تسونامي الـ”تطبيع″: هل حديث إسرائيل عن تقدّمٍ كبيرٍ في العلاقات السريّة مع دولٍ عربيّةٍ لم تشهدها بتاريخها وعدم نفي الأنظمة هو تأكيد “السكوت علامة الرضا”؟
اللعب، على ما يبدو، بات على المكشوف، حتى أنّ المتتبع للشأن الإسرائيليّ، بات يشعر بأنّ الحديث عن علاقاتٍ سريّةٍ وعلنيّةٍ بين الدولة العبريّة ودولٍ عربيّةٍ لم يعُد خبرًا مهمًا ورئيسيًا، بعد تسونامي الأخبار الصادرة من تل أبيب عن هذه العلاقات.
ذكر موقع “ISRAEL NEWS 24″ الإخباريّ- العبريّ أنّ محللين ومسؤولين إسرائيليين باتوا يتحدّثون بشكلٍ علنيٍّ عن وجود تنسيق وتقدم في العلاقات بين دولٍ عربيّةٍ وإسرائيل، وبشكلٍ خاصٍّ مع دول الخليج، ويتوقعون أنْ يظهر بعضها بشكلٍ مطّردٍ إلى العلن، على قاعدة أنّ ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لإيران.
وتشير مسارعة كلٍّ من المملكة العربيّة السعودية والدولة العبريّة مؤخرًا إلى الترحيب برفض الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب الإقرار بالتزام إيران بالاتفاق النووي وفرضه عقوبات جديدة عليها، إلى التقاء مصالح بينهما. ولفت الموقع العبريّ إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، قد توقّف قبل أيام عند هذا الموضوع، قائلاً: عندما تكون لإسرائيل والدول العربية الرئيسية رؤية واحدة، لا بدّ من التنبّه، هذا يعني أنّ هناك شيئا مهما يحصل، على حدّ تعبيره.
وفي هذا السياق، قال أيوب قرا وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو، والنائب في الكنيست عن حزب “الليكود”، إنّ عددًا كبيرًا من الدول العربية تربطها علاقات بإسرائيل بشكل أوْ بآخر، بدءً من مصر والأردن المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع إسرائيل وتشمل السعودية ودول الخليج وشمال أفريقيا وقسمًا من العراق. وتشترك هذه الدول مع إسرائيل في الخشية من إيران، على حدّ قول الوزير الإسرائيليّ، المُقرّب جدًا من نتنياهو ويُعتبر ناطقًا غير رسميّ بلسانه في الأمور السياسيّة.
ولفت الوزير قرا إلى وجود ما أسماها “روابط تكنولوجية” بين دول الخليج وإسرائيل في مجالات تحلية مياه البحر والزراعة، ورأى في معرض ردّه على سؤال الموقع العبريّ أنّ أغلب دول الخليج مهيأة لعلاقات دبلوماسية مكشوفة مع إسرائيل، لأنّها تشعر أنها مهددة من إيران وليس من إسرائيل. لكنّه استدرك قائلاً إنّ العلاقات بين الائتلاف السعودي السنيّ وإسرائيل تحت الرادار. ليست علنية، بسبب ثقافة شرق أوسطية حساسة حيال هذا الموضوع، على حدّ وصفه.
بالإضافة إلى ما ذُكر آنفًا، لفت الموقع إلى أنّه منذ تولي الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب السلطة، وزيارته إلى الرياض في أيار (مايو) الماضي، والتي تلتها زيارة إلى إسرائيل، حصل دفع للعلاقات وللقاءات بين الإسرائيليين والسعوديين.
وزاد الموقع قائلاً، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، زاد قائلاً: هناك الآن سعوديون يلتقون إسرائيليين في كلّ مكان، هناك علاقات وظائفية مبنية على مصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية مثل العداء المشترك لإيران والتنظيم الإرهابيّ والمُتوحّش “داعش”.
أمّا الدكتور غيل ميروم المتخصص بموضوع الحكومات والعلاقات الدوليّة في جامعة سيدني فقال للموقع العبريّ إنّ العلاقات السعودية الإسرائيلية تعود إلى مطلع الثمانينيات، إذْ كانت تربط الملياردير السعودي عدنان الخاشقجي علاقات جيّدة مع وزير الأمن الإسرائيليّ حينها ارييل شارون، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ وسائل الإعلام الإسرائيليّة تناولت أخبار هذه اللقاءات في ذلك الوقت، على حدّ قوله.
لكن في المرحلة الحالية، يقتصر الحديث عن هذه العلاقات والاتصالات على الجانب الإسرائيليّ الذي لطالما وجد مصلحة له في الترويج لتقارب مع العرب لأسباب عديدة، لعل أبرزها إضعاف موقف الفلسطينيين في التفاوض مع الدولة العبريّة.
أمّا كريستيان اولريشسن، الخبير في شؤون الخليج في معهد “بايكر” للسياسات العامة التابع لجامعة “رايس″ الأمريكيّة فرأى في حديثه للموقع العبريّ أنّ إقامة علاقات دبلوماسية أوْ رسمية بين إسرائيل ودول الخليج أمر لن يحصل في غياب اختراق كبير في الموضوع الفلسطينيّ، لكنه يتوقع في الوقت نفسه أنْ تصبح الروابط الاقتصادية والأمنية أكثر انفتاحا خلال الأشهر والسنوات المقبلة.
علاوة على ذلك، أشار الخبير أولريشسن إلى احتمال حصول خطوات على طريق فتح مكاتب تجارية إسرائيليّة في دول خليجية عدة، أوْ زيارات وفود في محاولة لجس نبض الرأي العام. لكنّه شدّدّ في سياق حديثه على أنّ تلاقي المصالح لا يعني تلاقي القيم، وقد يستخدم قادة الخليج مثل هذه الزيارات كبالونات اختبار للتأكد من ردود فعل شعوبهم على هذه الخطوة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو قد أعلن في السادس من أيلول (سبتمبر) الفائت أنّ هناك تعاونًا على مختلف المستويات مع دولٍ عربيّةٍ لا توجد بينها وبين إسرائيل اتفاقيات سلام، موضحًا أنّ هذه الاتصالات تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقًا من تلك التي جرت في أي حقبة سابقة من تاريخ إسرائيل، على حدّ تعبيره.
وغنيٌ عن القول إنّه على الرغم من تصريحات قادة تل أبيب حول موضوع الـ”تطبيع″ مع الكيان الإسرائيليّ لم تُجابه من الدول العربيّة التي تُصّنف وفق المعجم الصهيونيّ بالدول السُنيّة، بالنفي أو التأكيد، أوْ حتى التطرّق إلى هذه التصريحات والأخبار، الأمر الذي يُثير العديد من علامات الاستفهام.
بقلم : زهير أندراوس
ارسال التعليق