النظام السعودي يكذب: الشهري فجر نفسه في القطيف
لا محرمات ولا خطوط حمراء تحول بين النظام السعودي وسياسة إخفاء الحقائق وتزوير الأحداث وحرف مساراتها.. لدى النظام السعودي قدرة رهيبة على ابتكار القصص ونسجها لتخدم مصالحه وإظهار الصورة العامة المبتغاة لترضي نزق الحاكم بأمره.
في هذا السياق، برزت قضية ادعاء رئاسة أمن الدولة بتعقب المطلوب رقم 4 من قائمة الأسماء التسعة المعلن عنها سابقا. وزعمت أنها تعقبت الموقوف عبد الله بن زايد عبد الرحمن البكري الشهري، وادعت رصد وجوده عند الساعة العاشرة مساء يوم الأربعاء الماضي في حي السامر بمحافظة جدة، حيث بادر إلى تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف كان يرتديه عند اتخاذ اجراءات القبض عليه. مما نتج عنه، وبحسب البيان، "هلاكه وتعرض أحد المقيمين من الجنسية الباكستانية وثلاثة من رجال الأمن لإصابات مختلفة .
أمام سيناريو النظام السعودي، لا بدّ من الإضاءة على عدد من الجوانب والحقائق التي تعمّد النظام اخفاءها وتركيب مشهد غير حقيقي لتقوم عليه سردية محاربة الإرهاب".
أولاً، يوم الثلاثاء في العاشر من أغسطس/ آب الجاري، وتحديدا في حي الناصرة بالقطيف، وقع حادث لسيارة كويتية في شارع ابن سيناء بعد أن اصطدمت بعامود للكهرباء. حينها جرى تداول خبر وفاة سائق السيارة على مستوى ضيق جدا، ولم يتم نشره على المواقع والصحف المحلية التي تخصص مساحة لنشر أخبار الوفيات الخاصة. هذا مع العلم، أن شهود عيان أكدوا بأن حادثة ارتطام السيارة لم تكن قوية وأنه من الصعب تصديق مزاعم السلطة بما أشيع عن أن السائق تنتف بالكامل". بالإضافة إلى عدم نشر أي صورة للحادث، الأمر الذي ترافق مع وجود كبير لقطاعات الأمن بينها الشرطة والمهمات الخاصة والمباحث والمرور، الذين عمدوا إلى مسح كل أدلة الحادث وإزالتها من الموقع بما فيها عمود الإنارة، ومنع أي شخص من الاقتراب من موقع الحادث.
وفي ما يلي نص ما نقل عن خبر الحادث، كما نشر في موقع القطيف اليوم لقي سائق مركبة في حادث تصادم مروّع، مساء الثلاثاء 11 محرم في حي الناصرة بالقطيف. وذكر شهود عيان أن الحادث وقع بين سيارتين على الأرجح، وتسبب في أضرار بالغة لسائق إحدى المركبات، مما أدى إلى وفاته فورا في موقع الحادث. وباشرت الجهات المعنية، وفتحت تحقيقا لمعرفة ملابسات الحادث، فيما تم إيداع جثمان السائق بثلاجة الموتى".
وذلك في تناقض واضح مع المعطيات التي نُقلت، ما استدعى إثارة التساؤلات بين متابعي الموقع عن أسباب عدم نشر اسم المتوفى، ودوافع إرفاق الخبر بصورة غير واضحة إطلاقا عن الحادث مع طمس ملامح السيارة، وهو الأمر غير المعهود في نشر أخبار الحوادث المماثلة.
ثانياً، بالحديث عن ادعاء تفجير شخص لنفسه في جدة. تباهت وسائل الإعلام الرسمية بالخبر على أنه انجاز أمني، لكنها تعمدت عدم نشر أسماء أو صور المصابين المزعومين الذين أشار لهم بيان رئاسة أمن الدولة. كما أنها لم تقم بعرض أي مقطع مصور أو حتى صورة عن حادثة التفجير، لتحيلنا إلى تأكيد فرضية تعمد تغيير مكان الحدث من القطيف إلى جدة.
وبالاستناد إلى ما ورد، أراد النظام السعودي من خلال فبركة هذا السيناريو تمرير عدة رسائل سيما مع نشر الخبر بالتوازي مع مراسم إحياء موسم عاشوراء في القطيف والأحساء، فعبر إخفاء حقيقة وقوع الحدث في القطيف، أراد النظام أن يقول للمجتمع المحلي إننا حمينا أهل القطيف والأحساء من محاولات استهدافهم، ونحن نقوم بواجبنا تجاههم ونحارب كل من يضمر لهم السوء ويتعرّض لشعائرهم"، وكأنها لم تضمر وتفعل السوء على مدار العقود الماضية بالقطيف وأهله.
ولو كان النظام قد أعلن حقيقة أمر التفجير لناحية استهدافه منطقة القطيف، فالأمر سيعني حدوث اختراق أمني في ظل تواجد مختلف أجهزة القطاعات الأمنية، وأن أبناء الطائفة الشيعية مستهدفون بدمائهم وشعائرهم ومعتقداتهم رغم استنفار أجهزتها خلال الموسم في مسار يخالف التوجه الرسمي المراد التلويح به خارجيا، عن التسامح والعيش المشترك وغيرها من العناوين التي تتسق مع رغبات محمد ابن سلمان ورؤيته 2030 المشؤومة!
من جهة أخرى، يبتغي النظام إظهار نفسه بوصفه جهازًا أمنيًا عالي الكفاءة وأنه تمكن من شطب أحد الأسماء من قائمة المطلوبين بعملية نوعية وبعد فترة من المتابعة والتخطيط، وبالتالي إنقاذ جدة من محاولة تفجير.
إلى جانب ما ورد، من المحتمل أن يقودنا تحليل دوافع تحوير الحقائق إلى أن النظام السعودي يسعى إلى ترهيب الحجازيين وإعادة ضم كل صوت معارض ومنتقد لأساليب الحكم إلى الصفوف الموالية من خلال خلق بعبع" الخطر الأمني من جديد، وبالتالي لزوم الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة مآلات هذا الخطر.
بايجاز، يمكن القول بأن الاحتمال الأقرب للصحة أن يكون عبد الله بن زايد عبد الرحمن البكري الشهري قد تمكن من الدخول إلى القطيف، واكتشفت الأجهزة الأمنية أمره قبل
وصوله إلى هدفه فطاردته حتى اصطدم بعامود الكهرباء وفجر نفسه. وما يعزز هذه الفرضية يتمثل في سعي السلطات لإخفاء كل الدلائل التي قد تكشف حقيقة ما حدث واكتفت بنشر بيان يبعد الحديث عن القطيف واستثماره في جدة بهدف رصّ الصفوف الحجازية إلى جانب ابن سلمان.
وفي هذا السياق، غرّد عضو الهيئة القيادية في حركة خلاص الدكتور حمزة الحسن قائلاً " (الشهري) يفجر نفسه في حي الناصرة بالقطيف، أمام مرأى الناس، واذا بعواجل الرياض تقول انه فجر نفسه في جدة على بعد نحو ١٥٠٠ كم من موقع الحدث! نظام النفاق كذوب وجبان في الاعتراف بالحقائق".
ارسال التعليق