تيران وصنافير ، العدو الى المياه الدولية
لا شك في أن الشد والجذب المثار في الوقت الحالي حول جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، يدعو ان للتساؤل عن دوافع هذه الرغبة الشديدة في نقل ملكية جزيرتين صغيرتين تمتلكان موقعاً استراتيجياً على مدخل خليج العقبة من مصر إلى السعودية.
وفي الحقيقة كعرب لا يهم كثيراً إلى من تتبع الجزيرتين لمصر أم للسعودية، لإدراكنا بأن الحدود الحالية بين الدول العربية ما هي إلا حدود مصطنعة من نتائج مؤامرة استعمارية لتجزئة الأمة العربية- اتفاقية «سايكس- بيكو» عام 1916، وما الاعتراف بتلك الحدود، بغض النظر عن أي موقف حالي تجاه الدول العربية إلا اعتراف بتلك المؤامرة التقسيمية على المنطقة، لكن المعيار الذي يحدد اتجاهنا بقضية الجزيرتين هو تأثيرها على قضيتنا الأم فلسطين.. ومع التطبيع القانوني والرسمي بين مصر والكيان الإسرائيلي ووجود سفارة للكيان في القاهرة من جهة، ومن الجهة الأخرى الاتصالات السرية سابقا والعلنية حالياً بين النظام السعودي وكيان الاحتلال، ليس هنالك فروق كثيرة بين المستوى الرسمي في مصر والسعودية تجاه الكيان الإسرائيلي وفلسطين.
لكن أين هي القطبة المخفية خلف هذه القصة ؟ .. لكشفها علينا البحث عن مصلحة «إسرائيل»، وأمنها الذي التزم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارته الأخيرة للكيان.
..بالمختصر يكمن لب الموضوع في أن تجارة «إسرائيل» المتجهة جنوباً تتم عن طريق خليج العقبة. إذ إن الموقع الاستراتيجي للجزيرتين يجعلهما متحكمتين في الملاحة التي تعبر إلى خليج العقبة، كما أن لتحويل المياه عند مدخل الخليج إلي مياه دولية أهمية كبرى لـ«إسرائيل». ففي الوقت الحالي إن الممر الملاحي الصالح للملاحة يقع فى المياه الإقليمية المصرية، أي إنه عند تحول تيران وصنافير إلى الملكية السعودية ستخضع المياه بين الجزيرتين والشاطئ المصري المطل على البحر الأحمر إلى قانون الملاحة الدولي، إذ إنه سيمنح الإسرائيلي حرية الملاحة، وبذلك يضمن للكيان في المستقبل أي انقلاب مصري على اتفاقية كامب ديفيد مع إدراك الكيان أن الاتفاقية لم تستطع تطبيع العلاقات مع الشعب العربي في مصر.
ماذا عن المصلحة المصرية ؟ ..فبغض النظر عن الوضع الاقتصادي والمبررات التي يتم تسويقها في مصر، فإن التنازل عن الجزيرتين لمصلحة المملكة السعودية سيشكل خطراً على الأمن القومي لمصر، كما ستخسر سيادتها على الجزيرتين والمياه المحيطة بهما، إضافة الى المعارضة الشعبية لمثل هذا القرار.
وما مصلحة النظام السعودي؟ تكمن الرغبة السعودية في تملك الجزيرتين الصغيرتين في دعم واشنطن للتغييرات داخل السعودية، إذ إنه يأتي في سياق الصفقة بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارته الأخيرة للرياض، فمقابل القبول الأمريكي بالترتيبات في البيت الداخلي السعودي، ينفتح النظام السعودي على «إسرائيل» ويعمل على تشكيل بيئة محيطة «آمنة» للكيان، ففي هذا السياق كشف المغرد السعودي «مجتهد» في تغريدة له، عن أن محمد بن سلمان وجه لتنفيذ حملة إعلامية و«تويترية» لتهيئة الرأي العام لعلاقات معلنة مع «إسرائيل».
وفي المحصلة فإن نقل ملكية الجزيرتين للسعودية سيزيد من المخاطر على الأمن القومي العربي، إذ إنه يشكل خرقاً جديداً لمصلحة الكيان الإسرائيلي في المنطقة.
راتب شاهين
ارسال التعليق