مطالب أممية بالإفراج عن الشيخ سفر الحوالي
طالبت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) السلطات السعودية بالإفراج فوراً عن عالم الدين البارز سفر بن عبد الرحمن الحوالي (70 عاما)، المعتقل تعسفيا منذ 12 يوليو/ تموز 2018.
جاء ذلك بعد نشره كتابًا ينتقد فيه خيارات السياسة الدولية لولي العهد محمد بن سلمان ويقدم توصيات بشأنها.
واعتقلت قوات أمن الدولة أبناء الحوالي الأربعة وشقيقه كشكل من أشكال الانتقام والمزيد من الترهيب.
منذ اعتقاله، حُرم الحوالي من الرعاية المناسبة على الرغم من إصابته بضعف في النطق وحالته الصحية الهشة للغاية ومُنع من الاتصال بالعالم الخارجي.
والحوالي هو عالم ديني بارز وأحد أعضاء الحركة الإصلاحية السعودية (أو ما تعرف باسم “الصحوة الإسلامية”).
وقد انتقد المفكرون المعاصرون المنخرطون في هذه الحركة، التي ظهرت في الخمسينيات من القرن الماضي، بشكل علني ولي العهد محمد بن سلمان بسبب سياساته.
واستُهدفت حركة الصحوة في سياق قمع حرية التعبير التي انتهجها ولي العهد بحق علماء آخرين أيضًا، بينهم الشخصية الإصلاحية البارزة سلمان العودة.
سفر الحوالي وأبناؤه عبد الله وعبد الرحمن وإبراهيم وعبد الرحيم وشقيقه سعد الله جميعهم أُلقى القبض عليهم من طرف السلطات السعودية خلال الفترة من 11 إلى 13 تموز / يوليو 2018.
اعتُقل سفر الحوالي ونجله إبراهيم في صباح يوم 12 تموز / يوليو عندما وصل ضباط أمن الدولة في سيارة إسعاف وداهموا منزلهم في قرية الحوالة. اقتيد سفر الحوالي معصوب العينين مع ابنه إلى مكان مجهول. وفي اليوم نفسه، اعتقلت قوات أمن الدولة شقيقه الأصغر سعد الله في منزله.
منذ اعتقاله، لم تتحْ للحوالي سوى فرص قليلة جدًا للتواصل مع عائلته. بسبب ضعف الكلام الشديد الذي يعاني منه، لا يمكنه التواصل عبر المكالمات الهاتفية، كما لم تتخذ السلطات أي تدابير على الإطلاق لتسهيل اتصال الحوالي بأسرته أو بمستشار قانوني. علاوة على ذلك، سمحت نيابة أمن الدولة بالزيارات العائلية بشكل متقطع وتعسفي.
تعتبر هذه المعاملة السيئة قاسية بشكل خاص، نظرًا لمعاناة السيد الحوالي من جلطة دماغية متكررة أدت إلى ضعف دائم في الكلام، مما يجعل من المستحيل عليه التحدث بوضوح أو فهمه.
وعلى الرغم من إعاقته وكبر سنه وتدهور صحته، فقد حُرم منذ ذلك الحين من الرعاية الطبية وهو محتجز بمعزل عن العالم الخارجي.
كشكل من أشكال العقاب على انتقاده لولي العهد، يُترك سفر الحوالي عمليًا ليموت ببطء في الحجز، معزولاً عن العالم الخارجي وأحبائه، ويعيش في خوف من المضايقات والتهديدات لأقاربه.
في ضوء هذه الحقائق، وبالنظر إلى أن الحالة الصحية لسفر الحوالي تشكل إعاقة لا تسمح له بالتحدث أو الاعتناء بنفسه، قررت منظمة الكرامة الحقوقية إحالة القضية إلى اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ففي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قدمت الكرامة شكوى إلى هذه اللجنة الأممية، مسلطة الضوء على إصرار السلطات السعودية على اضطهاد عالم الدين وأقاربه.
أبرزت الشكوى أن حياة السيد الحوالي تتعرض لتهديد وشيك وخطير ولا يمكن معالجته، حيث إن كبار السن معرضون بشكل كبير لخطر الإصابة بمرض حاد بعد الإصابة بفيروس COVID-19.
وفي هذا السياق حذر خبراء الأمم المتحدة أن “الانتقال الواسع النطاق لـ COVID-19 داخل مؤسسة إصلاحية من المرجح أن يؤدي إلى معدل وفيات مرتفع بشكل غير متناسب لـ COVID-19”.
وأطلق العديد من خبراء الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية جملة من المبادئ التوجيهية في التعامل مع جائحة كوفيد 19. ودعوا الدول إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء الذين يعتبر سجنهم غير قانوني أو تعسفيًا بموجب القانون الدولي، بمن في ذلك الأطفال وسجناء الرأي والسجناء الدينيون والسجناء السياسيون”.
بالنظر إلى قضية الحوالي الملحّة خلال الجائحة، وظروف اعتقاله واحتجازه، طالبت الكرامة من اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المطالبة بالإفراج الفوري عنه كإجراء طارئ من السعودية.
وطلبت الكرامة من اللجنة معالجة مسألة الأعمال الانتقامية ضد السيد الحوالي وعائلته مباشرة مع السلطات. بموجب التزاماتها التقليدية، يجب على السعودية الإفراج الفوري عن سفر الحوالي وأفراد أسرته ووقف جميع أشكال المضايقة والترهيب ضدهم.
من خلال تقديم شكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أحالت الكرامة القضية إلى أقوى إجراء متاح، حيث قبلت السعودية اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبموجب ذلك يمكن الاستماع إلى الشكاوى الفردية.
عندما يكون الأشخاص المستضعفون بشكل خاص ضحايا للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة، فإنه يمكن لممثلي الضحية رفع شكوى بالتدخل العاجل نظرًا لوضع الضحية الملحّ من خلال “تدابير الطوارئ”.
تتيح اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مطالبة السلطات السعودية باتخاذ إجراءات ضرورية على وجه الاستعجال، حتى قبل النظر في وقائع القضية.
بموجب المادة 4 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يمكن لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن تطلب من الدولة الطرف اتخاذ تدابير مؤقتة من أجل تجنب أي ضرر لا يمكن جبره قد يتعرض له صاحب البلاغ في حالة استمرار احتجازه، في حين تظل القضية قيد نظر اللجنة.
وعلى هذا الأساس طلبت لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من السلطات السعودية، من بين أمور أخرى، “الترتيب للإفراج الفوري عن الحوالي”. على أن يضمن هذا الإفراج سلامته ووجوب اتخاذ جميع الاحتياطات لتجنب أي ضرر محتمل.
علاوة على ذلك، يجب على السعودية ضمان حصول سفر الحوالي على الرعاية الطبية المناسبة في المنزل أو في أي مؤسسة طبية أخرى قد يختارها.
كشكل واضح من أشكال الانتقام والعقاب ضد الحوالي وأقاربه، رفضت السلطات السعودية مرارًا وتكرارًا الاستجابة للطلبات المقدمة أولاً في نوفمبر 2020 ثم مرة أخرى في ديسمبر 2022.
وعليه؛ ستواصل الكرامة ممارسة الضغط من خلال الآليات القانونية الدولية حتى إطلاق سراح الحوالي وأفراد أسرته في نهاية المطاف وضمان وقف الاضطهاد بحقهم.
ارسال التعليق