الحرب على المخدرات في “السعودية”.. ماذا في التوقيت
تنشغل الصحافة السعودية في الأيام الأخيرة بطرح ملف “الحرب على المخدرات” المعلن عنها من قبل النظام السعودي. لطالما شكلت السعودية سوقا ضخمة لتجارة المخدرات ربطا بالقدرات الشرائية العالية لدى شريحة واسعة من المجتمع، الأمر الذي يسمح ببروز التعاطي كظاهرة إجتماعية وأمنية مهددة.
شكل التوقيت مؤشرا لافتا حول أهداف هذه الحملة، سيما وأن ملف المخدرات في “السعودية” قديم ومتجذر في هيكل الكيان.
الأمر الذي يؤكد وجود أهداف سياسية وراء “الحرب” المعلنة.
بطبيعة الحال، يراهن محمد بن سلمان على مشاريعه الاقتصادية والترفيهية لتغيير وجه “المملكة”، ولترويج اختلاف الصورة المستجد لا بدّ من مواجهة الكثير من التساؤلات التي تطرح ويتم تناقلها حول ملف المخدرات واهتراء “المجتمع السعودي”.
وفي ما ورد محاولة واضحة من ابن سلمان لتبيان مدى “الجهد” الداخلي المبذول على كافة المستويات لرفع اسمه دوليا والتغطية على التقارير الغربية التي تشكك في واقعية المشاريع المعلن عنها، كما المعلومات التي تداولتها بشأن إدمان محمد بن سلمان وعدد من الضباط الكبار.
المتابع للشأن السعودي يدرك جيداً مدى استفحال ظاهرة تعاطي المخدرات بين أمراء آل سعود وأعوانهم، نظراً للثراء الفاحش الذي يتمتع به أفراد الأسرة السعودية المالكة واستهتارهم بقيم الدين والأخلاق ما جعل فضائحهم وجرائمهم مادة رئيسية في الاعلام الدولي العربي والغربي، نظراً لارتفاع منسوب الممارسات اللاأخلاقية والتي تعبر عن حالة الفراغ المعنوي الذي يعيشه أمراء آل سعود.
وعليه، لن يكون النظام السعودي عائقاً أمام متعة أفراد آل سعود بل سيمدهم بكل سبل المتعة والرفاهية والفساد والانحلال والسقوط في وحل الموبقات وهو ما توثقه الصحافة الدولية منذ الخمسينات بالصور الفضائحية للأمراء، هذا عدا عن الأرباح المادية الهائلة التي يحققها أمراء آل سعود من تجارة المخدرات الرابحة في البلاد والتي تتسبب بابتلاء عشرات آلاف العائلات.
ثمّة سبب آخر يدفع الرياض لهذا النوع من الدعايات الرائجة، وهو حاجتها الماسة إلى اختراع انتصارات وهمية في خضمّ الهزائم التي تعيشها اليوم.
لا سيما على المستوى الداخلي الذي يتجلى بفشل رؤية 2030 الإقتصادية، وفشل إيجاد إصلاحات سياسية وإجتماعية حقيقية، والمزيد من هدر الثروات والمال العام.
وأيضاً تأتي هذه الخطوة للتشويش على هزائمها في حرب اليمن والضربات الموجعة في العمق السعودي التي تتعرض لها من قبل حركة أنصار الله، وللتغطية على أزماتها السياسية في علاقاتها مع الدول الأخرى بدءً من حلفائها أمثال واشنطن والإمارت وصولاً إلى خسارة نفوذها في أفغانستان.
وكانت وكالة الأنباء السعودية قد ادعت عام 2021، نقلاً عن وكيل الهيئة العامة للجمارك للشؤون الأمنية، أن الجمارك السعودية في ميناء جدة الإسلامي تمكنت من “إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من حبوب الكبتاجون بلغت أكثر 5.3 ملايين حبة، مُخبأة ضمن إرسالية فاكهة رمان قدمت من لبنان”.
فيما زعم المتحدث الرسمي لمكافحة المخدرات بالسعودية، النقيب محمد النجيدي إن نسبة المضبوطات من أقراص أمفيتامين المخدرة الواردة من لبنان بلغت أكثر 75 بالمئة من إجمالي الضبطيات في البلاد.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، زعمت القبض على خلية مخدرات تابعة لحزب الله هرّبت حبوباً مخدّرة إلى “السعودية” عبر نيجيريا.
في تفاصيل الخبر المزعوم، قال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية العقيد طلال الشلهوب، إن “المتابعة الأمنية الإستباقية لنشاطات الشبكات الإجرامية التي تمتهن تهريب المخدرات إلى المملكة، أسفرت عن إحباط محاولة إحدى شبكات إنتاج وتهريب المخدرات المرتبطة بتنظيم حزب الله اللبناني، لتهريب 451,807 أقراص إمفيتامين إلى المملكة، بحراً من لبنان إلى جمهورية نيجيريا الاتحادية، مخبأة داخل معدات ميكانيكية، حيث تم بالتنسيق مع الجهات النظيرة بنيجيريا ضبطها قبل شحنها إلى دولة أخرى وإرسالها إلى المملكة”.
ولإضافة القليل من التشويق على الرواية الرتيبة نظراً لتكرارها المتواصل في وسائل إعلام النظام، أدخلت الرياض سلطات نيجيريا على الخط، إذ نوّه المتحدث الأمني بما سمّاه التعاون الإيجابي للجهات النظيرة بجمهورية نيجيريا الاتحادية في متابعة وضبط المواد المخدرة، مؤكداً أن “المملكة مستمرة في متابعة النشاطات الإجرامية التي تستهدف أمن المملكة وشبابها بالمخدرات، والتصدي لها وإحباطها، والقبض على المتورطين فيها”.
يذكر أنه منذ العام 2015، يقبع “الأمير السعودي” عبد المحسن بن وليد بن عبد المحسن بن عبد العزيز، وعدد من رفاقه في السجون اللبنانية بعد إلقاء الأجهزة الأمنية القبض عليهم أثناء مغادرتهم مطار بيروت وبحوزتهم كميات من حبوب الكبتاغون. ضُبط معه 24 طرداً و8 حقائب سفر كبيرة، تراوح وزن كل منها بين 40 كلغ و60 كلغ، وقد أُلصق على كل واحد من الطرود ورقة تحمل عبارة “خاص صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن وليد آل سعود.
وكان برفقة “أمير الكبتاغون” 4 أشخاص، طلب منهم رجل الأمن تفتيش الطرود، وعندما امتنعوا عن فتحها أبى رجل الأمن إلا أن يفتش ليفتضح أمر محتوى الحقائب، ليجد نحو طنين من حبوب الكبتاغون كانت موضبة في أكياس أفرغ منها الهواء.
وبحسب المحققين، فإن قيمة الصفقة تزيد على 110 ملايين دولار، فيما أقرّ الأمير السعودي بأنه يتعاطى المخدرات ولم ينف قبل التوقيف ملكيته للطرود.
ارسال التعليق