![السنغال تُبطل عقداً مع السلطات السعودية](https://hourriya-tagheer.org/upload_list/source/News/ajanib/Africa/999979.jpeg)
السنغال تُبطل عقداً مع السلطات السعودية
متنوعة هي أوجه الاستغلال السعودي لضعف سيادة دول الساحل الأفريقي الواقعة في غرب أفريقيا، والتي تضم 10 دول أفريقية، وتضم “السنغال، موريتانيا، ، الجزائر، مالي، والنيجر، نيجيريا، تشاد، وغيرها”. فبين مساعي الانتشار "الثقافي والديني" من خلال العمل على مدى سنوات خلت على زرع أرض هذه الدول الخصبة بالفكر "السلفي" مصدّرة وهابيتها إلى المنطقة للتصدّي لأي قوى شيعية موجودة وقابلة للنمو، وبين ضخها المال للمشاريع الاقتصادية والعسكرية، يبقى كله يصبّ في إطار سعيها لفرض مكانة لها هناك.
وأحد أوجه التواجد السعودي في تلك المناطق كان ولا يزال بفرض القوة العسكرية ودعم جماعات على حساب أخرى، أما الغاية الأساسية سواء من فرض تواجد فكرها الوهابي أم من فرض وجود عسكري تابع لها في الساحل الأفريقي فيعود مردّه للمنافع الاقتصادية التي تطمع بها.
ولعلّ افتقار هذه الدول لقوة مقاومة تدحض التواجد الغربي –الفرنسي بالدرجة الأولى- على أراضيها وعلى خيراتها، جعل التواجد السعودي والإماراتي ينمو وحتى أنه يطغى –ظاهريا- على التواجد الفرنسي. وقد استثمرت فرنسا بالإقدام الخليجي على القرن الأفريقي ليشكلوا لها ما يشبه الغطاء لمصالحها في المنطقة.
وأمام ضعف القرار السياسي العام في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية وحاجتها الملحة للتنمية في ظل حرمانها من مقدراتها الاقتصادية، يغدو خبر إلغاء السنغال مشروع كانت السعودية تعتزم تنفيذه في مجال المياه، ذات دلالة تُرصد على صعيد تبدّل واقع مشاريع الأخيرة في هذه الجغرافيا.
فقد أعلن وزير المياه والصرف الصحي في السنغال، شيخ تيديان دايي، إنّ بلاده ستلغي صفقة تتعلّق بمشروع بنية تحتية للمياه مدّته 32 عاماً، وقّعها الرئيس السنغالي السابق ماكي سال مع شركة “أكوا باور” السعودية.
العقد الذي أعلن وزير السنغال الحالي إلغاؤه كان قد وُقّع نهاية ولاية الرئيس السنغالي السابق، وتبلغ قيمته بين الـ 750 و 800 مليون دولار.
وكان من المقرر أن تتولى الشركة السعودية، وفق إفصاح سابق لها، مهام تصميم محطة تحلية مياه البحر في السنغال، وتمويلها، وإنشائها، وتشغليها، وصيانتها، وإنشاء البنية التحتية المرتبطة بالمشروع، على أن تتم أعمال الإنشاء على مرحلتين، تبلغ القدرة الإنتاجية لكل منهما 200 ألف متر مربع يوميًا. وكان هذا المشروع قد وُصف بأنه الأكبر من نوعه في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 400 ألف متر مكعب يوميا، وهو يهدف إلى تقليص عجز المياه في بلد من المتوقع أن يرتفع فيه سحب المياه بما يصل إلى 60 بالمئة بحلول عام 2035 وفقا للبنك الدولي.
وقد أقرّ وزير المياه السنغالي شيخ تيديان دايي بأنّ التكلفة على المدى الطويل تجعل المشروع "حلا قصير المدى ومكلفا". وأضاف في تصريح إعلامي أن "سعر المياه سيصبح أعلى في المدى الطويل بسبب التقنية المستخدمة في إنتاجها"، منتقدا الرئيس السابق سال بسبب توقيع الصفقة قبل وقت قصير جدا من انتهاء ولايته.
وقد خصصت السعودية عشرات ملايين الدولارات لدعم تواجدها العسكري في منطقة الساحل الأفريقي، وكانت بدأت تدشن تحالفات سياسية وعسكرية مع موريتانيا والسنغال، ثم ليبيا وتشاد، وسافر رئيسا السنغال وموريتانيا إلى الرياض في أبريل 2015، كما التزمت السنغال بإرسال مئات الجنود إلى التحالف العسكري بقيادة السعودية على اليمن.
وكانت كل من السعودية والإمارات قد دعمت تشكيل قوة عسكرية مشتركة في الساحل الأفريقي، لمواجهة ما تسميانه “النفوذ الإيراني” في غرب أفريقيا، وتضم 5 دول أفريقية، وهي “موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينافاسو، وتشاد”، للتعاون الإقليمي بشأن القضايا السياسية والأمنية.
السلطات السعودية سعت ليمتد تأثيرها إلى المجال الديني، إذ هدفت إلى التغيير من تركيبة المسلمين الموجودين في تلك المناطق، حيث أن نسبة 78% منهم يتبعون الصوفية، فيما تسعى السلطات إلى تغييرها إلى الثقافة السعودية السلفية، وكذلك دحض أي وجود شيعي في تلك الدول. فسبق لها أن دخلت بـ100 مليون دولار، وعبر بوابة فرنسا، للعب ما سمّي جهود مكافحة الإرهاب، الإرهاب الذي لطالما دعمته الرياض في الانتشار في بلدان العالم، عبر سياساتها وأساليبها الملتوية لنشر “الوهابية”.
وقد شارك السلطات الفرنسية عبر المال بدعم جهود الأخيرة في مكافحة الإرهاب على الساحل الأفريقي، إذ سعت الرياض لتبديل صورتها أمام المجتمع الدولي الذي ينتقد تورطها بدعم الجماعات الإرهابية والفكر المتشدد في شتّى بلدان العالم فقد شكل إقدام الرياض على تقديم هذا المبلغ وسط ظروف اقتصادية صعبة تعانيها لا يخرج عن القالب المعتاد لتعاملاتها، بهدف فرض سيطرتها وانتشارها في القارة السمراء، إلى جانب محاولتها تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي الذي إعتاد توجيه الإتهامات لها على خلفية دعمها للتطرف.
ارسال التعليق