دبلوماسيون امريكيون: السعودية تتهددها كارثة وخراب كبيران
[حسن العمري]
* حسن العمري
ليس من المقدور لآحد أن يفاضل اليوم بين القاتل والضحية من أي جهة كانت، خاصة وإذا كان القاتل وقحاً جداً يقتل ثم يتبرأ من جريمته أو يبررها ليضع المسؤولية على عاتق الضحية باتهامها الخروج على القانون وضرورة التصدي له تحت طائلة "مكافحة الإرهاب" تارة أو "الخروج على الولي" تارة اخرى، حتى باتت هذه الأمور قديمة فافتعل سيناريو جديد وهو مكافحة الفساد هذا الشعار الملون الذي يجذب ويبهر السامع والناظر ويكون حصان طروادة لتبييض جرائم هكذا حكام.
الكاتب الأمريكي مايكل وولف قال في مقال له، أن محمد بن سلمان يعاني من مشكلة مزمنة وهي تعاطي الكوكايين وألعاب الفيديو، وهو الأكثر إجراماً بين أعضاء الأسرة الأكثر إجراماً على المستوى العالمي، وهذا ما تعرفه الإدارة الأمريكية بكلتا شقيها الفيل والحمار ولا تنبس بأدنى كلمة حيث مصالحها عالقة بمليارات البترول السعودي، والدعم المفتوح للتنظيمات الإرهابية الإجرامية الناشطة في منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا حيث الخصمين اللدودين ايران والصين.. فلا دعم ترامب ولا صمت بايدن لا يمكنه تبرير إجرام سلطة الرياض الذي تمادى كثيراً خلال السنوات الأخيرة.
أن تطلق تصريحات جوفاء عبر وسائل الأعلام الملونة والفضائيات المدفوعة الثمن أجنبية منها أو عربية، وتقف متبختراً بإفتتاح مركز لمكافحة الإرهاب وتنصب نفسك رئيساً له بفعل المال في الوقت الذي تؤكد التقارير الأممية وحقوق الانسان دورك الشنيع في المجازر البشرية التي ترتكب هنا وهناك وعمليات الاغتيال والخطف والتهديد المتواصلة الذي يتعرض له معارضوك في الداخل والخارج حتى بلغ بك المطاف الى تقطيعهم وتنشيرهم، لا يعني أنك حقاً تسير في اطار مكافحة الإرهاب بل العكس ما يؤكد إصرارك على المضي قدماً في طريق الجريمة الصامتة على شاكلة من سبقك بل وأكثر إجراماً منهم.
فيلم وثائقي بثته القناة الفرنسية الخامسة بداية العام الماضي، وبلغت مدته 75 دقيقة، عنوان: "محمد بن سلمان أمير المملكة العربية السعودية" للمخرج الفرنسي المعروف أنطوان فيتكين؛ ينظر الى ولي عهد سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، بأنه "مخادع ومتهور وديكتاتور يقود بلاده نحو الهاوية".. الفيلم سلط الضوء على استثمار "بن سلمان" لعدد من الملفات الإقليمية، بينها "حصار قطر، والحرب على اليمن، واستعداء إيران"، للظهور بمظهر الزعيم السياسي والعسكري على المستويين الإقليمي والدولي، لإسكات الأصوات من داخل الأسرة التي تشكك في قدراته على تحمل المسؤولية.. فيما كشف ضيوف العرض من أن "ولي العهد السعودي خدع الرأي العام الغربي وبعض العواصم بإعلانه عن مشاريع وإصلاحات غير مسبوقة وذلك للتغطية على القبضة الأمنية وعمليات القمع لكل الأصوات المعارضة له".
إنشاء لجنة الترفيه الى جانب فرق الموت المحيطة بك والتي تهدد كل صغير وكبير ولا ينجو من "سيف الحرابة" حتى الصبيان والمعاقين – وفق تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن ووتش رايس وغيرهما، يعني أنك ماضٍ وبكل اصرار في مسيرة تصفية الخصوم والمعارضين وكم الأفواه ولا تبالي لردود الفعل الداخلية والدولية خاصة تلك التي يمكن شراء ذممها بحفنة من الدولارات وإخفاء صوت ضميرها بحقائب مماثلة كما هو الحال مع الأمين العام للأمم المتحدة الماضي والحالي لرفع اسمك من قائمة منتهكي حقوق الأطفال وقتلتهم في اليمن وغيرها من البلدان.
الإرهاب الذي تدعي محاربته هو نتاج عقود طويلة من الزمن من التربية المشبوهة التي قام بها الذراع الآخر للسلطة في شبه الجزيرة العربية وقام نظامك الديكتاتوري على اساسه بعد اتفاقية الدرعية المخزية، فكانت نتيجتها أجيال تربت على فكر الكراهية وتكفير الآخر إدارته ما تسمى "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي لا يمكن الخلاص من إرثها القبيح المعادي للإنسانية والإسلام بقرار يوقف عملها، بل هو بحاجة الى خطوات عملية لرأب الصدع القائم بين طبقات المجتمع السعودي الذي تربى وترعرع على رفض الآخر والتمييز الطائفي والعنصري المستشري في المملكة.
دبلوماسيون أمريكيون أكدوا أن إعلان ولي العهد السعودي نيته مكافحة الإرهاب وقيامه بتأسيس مركز لهذا برئاسته أمرٌ لا قيمة له، ولا يفيد، إنْ لم يقترن، أولا، بسياسات وإجراءات مدروسة، تذهب بعيدا الى إصلاحات بنيوية في المجتمع السعودي وتركيبته، وهو المجتمع الذي خضع وعاش فترة طويلة في ظل الفكر المتطرّف.. وثانيا، لا يمكن أن تتم العملية بقرارٍ من فوق، بل تحتاج الى إعادة نظر شاملة للمناهج الدراسية والمؤسسات التربوية والثقافية والتعليمية، والمشرفين عليها من معلم الى أعلى سلطة في البلاد.. واذا لم يحصل ذلك ستكون المملكة على شرف جرف هار من دمار وتخريب وسينقلب السحر على الساحر، وربما نرى حرب أهلية طاحنة عما قريب.
صرف مليارات الدولارات من أجل تبييض الوجه وتحسين الصورة، ومنح الشباب والمرأة السعودية بعض الحريات المنزلقة اخلاقيا مثل الرقص المختلط والسكر وكشف الحجاب والتمايل يمين شمال في شوارع جدة والرياض، لا جدوى منها طالما تتصرّف بطريقة معكوسة حيث مئات الناشطين من كلا الجنسين وراء القضبان لا يعرف مصير الكثير منهم.. كبح حرية الرأي وتحريم المطالبة بالعدالة والتساوي والمشاركة في القرار التي باتت من أبسط مطالبات الشاب السعودي الطامح لبلد تزدهر فيه الحرية والديمقراطية بما تتماشى ومنشور حقوق الإنسان الأممي ودين الاسلام؛ سيرتك تعكس قولك: "نحن نعطي السعوديين بإرادتنا، وليس تحت الضغط أو المطالبة"، يعني لا للحقوق الفردية والبلد يفتقد لدستور والسلطة قائمة فكر الفرد الواحد.
الدبلوماسيون أكدوا أن محمد بن سلمان يسير في طريق العزلة وبات أقرب المقربين اليه بين هارب أو معتقل أو مذبوح، ولن يؤتمن بعد ما دفع بالكثير من المحيطين به الى تهريب بعض أسرار السلطة وما يخصه شخصياً كرهينة حفاظاً على سلامتهم كي لا يصيبهم ما أصاب رئيس جهاز أمن الدولة السعودي والمدير العام للمباحث العامة الفريق أول عبدالعزيز الهويريني، الذي يقال انه اعتقل مؤخراً بأوامر مباشرة من "بن سلمان"، الى جانب العشرات من الأمراء والشخصيات السياسية والأمنية الرفيعة التي كانت موالية له؛ فيما قضى بعضهم دون معرفة الأسباب مثل اللواء محمد الأسمري أحد أبرز القادة الأمنيين في النظام الحاكم والذي مات تحت التعذيب المبرح بعد اعتقاله بأمر من ولي العهد ولا تزال تحتجز جثته لمنع انفضاح جريمتها.
الغموض لا يزال يكتنف حادثة وفاة الأسمري وهو يشبه كثيراً الذي دار حول وفاة اللواء عبدالعزيز الفغم (الحارس الشخصي للملك سلمان). حيث كلاهما توفيا في ظروف غير مقنعة، والرواية الرسمية كانت ضعيفة وتشوبها الشوائب منذ البداية، حيث اعلنت الحكومة أن مدير عام السجون توفي أثناء أداء عمله متأثراً بسكتة قلبية مفاجأة، لكن الأغرب من ذلك، أن عائلته لم تستلم جثته ولم تعرف سبب وفاته الحقيقية حتى اللحظة، وإذا ماتدعيه السلطة هو الحقيقة فلماذا تخفي جثة الأسمري، ولم تُسلّمها لأهله حتى الآن؟!.
سفير الولايات المتحدة لدى السعودية جوزيف وسيتهال، كشف النقاب بقوله إنه خلال لقائه وحديثه مع "بن سلمان" تأكد لديه اعتقاد راسخ بأن "السعودية باتت تتهددها كارثة وخراب كبيران".. فيما أوضح الكاتب الصحفي في صحيفة "واشنطن بوست"، شان هاريس، أن تقريراً سرياً لوكالة المخابرات الأمريكية حذر الإدارة الأمريكية آنذاك (على عهد ترامب) من تولي "بن سلمان" ولاية العهد، واصفاً إياه بأنه "شاب بدون تجربة ومتهور، كما أنه يشكل خطراً على المملكة وثرواتها والمصالح الأمريكية في المنطقة لأنه غير مستقر".
ارسال التعليق