اعتراف سعودي لا يجب ان يتجاهله اليمنيون
صلاح السقلدي
قال وزير الخارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان آلــ سعود في حديث له مع وكالة الأنباء الألمانية، يوم أمس الأول الأربعاء : ( تدخلنا ” بالحرب باليمن’ مع شركائنا لمساعدة وحماية الحكومة اليمنية، وكنا نأمل ألا يطول الأمر، لكنه للأسف استغرق وقتا أطول مما كنا نتمناه ولا ما نزال نواصل مساعينا للعثور على طريق سياسي لحل الأزمة، نأمل في التعاون مع الشركاء في المجتمع الدولي عبر ممارسة المزيد من الضغوط لجعل الحوثيين يقبلوا بوقف إطلاق النار ثم الدخول في حوار سياسي). انتهى.
هذا التصريح لوزير الخارجية السعودية من أوضح التصريحات السعودية التي قيلت من مسئولين سعوديين بشأن طبيعة الهدف السعودي الرئيس من التدخل بالحرب في اليمن، وأن لم يكن هذا التصريح قد أوضح اكثر لطبيعة والأهداف الأخرى الغيرمعلنة لتدخلها باليمن إلا أن اشارتها هنا الى أن من ضمن اهدافها حماية الحكومة اليمنية يعبر عن حالة من التجلي والمكاشفة بدأت تظهر مؤخرا بأحاديث الساسة السعوديين .
فمن جُـملة أهداف المملكة من عاصفتها العسكرية هو حماية الحكومة اليمنية، وليس الشعب،. فهذه الحكومة- او بمعنى أدق هذه السلطة اليمنية الموالية للرياض والمعترف بها دوليا- هي من أدخل التحالف والسعودية اليمن- او هكذا اعلنت السعودية ليلة انطلاق عاصفتها الحزمية من واشنطن-. وهي (الحكومة) من تراهن عليها السعودية ان تحمي مصالحها باليمن، وبشرعيتها السياسية المستمدة من مجلس الأمن تستمد السعودية والتحالف شرعيتهما بهذه الحرب،فبقاء هذه السلطة يعني للتحالف بقاء مشروعية حربه،والنخلي عنها او تشتتها يعني نهاية لمشروعية حربه وانتفاء مبرر بقائه باليمن،ولهذا فعلا السعودية والتحالف قد قدِمَ الى اليمن بقضه وقضيضه لحماية هذه السلطة والاحتماء بها لتحقيق أهدافه الرئيسية الغير معلنة من هذه الحرب، والتي لا تُخطأها عين، يمكن ايجازها بالاتي:
لإستعادة السعودية لدورها المهيمن على الساحة اليمنية الذي ظل عقودا طويلة، حتى فقدته عام 2014م بسيطرة الحركة الحوثية(أنصار الله) المسنودة من إيران (الخصم التاريخي للمملكة) على مقاليد الأمور باليمن وعلى العاصمة صنعاء تحديدا، وكذا لتثبيت مواطىء أقدام سعودية واماراتية على الأرض وعلى الممرات والموانى والجُـزر الاستراتجية تحديدا، من محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان شرقا حتى محاففظة الحُديدة غربا، مرورا بعدن ومينائها الهام وباب المندب وارخبيل سقطرة الحيوي،على خط الملاحة في بحر العرب، في وقت نشهد فيه تنافسا محموما لقوى عظمى دولية واقليمية في البحرين الأحمر والعرب، ومنطقة القرن الافريقي وبحر العرب.
وبالعودة لتصريحات الوزير بن فرحان، فالمملكة فعلا أخطأت التقدير ليس فقط بمدة الحرب باليمن كما اشار له،بل اتخذت قرار حربها باليمن على قاعدة بيانات مغلوطة ومضللة فيما يخص قدرة وحجم شركائها على الأرض عسكريا وجماهيريا واجتماعيا، والتي أثبتت سنوات الحرب السبع للسعودية أن الوزن العسكري داخل الجيش لحزب الإصلاح ونيته الاصطفاف كليا مع التحالف شبه غائبة،او هي مغيبة عمدا، لحاجة هي في نفس الحزب، وهو الحزب المهيمن على المؤسسات السياسية الثلاث ويقود ما يسمى بالشرعية وجيشها الوطني الافتراضي المدعوم بسخاء من السعودية، ،ليس لأن حزب الاصلاح لا يمتلك قاعدة ووزن عسكري داخل الجيش وداخل القبيلة،فهو بالتأكيد يمتلكها ولكنه لم يخلص النية للدخول بكل قدراته في شراكة بحرب يرى انها ذات بُعد طائفي وفكري يستهدف الحركة الاخوانية التي يستمد منه الاصلاح فكره وفلسفته السياسية وليس فقط الحركة الحوثية، وظل الحزب في دخيلة نفسه وما يزال يتوجس ويرتاب من النوايا الدفينة للسعودية تجاهه، زادت هذه الهواجس وتعاظم هذا الشعور لديه اكثر بعد تدهور العلاقة التاريخية مع السعودية برغم علاقتهما التاريخية العميقة، تدهورت غداة اندلاع ثورات الربيع العربي 2011م التي انخرط فيها حزب الاصلاح
بقوة واندفاع مفرطين،ضدا للموقف السعودي المناهض لها والتي رأت فيها تهديدا وجوديا عليها، وهو الحزب ذات الميول الأيدلوجي الاخواني الخصم الآخر للسعودية بالتوازي مع الخصم الشيعي الايراني.
كما انها أيضا أي السعودية قد بنَتْ تصوراتها ورهانها المفرطين بالتفائل على افتراص ان ثمو وزن وتأثير وقدرة للرئيس هادي داخل الجيش، وشعبية داخل المجتمع،ليس فقط بالشمال بل حتى في الجنوب الذي ينحدر منه هادي،وهم الوزن والشعبية المعدومين تماما على الواقع.
النقطة الاخرى التي قالها وصدق بها الوزير بن فرحان في تصريحة آنف الذِكر، هي ان بلاده تسعى لوقف الحرب وتتلمس طريق السلام،وان الحوثيون هم من يرفض هذا. فالمملكة فعلا بعد سلسلة النكسات العسكرية التي تلقتها قواتها والقوات الموالية لها بكل الجبهات ، وحالة فقدانها الثقة بشركاءها المحليين،وفتور علاقتها بالإمارات، والخشية من الغوص اكثر وأكثر في مستنقع التورط بحرب مجهولة المصير والمعالم، والضرر الكبير الذي طال سمعة المملكة انسانيا وأخلاقيا جراء تردي الوضع الإنساني ، وتصاعد بوجهها سخط المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية من الأعداد المخيفة لضحايا الهجمات الجوية. كل هذه العوامل وغيرها حمل الرياض على تلمس وضع نهاية للحرب و إيحاد نهاية لغرق العربة السعودية في الرمال اليمنية المتحركة، والمضي بالتالي صوب تسوية سياسية شاملة متوخاه لطي صفحة هذه الورطة، ولحفظ مصالحها أي السعودية باليمن وترسيخ حضورها السياسي والعسكري والاجتماعي والاقتصاتدب الذي حققته بالسبع السنوات لهذه الحرب، التي بالمناسبة ستدخل عامها الثامن بعد أيام قليلة.
ارسال التعليق