فشل السعودية في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان
فشلت مساعي "السعودية" في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في ضربة لجهود الرياض لتعزيز سمعة حقوق الإنسان في الخارج.
وكان نشطاء سبق أن حذروا من مغبة نجاحها في الحصول على مقعد من أصل 47 مقعدا تتوزع عليها الدول، وتكون مسؤولة عن "تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم"، وفقا لما تعرّف به نفسها.
وصف لويس شاربونو، مدير مكتب الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، السعودية بأنها "غير مؤهلة للعمل في مجلس حقوق الإنسان".
وأشار إلى اتهامات تدين سلوك البلاد في هذا المجال: حرس الحدود السعودي متهم بقتل مئات الإثيوبيين أثناء محاولتهم العبور من اليمن في عامي 2022 و2023 فيما قال المنتقدون إنه قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، وأن البلاد لم تحاسب بعد على مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 .
وقال تشاربونو: "لا ينبغي مكافأة الحكومات التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية أو فظائع مماثلة وتضمن الإفلات من العقاب للمسؤولين عنها بمقاعد في أعلى هيئة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة".
معتبراً "إن الفوز السعودي سيكون بمثابة صفعة في وجه العديد من ضحايا الانتهاكات السعودية، وليس أقلها مئات المهاجرين الإثيوبيين وطالبي اللجوء الذين قُتلوا أثناء محاولتهم عبور الحدود اليمنية السعودية، وضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وعائلة جمال خاشقجي".
تابع: "إذا فازت المملكة العربية السعودية بمقعد، فيجب على أعضاء المجلس الذين يقدرون حقوق الإنسان أن يعملوا بجد لمنعها والحكومات المسيئة الأخرى من تقويض عمل المجلس لكشف ومعالجة انتهاكات الحقوق في جميع أنحاء العالم".
وقالت لينا الهذلول، رئيسة قسم الرصد والدعوة في منظمة القسط لحقوق الإنسان، التي توثق حقوق الإنسان في البلاد: "إن عرض المملكة العربية السعودية يتناقض بشكل صارخ مع متطلبات عضوية المجلس. يواجه المدافعون السعوديون عن حقوق الإنسان أعمال انتقامية بسبب تعاملهم مع الأمم المتحدة، ويتم تكميم أفواه المجتمع المدني المستقل، ويُمنع خبراء الأمم المتحدة من الوصول إلى البلاد، حيث تستمر الانتهاكات في التزايد. في وقت تتزعزع فيه الثقة العالمية في مثل هذه المؤسسات الحقوقية الدولية، من الأهمية بمكان أن تتخذ الدول الأعضاء هذا الموقف البسيط ولكن المهم، وترفض العرض ".
وسبق أن واجهت البلاد موجة انتقادات واسعة على خلفية ترؤسها لجنة المرأة في الأمم المتحدة، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم.
قبيل تنصيبها، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التخلي عن انتخاب السعودية لرئاسة المنتدى الأممي الأعلى لحقوق المرأة والمساواة الجندرية. حاثّةً الوفود التي تحضر الاجتماع السنوي لـ “لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة” هذا العام معارضة ترشيح السعودية، التي لديها سجل فاضح في حقوق المرأة، واختيار دولة ملتزمة بدعم هذه الحقوق.
لافتة إلى أن المرشح الوحيد لرئاسة الدورة القادمة للجنة وضع المرأة هي السعودية وفي حال نُصّبت لهذا المنصب فسوف تستمر عاما فيه، ذلك حسبما قال دبلوماسيون عدة لـ “هيومن رايتس ووتش”. وقال الدبلوماسيون إنه من المتوقع أن يتم تأكيد رئاسة السعودية بالإجماع في هذا المنصب دون تصويت في لجنة وضع المرأة الذي سوف يتم اليوم في 22 مارس/آذار.
وشددت المنظمة على التمييز الذي تمارسه السعودية ضد النساء الاضطهاد المنهجي المُمارس ضد ناشطات حقوق المرأة في البلاد. حتى الموقع الإلكتروني للبعثة الأممية السعودية يقر بأن الحكومة ليست رائدة في حقوق المرأة حيث يورد: “تتخذ السعودية خطوات صغيرة على طريق تقدم المرأة، ولكن الطريق ما يزال طويلا”.
ذا تلغراف: رقم قياسي للإعدامات في زمن:
في سياق انعدام حقوق الإنسان في البلاد، تناولت صحيفة "ذا تلغراف" موضوع تزايد أعداد الإعدامات. وقالت الصحيفة "وصلت المملكة العربية السعودية إلى مستوى قياسي في تنفيذ أحكام الإعدام على الرغم من تعهداتها بخفض عقوبة الإعدام".
وتم تنفيذ عمليات الإعدام في عهد"ولي الإصلاح محمد بن سلمان" الذي أشرف على ما لا يقل عن 1447 عملية إعدام منذ أن أصبح وليًا للعهد لوالده المسن سلمان في عام 2015.
قالت هارييت ماكولوتش، نائبة مدير منظمة ريبريف لحقوق الإنسان، إن "عقوبة الإعدام تستخدم على نطاق واسع لقمع أي شخص يُنظر إليه على أنه ينتقد النظام الملكي . ومن بين هؤلاء الأطفال، ثلاثة من عملاء ريبريف، وهم عبد الله الدرازي ويوسف المناسف وعبد الله الحويطي، وجميعهم معرضون لخطر الإعدام، حسبما ذكرت المنظمة الخيرية".
وقالت ماكولوتش: "إن الأحكام القاسية التي صدرت ضدهم تشكل رادعًا للآخرين الذين يفكرون في التحدث ضد العائلة الحاكمة سواء كانوا قرويين تم إجلاؤهم لإفساح المجال لمشروع نيوم الضخم الذي تبلغ تكلفته 1.5 تريليون دولار، أو المدافعين عن حقوق المرأة، أو الأطفال الذين يشاركون في الاحتجاجات، أو المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي".
علّق الناشط الحقوقي علي الحاجي لـ"ذا تلغراف"، إن "هذا الارتفاع في الإعدامات يأتي في تناقض واضح مع وعود محمد بن سلمان بالإصلاح، وقد تحدث علنا عدة مرات أنه يسعى إلى إصلاح الوضع وحصر الإعدامات في قضايا القتل فقط لأنها منصوص عليها في الشريعة الإسلامية وليس من حقه إلغاؤها".
وقال إن الكثير من القضايا تتعلق بتهم تتعلق بنقل وتهريب واستلام المخدرات، إلى جانب تهم المشاركة في الاحتجاجات، ومنذ هذا العام هناك تهم الخيانة للوطن.
وأضاف أن "الحكومة السعودية تنفق المليارات على شركات العلاقات العامة واستضافة أشهر الفنانين العالميين وأكبر الأحداث الرياضية لتبييض صورتها وإخفاء الحقيقة الكارثية لحالة حقوق الإنسان في السعودية".
وكانابن سلمان قد زعم إلغاء عمليات الإعدام في الجرائم البسيطة، لكنها لا تزال تشكل نسبة كبيرة من حالات الوفاة. ففي سبتمبر/أيلول، كان 16 من أصل 32 حالة إعدام لجرائم متعلقة بالمخدرات، وفي عام 2024، كان حوالي 41 في المائة منها لجرائم لا تفي بعتبة الجرائم الأكثر خطورة.
السعودية مسبب رئيسي لارتفاع نسبة الإعدامات:
أصدرت الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرا محدّثا حول تنفيذ عقوبة الإعدام حول العالم، مُحمّلا "السعودية" إلى جانب عدد من الدول الأخرى مسؤولية الزيادة الحادة في حالات الإعدام عالميا.
وفي تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية أظهرت فيه أن "السعودية" وحدها كانت مسؤولة عن زيادة أعداد الإعدامات بنسبة 15% خلال عام 2023. ووفقاً للمصدر نفسه، فإن الزيادة الحادة في عمليات الإعدام في عام 2022 ترجع في المقام الأول إلى ارتفاع عدد عمليات الإعدام المعروفة في الشرق الأوسط، حيث نُفّذ 24 في المائة من هذه العمليات في "السعودية".
هذا وقد غطى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة تطورات حالات الإعدام في الفترة الممتدة من يوليو 2022 وحتى يونيو 2023 .
واستشهد تقرير الأمم بمعطيات وردت من تقارير حقوقية تفيد بأن بعض أحكام الإعدام صدرت بعد اعتقالات تعسفية، وبعد عدم احترام الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، وبعد مزاعم التعذيب، بما في ذلك في البحرين و"السعودية".
كما عن إعراب لجنة مناهضة التعذيب والعديد من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة عن قلقهم وغضبهم إزاء الافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة في العديد من قضايا عقوبة الإعدام في "السعودية" ودول أخرى.
ارسال التعليق