دلائل تورط النفط السعودي في إرهاب الهند وباكستان
تنشط السعودية ودويلات الخليج في باكستان والهند وتضخ أموالاً لو صرفت على فقراء السعودية لأغتنوا ولو أنفقت على معدمي الصومال وأفريقيا لأصابتهم التخمة، براميل النفط تراق فيها فتصبغ المنطقة بالسواد والظلام.
كتب كريستوف جفرلوت في مقال نشره مركز أبحاث كارانغي: في الوقت ذاته الذي أعلنت فيه السعودية محاربتها القاعدة وداعش، كانت الدلائل تحوم حولها بتقديمها الدعم المالي للمجموعات المنتشرة في باكستان مثل “جيش طيبة” و”شبكة حقاني”.
في عام 2008 برز إسم شخصين يرتبطان بالسعودية في القائمة التي حددتها وزارة الخزانة الأمريكية كقادة جيش طيبة، الأمر الذي أفشته إحدى مستندات ويكيليكس. تم توجيه الإتهام لـ “محمود محمد أحمد باحاذق” حامل الجنسية السعودية بتأمين الموارد المالية الأساسية لجيش طيبة ونشاطاته في حقبة الثمانينيات والتسعينيات. كما نشط في السعودية كأحد قواد جيش طيبة، فقام في عام 2003 بتنسيق الموارد المالية اللازمة بالتنسيق مع التجار والمنظمات غير الحكومية السعودية، فيما كان له دور رئيسي في الدعاية الإعلامية لجيش طيبة في عام 2005.
حاجي محمد أشرف هو الشخصية الأخرى حيث شغل منصب رئيس الشؤون المالية لجيش طيبة منذ عام 2003 على الأقل والذي قام شخصياً بجمع الأموال له خلال رحلاته في الشرق الأوسط، وأفشت ويكيليكس في عام 2009 مستنداً يُنْسب إلى هيلاري كلينتون تؤكد تقديراته أن المتبرعين السعوديين يشكلون أهم مصدر مالي للمجموعات الإرهابية في أنحاء العالم. فيما كشفت ويكيلكس في عام 2012 عن لقاء دار بين السفير السعودي وناصر الدين حقاني أحد الفاعلين الأساسيين في شبكة حقاني الإرهابية.
ولا يخفى بأن الصفاء والوئام لايسود مثلث المتبرعين السعوديين الحكام الباكستانيين والمجموعات التكفيرية، فالتكفيريون أشتاتاً وليسوا صفاً واحداً ولا تجمعهم العلاقة ذاتها بالمتبرعين، كما يتنافس جيش طيبة وجمعية أهل الحديث لنيل المساعدات السعودية.
ثانياً، يشعر السعوديون بالإشمئزاز من أعمال العنف التي قام بها بعض الباكستانيين المقيمين في السعودية، كالتفجير الذي إستهدف قنصلية أمريكا في جدة في حزيران 2016، والتي أدت إلى إلقاء القبض على 19 إرهابياً من بينهم 12 باكستانياً.
ثالثاً، تقوم السعودية بتربية إسلامييها بدون موافقة الحكومة الباكستانية، فتلجأ الرياض إلى إستخدام هؤلاء للضغط على الحكومة الباكستانية حينما ترفض الأوامر السعودية. فعندما رفض البرلمان الباكستاني في 2015 إرسال قوات إلى اليمن نزل أنصار “أهل السنة والجماعة” إلى الشوارع وطالبوا بدعم السعودية غير المشروط. كما تدعم السعودية منظمات مثل “جيش جهنجوي” الذي يعتبر من أعنف الفصائل والتي حاولت الحكومة والجيش الباكستاني تحجيمها.
وقد روى صحفي من رويترز أثناء مقابلة له مع “أحمد لوديانوي” قائد جيش جهنجوي مدى حفاوة إستقباله وأتباعه وترحيبهم بأحد الزوار، هو “مالك عبد الحق المقي” أحد رجال الدين المقيمين في السعودين والذي يمثل صلة الوصل بين المتبرعين العرب وجيش جهنجوي.
فيما إتهم وزير خارجية الباكستان “رياض حسين بيرزاده” السعودية بأنها سبب القلائل وزعزعة الإستقرار في العالم الإسلامي من خلال الأموال التي تنفقها على نشر الوهابية. ويلجأ السعوديون أيضاً إلى وسائل وقنوات أكثر أماناً لنشر الوهابية مثل القنوات التلفزيونية مثل “الرسالة” في باكستان الذي تبث باللغتين البشتو والآردو والتي تأسست في عام 2011 على يد “عبد الرحمن بن عبدالعزيز السديس” إمام مسجد الحرم المكي.
وحدث في الهند أمر مشابه من خلال إفتتاح قناة “السلام” على يد “ذاكر نايق” التي يصل عدد متابعيها إلى 100 مليون شخص. نايق الذي هاجم الصوفية والتشيع بصراحة وأعلن كفر من يطلب الشفاعة من الرسول الأكرم (ص)، كما ومدح قاتل سبط الرسول، الأمر الذي رفضه عدد من علماء الدين في الهند بينما إستحسنه رؤساء دول الخليج الفارسي. فقد أعطاه محمد بن راشد لقب شخصية العام الإسلامية ضمن مسابقة دبي الدولية للقرآن الكريم عام 2013، وسلمه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود جائزة الملك فيصل الدولية لخدماته الإسلامية والتي تقدر بميلوني دولار.
ينفق السعوديون ملايين الريالات أيضاً على الشركات السلفية في جنوب الهند، مثل مؤسسة البعثة الإسلامية المالية في كرالا ومؤسسة الرفاه الإسلامية وجامع المجاهدين العربية في بالاكاد، ومنظمتي “جبهة البعث الهندية” و “الحزب الديمقراطي الإجتماعي الهندي” والتي تنشطان في نشر الفكر السلفي. وتمويل 24 ألف مدرسة إسلامية لنشر الوهابية وفقاً لما أفصح عنه السيناتور الأمريكي كريس مورفي.
لن يتسنّى اليوم لـ”علي ندوي” تكرار ما قاله عن خيانة أعراب دويلات الخليج الفارسي لمسلمي العالم. فتزايد القومية الهندية الذي يتقوم بتحويل مسلمي الهند بالتدريج إلى مواطنين من الدرجة الثانية من جهة، بينما فقد الإسلام في جنوب آسيا إستقلاله تحت وطأة التأثير المتزايد لدول الخليج لفارسي من جهة أخرى. وربما شهدت الحضارة الهندوإسلامية تحولاً كبيراً، ولكن تبقى التحولات الباكستانية من أكثر المسارات عنفاً والتي تساهم الأفكار والأموال السعودية والخليجية في تشديدها ونشر الإضطرابات وزعزعة الإستقرار فيها.
ارسال التعليق