ما تداعيات إدراج واشنطن لـ "أنصار الله" على قائمة الإرهاب؟
التغيير
بينما اقتربت نهاية ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورحيله عن السلطة اتخذت إدارته خطوة جديدة للضغط على إيران، من خلال تصنيف حركة أنصار الله في اليمن جماعة الإرهابية.
وبينما تعتبر المملكة وحكومة هادي أن هذه الخطوة هدية لهم، باعتبار حركة أنصار الله انقلبت على الرئيس عبد ربه منصور هادي، يعتقد مراقبون أن لها آثار سلبية وتداعيات على الشعب اليمني، وهو ما اعترفت به أيضاً الخارجية الأمريكية من أن ذلك سيؤثر على الوضع الإنساني في البلاد.
وتصنيف الولايات المتحدة لحركة أنصار الله منظمة إرهابية أجنبية يرى مراقبون أنه سيحد من التواصل الدبلوماسي الغربي مع الحركة، في مقابل ذلك سيكون لدى أنصار الله مجال أوسع للمماطلة وتجاهل المناشدات الدولية لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب، وربما إيقاف المفاوضات مع الحكومة اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة.
حركة أنصار الله جماعة إرهابية
بعد 4 سنوات من التهديدات الأمريكية بتصنيف حركة أنصار الله في اليمن جماعة إرهابية، وجدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنتهية ولايته، فرصة أخيرة لتنفيذ تهديداتها، بإعلان وزير الخارجية مايك بومبيو تصنيف حركة أنصار الله اليمنية منظمة إرهابية، ووضع ثلاثة من قادتها، من بينهم زعيمها عبد الملك الحوثي، على قائمة الإرهاب.
وقال بومبيو، في بيان له في 11 يناير 2020: "إن وزارة الخارجية ستخطر الكونغرس بتصنيف حركة أنصار الله اليمنية، منظمة إرهابية أجنبية".
وأضاف: "تم إدراج ثلاثة من قادة أنصار الله وهم: عبد الملك الحوثي، وعبد الخالق بدر الدين الحوثي، وعبد الله يحيى الحكيم (الملقب بأبو علي الحاكم)، على قائمة الإرهابيين الدوليين".
وفي بيان على موقع وزارة الخارجية أوضح بومبيو أن "التصنيف يهدف إلى محاسبة (أنصار الله) على أعمالهم الإرهابية، بما فيها الهجمات العابرة للحدود التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري".
تداعيات سياسية وإنسانية
يشكل إعلان حركة أنصار الله جماعة إرهابية تطوراً جديداً في الأزمة اليمنية، وهو ما قد يضع التعامل الدولي مع هذه الحركة من جانب الأمم المتحدة ومبعوثها الرسمي لليمن في تحدٍّ جديد، في حال أعلن أنصار الله وقفهم أي تفاوضات مع الحكومة اليمنية.
لكن في المقابل فإن الجانب الإنساني هو أكبر المتأثرين من القرار، ويضع على عاتق المنظمات الدولية والدول الكبرى ثقلاً كبيراً، مع وصف الأمم المتحدة ما يحدث في اليمن بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وسبق أن حذَّرت منظمات دولية، وفي مقدمتها "هيومن رايتس ووتش" من تداعيات أي تصنيف أمريكي، وقالت، في تقرير صدر في 11 ديسمبر 2020: إن "العديد من اليمنيين باتوا على شفا المجاعة بالفعل، والتحركات الأمريكية التي تتداخل مع عمل منظمات الإغاثة ستكون لها تداعياتٌ كارثية".
وأضافت: "أي تصنيف لأنصار الله يجب على الأقل أن يتضمن إعفاءات واضحة وفورية للمساعدات الإنسانية".
وحمل بيان وزير الخارجية الأمريكي الذي أعلن فيه تصنيف أنصار الله كإرهابيين، تأكيداً من واشنطن أنها تخطط "لاتخاذ تدابير للحد من تأثير القرار على بعض الأنشطة الإنسانية والواردات إلى اليمن، وضمان استمرار شرايين الحياة الأساسية".
تسوية خارجية.. ووسيلة ضغط
يرى الصحفي اليمني عامر الدميني أن تصنيف أنصار الله جماعة إرهابية "لم يأتِ من أجل اليمنيين إلا بمستويات بسيطة"، مشيراً إلى أن نص البيان أشار صراحة إلى أنه بسبب "الهجمات المتكررة على المملكة، واستهدافها للملاحة الدولية، والأهم تحالفها مع إيران".
وفيما يتعلق بالعقوبات ضد قيادات أنصار الله يقول الدميني: "هم مشمولون بالعقوبات الأممية، ولم يتغير من الأمر شيء منذ معاقبتهم، مع فارق أن العقوبات الأمريكية إن طبقت فستكون أكثر قساوة عليهم".
وعن التداعيات التي ستنتج عن هذا القرار يشير إلى أنه "ربما يؤدي لمزيد من التداعيات على الجانب الإنساني لليمنيين بشكل عام"، موضحاً: "هناك الكثير من المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن ستتضرر من هذا القرار، رغم تأكيد الخارجية الأمريكية على تقديم المساعدات وتسهيل وصولها".
ترحيب سابق ومطالبات
عقب معلومات عن اعتزام واشنطن إدراج أنصار الله على لائحة الإرهاب، سارعت المملكة، مطلع ديسمبر الماضي، على لسان سفيرها في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، إلى الترحيب بهذا الإعلان، قائلاً إنها "خطوة إيجابية".
ومنذ تدخل التحالف بقيادة المملكة في اليمن في مارس 2015، طالبت حكومة هادي بتصنيف جماعة أنصار الله "جماعة إرهابية".
وجددت الحكومة، مطلع العام 2021 مطالبها بإدراج "أنصار الله" ضمن قوائم الإرهاب الدولي، عقب سقوط 28 قتيلاً وأكثر من 100 جريح في قصف مطار عدن خلال وصول الحكومة الجديدة التي وجهت اتهامها المباشر لأنصار الله.
مطار عدن
وفي 5 ديسمبر 2020، دعا نائب الرئيس اليمني، علي محسن صالح، خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، المجتمع الدولي والولايات المتحدة إلى الإسراع في إدراج أنصار الله ضمن "قوائم الإرهاب".
وعقب صدور القرار أيدت وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية القرار الأمريكي، ودعت إلى مزيد من الضغط السياسي والقانوني على أنصار الله.
وفي المقابل لقي إعلان بومبيو تنديداً من جانب قيادات أنصار الله ، إذ قال عضو المجلس السياسي الأعلى للحركة محمد علي الحوثي، في تغريدة على "تويتر"، إن أنصار الله تحتفظ "بحق الرد أمام أي تصنيف ينطلق من إدارة ترامب أو أي إدارة، ولا يهم الشعب اليمني كونها شريكاً فعلياً في قتله وتجويعه".
تداعيات مختلفة
المحلل السياسي اليمني خليل مثنى رأى أن تصنيف واشنطن أنصار الله حركة إرهابية "سيكون له تداعيات كبيرة على الحركة، وإن ادعت لا مبالاتها بهكذا قرار".
وفي حديثه لـ"التغيير"، يعتقد أن "التصنيف لن يقتصر على أمريكا فقط، بل ستتبعها الحكومات الأخرى والمنظمات الدولية، والتي بعد ذلك ستلزم كل أعضائها بفرض عقوبات وعدم التعامل مع أنصار الله".
ويضيف: "من الناحية العسكرية يعني القرار مزيداً من تشديد مراقبة الحدود اليمنية، لمنع إيصال الأسلحة لأنصار الله ، وقد يستدعي الأمر ضربات أمريكية جوية مباشرة لاستهداف قادة الحركة" .
أما من الناحية الاقتصادية فيشير إلى أن ذلك سيؤدي إلى "فرض عقوبات مالية وتجميد أموال وحسابات مصرفية لشخصيات وشركات تابعة لقيادات في أنصار الله أو الموالية لها"، مشيراً إلى أن التقارير تتحدث عن امتلاك قيادات شركات عملاقة ستكون هدفاً لتلك العقوبات.
ويتفق خليل مثنى مع أن القرار الأمريكي سيؤثر على الجانب الإنساني مع حظر تعامل المنظمات الإنسانية والإغاثية إدارياً أو مالياً مع أنصار الله، مضيفاً: "هذا سيكون له تأثير بالتأكيد على شريحة واسعة من المستفيدين في بلد يعيش أسوأ انسانية في العالم".
وأضاف: "كما سيتم استهداف منصات قيادة أنصار الله في وسائل الإعلام، في فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها، باعتبارها منصات تنشر الأفكار الإرهابية، ومن المتوقع أن تغلق حسابات قناة المسيرة وحسابات قيادات أنصار الله".
وإلى جانب ذلك، وفقاً لمثنى، "سنشاهد محاكمات في أمريكا لأشخاص وهيئات متورطة بدعم أنصار الله كما حدث في حالات مشابهة، وسوف يتم تقييد السفر لوفود الحركة التي ظلت تجوب دول العالم خلال الفترة الماضية بحرية كاملة".
ارسال التعليق