العهد السلماني.. الاحتشام والعفة نحو الهاوية والقادم أعظم
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
روي عن النبيّ أنّه قال: "كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر" فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ فقال: "كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف؟" فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ فقال: "نعم، وشرّ من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟"- أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 417-418)، والحافظ عبد الغني المقدسي في "كتاب الأمر بالمعروف" (91-92)، والهيثمي في مجمع الزوائد 7/280-281 عن أبي هريرة، وأبو يعلى في "مسنده" (ق 301/ 1)، والطبراني حديثاً آخر في "المعجم الصغير" (ص 206) وغيرهم.
وكأني بالحبيب المصطفى يصف حالة بلاد الحرمين الشريفين في عهدنا الحاضر، حيث بدأت المرأة السعودية تكسر وتتجاوز الخطوط الحمراء الاسلامية منها والتقليدية في مجتمعنا المحافظ رويداً رويدا بدعم سلطة المنشار، لتتجرأة وتحضر الحفلات الموسيقية الماجنة والمختلطة تميل يمين يسار على الرجل الأجنبي، ثم دخولها الملاعب متبرجة غير محتشمة.. حتى بلغ بها المطاف خروجها بدون عباءة وحجاب في شوارع الرياض وجدة تلتقط السلفي وتنشره على مواقع التواصل الاجتماعي وما يطلقون على أنفسهم شيوخ علماء دعاة صمٌ بكمٌ عميٌ، خوفاً على ألأموال التي يرتزقونها من مسروقات رمق الشعب المغلوب على أمره.
مشاعل الجالود أعلنت وفي مقطع فيديو لها توقفها عن ارتداء العباءة تماما، وأخذت تسير في المجمع التجاري بالرياض وهي ترتدي قميصا برتقاليا وسروالا، لتساندها مناهل العتيبي بمقطع مشابه وهي تقول لوكالة فرانس برس: "منذ أربعة أشهر، منذ أن جئت إلى الرياض، وأنا لا أرتدي العباءة.. أعيش مثلما أريد، أتصرف بحرّية، لست مقيّدة، لا يُفرض عليّ لباس لست مقتنعة به".. الناس على دين ملوكهم فهم عبيد الدنيا ويميلون أينما تميل بهم ريح السلطة الشيطانية في التحلل والتبرج والفسق والفجور وعدم الحشمة وتجاوز العفة.
موقع "بلومبيرغ" الأميركي كتب يقول: أن السلطات السعودية لن تطالب الأجنبيات بعد اليوم بارتداء "العبايات"، لأنها تخلت عن قواعدها "الاسلامية" الخاصة بزي المرأة حتى الأجنبية في بلاد الحرمين الشريفين. موضحاً أن "المملكة بدأت ولأول مرة تسعى لجذب السياح والإنفاق المالي الذي يمكن أن يساعد في تطوير إقتصادها المنهار (حتى لو كان على حساب الدين والمعتقد والعادات والتقاليد). ونقل الموقع عن رئيس الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني أحمد الخطيب قوله إن غير السعوديات لن يضطررن لارتداء "العبايات"، الأمر الذي كان ملزما لهن لعقود من الزمن!!.
ولى زمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأضحى المنكر معروفاً والمعروف منكراُ ونساء المملكة نحو الفساد والتحلل وشبابنا التفسق والتعري والكحول والمخدرات، كما قالها حبيبنا الرسول الأعظم صلوات الله عليه، شاهد حيّ في العهد السلماني حيث إزدهار الملاهي والمراقص والحفلات الموسيقية الماجنة والمختلطة، ورفع الحجاب والسماح بصالات القمار والمشروبات الكحولية وإتساع رقعة الدعارة لسبب الفقر المدقع الذي يتفشى في الشارع السعودي أكثر فأكثر يوماً بعد آخر، وسلمان ونجله وأمرائهم يسرحون ويمرحون على الشواطئ الأوروبية (فرنسا) والآسيوية (اندونيسيا وماليزيا) والأفريقية (طنجة المغربية) ببذخ عشرات المليارات من دولارات نفطنا.
شاب آل سعود الطائش الأرعن أضحى كبير السحرة في المملكة ويفتي بما يشاء دون أن نرى لآل الشيخ وأتباعه وأعوانه نبس كلمة إعتراضية أو تصحيحية لمقولات المنشار الوقح وهو يفسر أحكام الاسلام على هواه ورغبة في إرضاء سيده اليهودي خلال حديثه مع القناة الأمريكية CBC أن "قرار ارتداء المرأة للحجاب أو العباية هو قرار شخصي بحسب الشريعة الإسلامية"!!.. متجاهلاً قوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ" - سورة الأحزاب، الآية 59، وكذلك " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ"- سورة النور، الآية31 وغيرها.
الوقاحة زادت به أكثر من ذلك ليتجرأ نجل سلمان المصاب بجنون العظمة والمدمن على المخدرات والفسق والفجور، ليتطاول على ساحة وقداسة الأنبياء عليهم السلام ليرد على سؤال بخصوص الدروس المستفاد منها وهل أرتكب أخطاء ، فكانت إجابته للقناة الأمريكية CBC على النحو التالي: "الأنبياء أخطأوا، فكيف بنا نحن، لكن المهم إذا أخطأنا أن نتعلم من أخطائنا ونتأكّد أنها لن تتكرّر".
المملكة تعيش زمن عصيب حيث فسد السلطان في حكمه، وظلمَ الناس في أعمالهم وحقوقهم وممتلكاتهم، وضاعت بلاد الحرمين الشريفين بالخيانة والفساد، ويتمَّ تشجيع الإنحراف بأشكاله المختلفة، وحلَّ الفساد على جميع المستويات، ولم تعد حياة الناس الفردية والاجتماعية في مأمن، فضاعت الحرمات وزالت الحدود والضوابط، فهذا يعني أن البشرية تتجه نحو خرابها ودمارها مصداق قوله تعالى" وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" – سورة البقرة، الآية 120، حيث الإنحراف والطغيان يزدادان بشكل كبير وسريع، ومحاولات جر العالم من خلال النظام العالمي الجديد والسيطرة الأمريكية الصهيونية الى منظومة الثقافة المنحلة والمائعة، والسلوك المشين، وتعميم الرذائل، ما يهبط بالانسانية الى أدنى مستوياتها.
قال الحافظ أبن عبد البر في التمهيد (6|364) في المرأة: «كلها عورة إلا الوجه والكفين. على هذا أكثر أهل العلم. وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام. وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم - وهو قول الأوزاعي وأبي ثور ايضاً - : "على المرأة أن تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها". وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة. وجائز أن ينظر الى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه. وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر الى وجهها مسفرة؟!.
أليس من العجب أن نرى الصمت المطبق الحاكم على المؤسسة الدينية أمام كل هذا الإنحراف والتفسق والإنحطاط الخلقي الذي يتفشى في الشارع السعودي، وهي التي كانت تصرخ عالية على كل شاردة وواردة من صغيرة وكبيرة فيما اليوم تتماشى ورغبة أرعن آل سعود وقوانين العهد السلماني؟، أهو الخوف من منشار العبد أمام محاسبة ومعاقبة الخالق؟ أم طمعاً بدرهم ودينار السلطان ومناصبه وموائده؟!. ونبينا روحي فداه نبهنا بقوله "يأتي على الناس زمان همهم بطونهم، وشرفهم متاعهم، وقبلتهم نساؤهم، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم، أولئك شر الخلق، لا خَلاقَ لهم عند الله"- رواه السلمي من حديث علي كما في كنز العمال وكما في كشف الخفاء لإسماعيل العجلوني.
التطورات المتلاحقة والسريعة التي تشهدها المملكة هذه السنوات العجاف هي نذير وصول الفساد الى أقصى مداه ودرجاته، حتى بدأ الإيمان والمعتقد والتقليد السري والاجتماعي يتآكل وينحدر ويُصاب بإنتكاسات كبيرة، ما يعني أن الشارع السعودي آيل الى الشقاء الأبدي والفناء السريع؛ فالهلاك الطبيعي للأمم الكافرة يكون بأنبيائها، والشعوب الشقية يكون بأعمالها وأدائها، والناس العاصية لربها، فالسنَّة الإلهية قائمة على سقوط الظالمين وخسرانهم في الدنيا قبل الآخرة؛ وقاله تعالى: " وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِير"- سورة الإسراء، الآية 16.
وَقالوا اِستَبانَت يا اِبنَ عُروَةَ إِبنَتُك فَقُلتُ لَهُم ما ذاكَ في حَقِّهِ نَقصُ
إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ ضــارباً فَشيمَـــةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ
ارسال التعليق