طائفية النظام السعودي تصدح على مدرجات نادي الصفا في القطيف
بقلم: حسن الطالب...
"بالورقة والقلم"، عبارة تراود أي مُطالع للبيان الصحفي الصادر عن وزارة الرياضة السعودية . لناحية ما تعكسه من إيحاء بوجود "دولة" ومؤسسات في " السعودية" تلتزم أدق معايير المحاسبة والملاحقة.
"تجاوز" هكذا وصفت وزارة الرياضة السعودية مولد الإمام علي الذي تداعى جمهور نادي الصفا إلى ترداده على مدرجات الملعب الرياضي خلال إحدى مبارايته. وفي البيان، ادعت الوزارة "مخالفة رابطة جمهور النادي القطيفي المادة (8/1) من الائحة الأساسية للأندية الرياضية التي نصت على الالتزام بالأنظمة واللوائح المعمول بها في المملكة".
وزعم البيان أنه "وفقا لما ورد في المادة (36/3) من اللائحة الأساسية للأندية الرياضية التي نصت على: (للوزارة أن تحل مجلس الإدارة لأي من الحالات التالية: إذا ارتكب تصرفات، أو ممارسات، أو أعمالاً تتنافى مع النظام العام، أو الآداب العامة، أو الأنظمة المعتبرة)"
وادعى البيان "عدم التزام نادي الصفا بالمنطقة الشرقية بالأنظمة واللوائح التي تحقق الأهداف السامية للرياضة"، حيث جرى اتخاذ عدد من القرارات:
"أولاً، حلّ مجلس إدارة نادي الصفا اعتباراً من تاريخه، وفقا للائحة الأساسيات للأندية الرياضية".
"ثانياً، حرمان المخالفين من الانتساب للنادي أو أي أندية أخرى، وإحالتهم إلى الجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم."
من جهتها، انكبّت ما تسمى بـ "لجنة الانضباط"، والتي بالمناسبة لم يكن يٌعرف بوجودها إلّا عن طريق الإعلام، إلى اقرار عقوبات طالت جماهير النادي وإدارته بعد ترديد الأول "عبارات وهتافات مخالفة لأحكام لائحة الانضباط والأخلاق"، بحسب وصفها. وفيما جاء في سلّة القرارات المضافة "إلزام نادي الصفا بدفع غرامة مالية قدرها مائتي ألف ريال لحساب الاتحاد السعودي لكرة القدم (ما يقارب 53 ألف دولار). وإلزامه بلعب أول 5 مباريات قادمة على أرضه دون حضور الجمهور ضمن مسابقة دوري يلو للدرجة الأولى، بالإضافة إلى إغلاق كامل الملعب" .
يبدو النظام السعودي في حالة سباق مع نفسه، لناحية محاربة كل أشكال التبعية والولاء البعيد عن رأس الهرم محمد بن سلمان. وعلى إثر القرارات الأخيرة، اتخذ "وزير الرياضة" السعودي قرارا بتكليف أحمد محمد السادة بتسيير شؤون النادي.
ما لم يُعلن عنه بأن النظام السعودي عبر أداته المسماة رئاسة أمن الدولة عمد إلى اعتقال ١٠ شبّان من المشجعين على المدرجات، وهم:١- علي حسين مويس.٢- حسين علي المرهون.٣- حيدر الصالح.٤- كامل المسلم.٥- عبد الله مؤيد الشرياوي.٦- قاسم محمود قريش.٧- عطا الله قريش.٨- علي حسن قريش.٩- أحمد بدر المغلق.١٠- أحمد المسري
بالإضافة إلى، استدعاء أكثر من ١٥٠ إلى ٢٠٠ مشجعا حضر المباراة إلى مركز شرطة صفوى للتحقيق معهم ومن ثم التوقيع على تعهد "عدم إعادة هذه الشعارات "الطائفية"!! التي تحضّ على الكراهية في الملاعب. ولفتت المصادر، أن عددا من الذين جرى استدعاؤهم حاولوا السفر وفقا لجدول مسبق وفوجئوا بمنعهم، الأمر الذي يؤكد أن النظام السعودي اتخذ هذا الاجراء بحق كل من وقع تعهدا لدى مركز الشرطة.
ببساطة، إن المشهد اليوم في "السعودية" يُبيح كل شيء، وأي شيء ما دام لا يمسّ وليّ الأمر، ولا يُعلي صوت أي فئة دينية أو عقائدية لا تنسجم وتوجهات "السعودية الجديدة". بلاد الحرمين هذه، التي سمح فيها بافتتاح أول محل لبيع المشروبات الكحولية بزعم تقديم تسهيلات للدبلوماسيين غير المسلمين، بلاد الحرمين التي باتت تضجُّ بالحفلات الموسيقية والغنائية والاختلاط والعريّ ويمنع فيها رفع صوت الأذان منهاً للإزعاج!
هي نفسها مملكة الموت، التي اتخمت سجونها بمعتقلي الرأي والمطالبين بالإصلاح من أهل جلدة النظام وصولاً إلى المطالبين بإسقاطه وإعادة الأرض إلى أهلها الأصلاء. وبكل روح رياضية أيضا، تسمح بلاد "المسلمين" للاعب كريستيانو رونالدو و"صاحبته"، وأم أولاده بالسكن معا في "السعودية" بكل ديبلوماسية وانفتاح، في حين تمنع العديد من الناشطات اللواتي طالبن بالحق في قيادة السيارة من السفر خارج البلاد، وتعتقل سيدات وكوادر أكاديمية لدعمهن معتقلي الرأي.
نفسها "السعودية"، مدّت السجادة الخزامية لاستقبال زُمرة من المصفقين والمطبّلين لـ"سمو الملك محمد بن سلمان" و"سعادة المسشتار تركي آل الشيخ". حفظت هذه الزُمرة تعابير الشكر والثناء عن ظهر قلب، وأبدعت السيدات من الفنانات وغيرهن في التنافس على التعرّي، وهذا شكل من أشكال الانفتاح الذي يحلو في عين ابن سلمان، قبل أن يعكّر مزاجه كلمة للمثل المصري محمد عادل إمام بعد استلامه جائزة بالإنابة عن والده، تهوّر فيها متضامنا مع فلسطين وأهالي قطاع غزة، لتشنّ بعدها حملة شعواء ضده، سحبت قناة أم بي سي السعودية على إثرها حقوق شراء مسلسله الذي كان قد بدأ تصويره فعلا في مصر، ليتم وقفه لاحقا.
وفي سياق التفاعل مع القرارات "الرياضية"، اعرب الكاتب في مجال حقوق الإنسان عادل السعيد عن استياءه من القرار الصادر بالقول " غرمت السعودية نادي الصفا ٢٠٠ ألف ريال على خلفية ترديد جمهوره أهازيج في حب الإمام علي، وأنباء عن اعتقال ثلاثة أشخاص من رابطة الجماهير. حوار في السجن بين شخصين: أنا جريمتي قتل وسطو مسلح، وأنت يابا ويش تهمتك؟ رددت علي مولاي وشيل اللا يا أبو الحسن".
وأشار أنه " من البدع "الحسنة" في السعودية، اليوم الوطني، يوم التأسيس، يوم البيعة، واحتفال الذباب بعيد ميلاد محمد بن سلمان. أما الاحتفالات بمولد النبي وآل بيته الطاهرين فهو من البدع والشرك ومخالف للأنظمة."
وفي رده على حسن المدري الفيفي الذي وصف المولد بالطقوس الهندوسية قال الباحث الحقوقي " كأكاديمي وجامعي سعودي " تزعم الإهتمام بالثقافة والفلسفة -، كيف تصف أهازيج في حب علي بن أبي طالب بطقوس الهندوس! ألا تعلم أن هذه الأهازيج جزء من ثقافة أهل الشرقية؟! هل من "الوطنية" أن تصف ممارسة إخوانك في الوطن بالطقوس الهندوسية؟!"
وتساءل السعيد " هل يحدث هذا الأمر في بلد آخر غير مملكة الصمت والقمع السعودية؟! استدعاءات لبعض منسوبي نادي الصفا للتوقيع على تعهدات، واعتقال بعض المشجعين على خلفية ترديد أهازيج في حب الخليفة علي بن أبي طالب.
ارسال التعليق