مشرعون أمريكيون يحذرون من خطر اليورانيوم السعودي
التغيير
حذر مشرعون من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الرئيس “دونالد ترامب”، من أن البرامج النووية والصاروخية غير المعلنة للسعودية تشكل تهديد خطيرا للجهود المبذولة لوقف انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” فقد طلبت المجموعة إحاطة حول هذا الأمر.
وذكرت الصحيفة أن إحاطة أعضاء مجلس الشيوخ تأتي بعدما كشفت في وقت سابق من هذا الشهر بأن السعوديين، وبمساعدة من الصين، قاموا ببناء منشأة لاستخراج ما يعرف بـ ”كعكة اليورانيوم الصفراء” التي تُستخدم وقوداً للمفاعلات، مؤكدة أن هذه الخطوة تعد مهمة للمملكة في إطار امتلاك التكنولوجيا النووية.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين غربيين اعتبروا الخطوة السابقة، بمثابة تقدم في حملة المملكة الغنية بالنفط لكي تتمكن في التحكم في التكنولوجيا النووية.
وأشارت إلى أن السيناتور “كريس فان هولين”، ومعه اثنين آخرين من الحزب الديمقراطي و3 أعضاء جمهوريون من مجلس الشيوخ، كتبوا رسالة إلى ترامب قالوا فيها إن: مملكة آل سعود تستعد لتطوير المرحلة الأمامية لدورة الوقود (إجراء تعدين الخام، أي تشغيل المناجم لاستخراج خام اليورانيوم). وهذه التقنيات إذا لم تتم السيطرة عليها، ستسمح للرياض قدرة كامنة على إنتاج مواد انشطارية للأسلحة النووية.
وفى وقت سابق، نقلت الصحيفة عن مسؤولين غربيين قولهم إن المنشأة التي لم يتم الكشف عنها علنا، تقع في بلدة “العلا” النائية، ذات الكثافة السكانية المنخفضة في شمال غربي الجزيرة العربية.
وتعود المخاوف الأمريكية إلى أن مملكة آل سعود لم تطبق بعد قواعد الرقابة الدولية على مشروعها النووي، وهي ماضية به، بحسب صور التقطتها الأقمار الصناعية، وفقا لما أوردته وكالة “بلومبرج” في مايو/أيار الماضي.
وكشفت الصور كيف أقامت المملكة سقفا فوق المنشأة النووية قبل أن تطبق التنظيمات التي تطلبها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تسمح للمفتشين بالتحقق المبكر من تصميم المفاعل.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن تأجيل المراقبة لحين استكمال المفاعل البحثي سيكون “أمرا غير عادي، ولا يتم تشجيعه في ظل التنظيمات التي تحدد عمل المفاعلات النووية لأغراض مدنية، والتأكد من عدم استخدامها لإنتاج السلاح النووي”.
وفي وقت سابق رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الحديث عما إذا كانت واشنطن قد أثارت القضية مع الرياض، لكنه قال إن واشنطن حذرت شركاءها من خطر التعامل مع المؤسسة النووية المدنية الصينية.
وفى منتصف العام الماضي (2019)، كشفت وسائل إعلام أمريكية أن مملكة آل سعود توشك على الانتهاء من بناء أول مفاعل نووي لها جنوب غربي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في العاصمة الرياض.
وتعود طموحات آل سعود النووية إلى عام 2006 على الأقل حين شرعت في البحث عن خيارات لتطوير الطاقة النووية في إطار برنامج مشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وأدرجت مملكة آل سعود خططها النووية ضمن “رؤية 2030” التي وضعها محمد بن سلمان بغية تنويع موارد اقتصاد بلاده بعيدا عن النفط.
ويقول مايكل شنايدر ناشر تقرير “وضع الصناعة النووية العالمية” إنه “إذا قررت دول ما بناء محطة للطاقة النووية، فسيتعين علينا النظر في قضايا أخرى تمثل في حقيقة الأمر محركات لتلك المشاريع”.
تجدر الإشارة إلى أن مملكة آل سعود طرحت عطاءات على الشركات لتقديم عروضها لبناء مفاعلين للطاقة، لكنها لم تسند عقدا بعد لأي منها. ورغم أن تلك الخطط لا تزال على الأوراق، فإن المملكة تمضي في بناء أول مفاعل للبحوث النووية خاص بها.
بيد أن ثمة أمورا مزعجة تحيط بالمشروع السعودي، حسب تعبير المقال. فالمفاعل البحثي الذي بدأ السعوديون في بنائه أوائل عام 2018 قد تأخر إنجازه عن الموعد الزمني المحدد. لكن هناك مؤشرات قوية تدل على أن الرياض تسير الآن قدما نحو الهدف “بهمة متجددة”.
وكانت الرياض قد وقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، التي تلزمها بإبرام “اتفاقية الضمانات الشاملة” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”. غير أن تلك الاتفاقيات لا تسمح لمفتشي الوكالة بفحص المواقع النووية متى شاؤوا وفي غضون مهلة زمنية قصيرة.
والحالة هذه، فإن مملكة آل سعود ليست الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتوخى السرية بخصوص مخططاتها النووية. فهناك العراق الذي تعرض برنامجه النووي السري إلى التفكيك عقب الغزو الأميركي إبان حرب الخليج عام 1991، ومن دول الشرق الأوسط الأخرى التي تحرت السرية في برامجها النووية، ليبيا والجزائر وسوريا.
وفي عام 2015 وقعت إيران مع الدول الكبرى خطة العمل الشامل المشترك -فيما يعرف إعلاميا بالاتفاق النووي- قبل أن تقرر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب منها في عام 2018.
ومع أن واشنطن انتهجت مواقف متشددة إزاء برنامجي العراق وإيران النوويين، إلا أنها تجاهلت برفق برنامج إسرائيل النووي الذي وصفته الكاتبة بــ “جد” تلك البرامج في منطقة الشرق الأوسط.
وهناك منتقدون كثر لنظرية الردع هذه، لأن من المستحيل إثبات نجاعتها. وثمة ما يدحض تلك النظرية هو أن الدول النووية -أو تلك التي يعتقد بامتلاكها للسلاح النووي- لا تزال تتعرض لهجمات بأسلحة تقليدية.
غير أن تطوير أسلحة نووية بذريعة الحاجة إلى قوة ردع تنطوي على احتمالات سلبية لدول الشرق الأوسط، لأنها قد تحيلها إلى “بيادق نووية” في حرب نووية بالوكالة عن القوى العظمى.
ارسال التعليق