النظام السعودي وخيار التخلّي عن فلسطين
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقالا للأكاديمية والناشطة السياسية مضاوي الرشيد، يسلط الضوء على فشل محمد بن سلمان، في دعم الفلسطينيين وتحقيق التقارب بين "السعودية" وإسرائيل.
واستعرض المقال العلاقات المتوترة بين ابن سلمان وحركة حماس، وتأثير ذلك على المشهد الفلسطيني، متطرقا إلى تغير سياسات الرياض مع قدوم محمد بن سلمان ومحاولات التطبيع مع إسرائيل، مع التأكيد على وجود انتقادات دولية لهذه الخطوات.
وقالت مضاوي الرشيد، إن السعودية كانت في الماضي تأمل بقيادة العالم العربي بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص، نحو التسوية السلمية للقضية الفلسطينية. لكن هذه الآمال تحطمت الآن.
وتابعت بأن "دعم المملكة المتردد والفاتر للفلسطينيين وسط المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في غزة على مدى الأشهر السبعة الماضية، يظهر أنها لم تعد حاكماً حقيقياً، في حرب لا تستمع فيها تل أبيب حتى إلى أسيادها في واشنطن، ناهيك عن جيرانها الخليجيين الأغنياء".
وزادت الرشيد بأن "الحرب الإسرائيلية على غزة أنهت بالفعل الرعاية السعودية للقضية الفلسطينية - إذا كانت هذه الرعاية خياراً سياسياً واقعياً بالنسبة للمملكة".
مضاوي الرشيد قالت إنه "في حين أن لدى الإمارات وقطر اتصالات وقنوات اتصال حميمة مع إسرائيل وحماس، فإن المملكة في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشوشة لسبب مهم: أن مصلحتها الوطنية، التي تتمحور حول إبقاء الولايات المتحدة قريبة كراع أمني، لا يمكن أن تكون راعية للأمن، وذلك على حساب حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة والتحرر من الاحتلال".
وتابعت بأنه "لا يستطيع ولي العهد مقايضة التطبيع مع إسرائيل بالأمن القومي السعودي، بينما يترك الفلسطينيين في العراء".
وأضافت: "حطمت الحرب على غزة حلم محمد بن سلمان في قيام الولايات المتحدة بتثبيت "القبة الحديدية" فوق المملكة مقابل التطبيع الكامل مع إسرائيل. ولا تزال ذكرى هجمات 2019 على المنشآت النفطية في بقيق وخريص ، وفشل إدارة ترامب في الرد، تطارده".
"ومنذ ذلك الحين، سعى دون جدوى إلى دفع الولايات المتحدة إلى التوقيع على اتفاقية أمنية قوية مع بلاده.
إن المذبحة المستمرة للفلسطينيين لم توقف المفاوضات فحسب، بل جعلت من الصعب على السعودية أن تعبر علناً عن حماسها بشأن احتمال التطبيع"، بحسب الرشيد.
ورأت أن فشل النظام السعودي في الاضطلاع بأي دور مهم في تأمين وقف إطلاق النار في غزة، ناهيك عن الإشراف على اتفاق السلام الذي تحترم فيه الحقوق الفلسطينية، ليس بالأمر المستغرب. ولا تطمح قيادتها اليوم إلى اكتساب الشرعية من خلال القيادة في الخارج، بل تركز بدلاً من ذلك على الشؤون الداخلية.
وأضافت: "انحرف محمد بن سلمان عن السعي القديم لقيادة العالم العربي؛ لأنه قلق بشأن قيادته في الداخل. وكان التطبيع مع إسرائيل في متناول اليد، كما أكد للجماهير عبر شبكة فوكس نيوز قبل أسابيع قليلة من 7 أكتوبر".
وتابعت "بعد أكثر من سبعة أشهر، يواجه ولي العهد حقيقة أنه وفقًا لأحد الاستطلاعات، فإن 96% من السعوديين يعارضون التطبيع مع إسرائيل. ولذلك حرصت وسائل الإعلام الرسمية على دحض "الشائعات" حول الرضا السعودي أو الاندفاع لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأكدت الرياض مؤخراً للإدارة الأمريكية أنه “لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووقف جميع أعضاء إسرائيل”، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة”.
وعلقت الرشيد: "لا يمكن للدعاية السعودية لمبادراتها الإغاثية أن تكون بديلاً عن المشاركة السياسية الحقيقية في السعي لتحقيق سلام دائم وإقامة دولة للفلسطينيين".
وتابعت: "لقد أصبح تكرار مثل هذا الخطاب هو القاعدة، ولكن من المشكوك فيه ما إذا كان هذا يمكن أن يقنع غالبية السعوديين أو الفلسطينيين بالتزام الرياض بالقضية الفلسطينية".
وعلى مستوى آخر، نوّهت الرشيج إلى ما ترمي إليه جهود المساعدات السعودية من تغطية للفشل السياسي للدولة. وفي محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه. واستشهدت بما روجت له النظام في حملة "سهم"، حملة جمع التبرعات السعودية لغزة، لنجاحها في جمع أكثر من 180 مليون دولار من 1.8 مليون مانح .
وقالت الرشيد: " النظام السعودي لا يخجل من إدراج أسماء المانحين على موقع الحملة الإلكتروني، بما في ذلك رجال الأعمال الأفراد وشركة النفط الحكومية أرامكو. كما يتم إدراج التبرعات مثل التمور والمستلزمات الطبية والسلال الغذائية على موقع سهم الإلكتروني. ومن الواضح أن الأعمال الخيرية تأتي مع دعاية حية تحت رعاية الملك".
يذكر أن بنس لمان بحث مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سويلفان، أمس، الصيغة شبه النهائية لمشاريع الاتفاقيات الاستراتيجية بين "السعودية" والولايات المتحدة الأميركية، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
وفي مدينة الظهران استعرض الطرفان "العلاقات الاستراتيجية بين البلدين"، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، وقالت "واس" إنه جرى بحث الصيغة شبه النهائية لمشاريع الاتفاقيات الاستراتيجية بين البلدين "التي قارب العمل على الانتهاء منها".
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، قد قال السبت إن سوليفان سيبحث مع المسؤولين السعوديين "المسائل الثنائية والإقليمية"، مضيفاً أن الجانبين سيبحثان أيضاً "الحرب على غزة، والجهود المستمرة لتحقيق السلام والأمن الدائمين في المنطقة".
من جهته، قال سوليفان، الاثنين الماضي، إن "أمن إسرائيل على المدى الطويل يعتمد على الاندماج في المنطقة، والتمتع بعلاقات طبيعية مع الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية"، مشدداً على أن إسرائيل يجب أن تدرس أي هجوم على رفح، مع وضع استراتيجيتها الأكبر في الاعتبار. وأضاف: "لا ينبغي لنا أن نفوّت فرصة تاريخية لتحقيق رؤية إسرائيل آمنة يحيط بها شركاء إقليميون أقوياء، وتمثل جبهة قوية لردع العدوان، ودعم الاستقرار الإقليمي.
ارسال التعليق