كوسيلة لتحسين الأمن من خلال المشاركة في بعض أموال العائلة. وتلقى الأمراء البارزون مثل سلمان عندما كان أميرا للرياض ونايف عندما كان وزيرا للداخلية رواتب بملايين الدولارات.
ووثق عبد الله بمحمد بن نايف وزادت الثقة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في 27 آب/أغسطس 2009 حيث سارع الملك لزيارته في المستشفى. ولم تتراجع ثقة الملك عبد الله به خاصة بعد توليه منصب وزير الداخلية بعد وفاة والده. وعند وفاة الملك عبد الله تم تعيينه وليا للعهد ولكن تعيين محمد بن سلمان نائبا له كان نذير شؤم له. وعلم محمد بن نايف أن موقعه المميز قد انتهى بوفاة عبد الله. ويقول مسؤولون سعوديون وأمريكيون إنه بدأ منتصف عام 2015 بتجميد شبكته السرية وتحويل ملكيتها لهيئة الاستثمارات العامة. وفي رسالة مكتوبة باليد ومؤرخة في 1 آب/أغسطس 2015 وتشير إلى التقييم وزيادة في القيمة لشركات مثل ألفا ستار التي كانت قيمتها بعد اقتطاع القروض والعلاوات والنفقات، 4.5 مليارات ريال.
أما شركة تكنولوجي كونترول فقيمتها 464 مليون ريال وسيكيورتي كونترول، مليار ريال، وكانت الحصيلة الإجمالية من هذه الشركات هي 5.9 مليار ريال (1.6 مليار دولار). ولكن آثار محمد بن سلمان بدأت تظهر في الديوان الملكي. ففي أيلول/سبتمبر 2015 عزل مساعد محمد بن نايف، الجبري بعد لقائه مع برينان. وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2015 أمر محمد بن نايف الجبري بالتحرك وتجميد الشركات القائمة. ومع أنه وعد الجبري وحماد بنسبة 5% من الأرباح إلا أنه أعاد النظر بها إلى النصف وتم الدفع في نهاية 2015. ورفض الجبري المقيم في تورنتو التعليق ولم يتم التوصل إلى حماد الذي يعتقد أنه في السجن. وبحسب المسؤولين الأمريكيين فلم يكن محمد بن نايف مبذرا مقارنة مع الأمراء البارزين، ولكنه زاد من ثروته الخاصة أثناء عمله في الحكومة. وربما عمل كل شيء بمباركة من الملك كما تقترح الوثائق. ولكن المشكلة الكبرى للمملكة هي الفساد. وبالمقارنة فمحمد بن سلمان مسرف في النفقات ولكنه لاحق الأثرياء ورجال الأعمال. وما يثير الخوف حول سجن محمد بن نايف ومحاكمته هي استخدام ابن سلمان موضوع الفساد لتدمير منافسه.
الفصل الأخير
ويعلق إغناطيوس أن الفصول الأخيرة من مسيرة ابن نايف تشير إلى حتمية حزينة: فهو لم يكن متساويا في قدرة محمد بن سلمان لحماية أصدقائه ومعاقبة أعدائه. ويقول أصدقاؤه السعوديون والأمريكيون أن قدرته كانت محدودة بسبب المسكنات التي بدأ بتناولها بعد محاولة اغتياله. وما زاد من قوة محمد بن سلمان هي انتخاب دونالد ترامب في عام 2017. وقام الجبري بالهرب من مملكة آل سعود في أيار/مايو 2017.
وبعد شهر استدعي ابن نايف وطلب نائبه الإسمي منه استقالته. ولكنه طلب الاتصال بأميرين وهما خالد بن سلطان ومحمد بن فهد، وأخبرهما أن اللعبة انتهت، فقد قاموا بعقد صفقات مع منافسيه وليس أمامه إلا الاستقالة. وصدر مرسوم ملكي في 21 حزيران/يونيو 2017 بتعيين محمد بن سلمان وليا للعهد. وقام بعض أصدقاء ابن نايف في الوزارة بتغيير ولائهم ودعموا ابن سلمان واعتقل آخرون وعذبوا. واستفزت اعتقالات ريتز كارلتون في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 المعارضين لابن سلمان، وشدد الحصار على ابن نايف، ومنعت زوجته وابنتاه من السفر.
وصادرت السلطات 21 مليار ريال ( 5.6 مليارات دولار) من أرصدة العائلة بما فيها 17.8 مليار ريال (4.7 مليارات دولار) في ودائع خاصة و3.1 مليارات ريال (826 مليون دولار) متعلقة بسكاب. واعتقل ابن نايف في 6 آذار/مارس 2020 إلى جانب عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز بتهمة التآمر على النظام. ويقول الكاتب أنه "من الصعب تصديق أن هذه الرأس ترتدي التاج" في إشارة لمسرحية هنري الرابع. ويصدق هذا على كل ولي عهد في الماضي والحاضر.
فالصعود الباهر والسقوط التراجيدي لمحمد بن نايف هي تراجيديا شكسبيرية مسرحها الصحراء. ومهما كانت أخطاء ابن نايف فقد اعتبره المسؤولون الأمريكيون الذين عملوا معه كبطل ساعد على إنقاذ بلده عندما كانت تتعرض لتهديد وجودي وتذكروا شعار المباحث التي أعادت محمد بن نايف "وطن لا نستطيع حمايته ليس من حقنا العيش به".
ارسال التعليق