حدث وتحليل
أمريكا...أهمية بن سلمان بالنسبة لها كأهمية نتنياهو!!
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبدالعزيز المكي
لعل البعض من المتابعين يتذكر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أشهر، والتي قال فيها، في إحدى المناسبات، إننا وضعنا رجلنا على رأس السلطة في السعودية، في إشارة إلى محمد بن سلمان، وإذا لم تخونني الذاكرة، أنه أي ترامب أطلق هذا التصريح بعد إزاحة وطرد محمد بن نايف رجل السي آي اي، من ولاية العهد السعودي، وإحلال بن سلمان محله في هذا المنصب، الذي جعله قاب قوسين من العرش، بل والحاكم المطلق للمملكة حتى بوجود والده، لان الأخير "لا يحل ولا يربط"كما يقول المثل في العامية، أي ليس بيده شيء، فهو الملك سلمان أناط كل شيء، سيما مفاصل المملكة الأساسية إلى ابنه سلمان....
على أي حال، عندما صرح ترامب بهذه الشهادة لابن سلمان "رجل أمريكا" لم يهتم المحللون المتابعون حينها بهذه الشهادة وبأبعادها الإستراتيجية، وهي شهادة أكدها اليوم النائب السابق لمستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهو (بين روديز) في تصريحاته الأخيرة التي أدلى بها لقناة السي ان ان الأمريكية يوم 9/7/2018، حيث كشف بين روديز، أن أهمية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان توازي أهمية رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، مؤكداً بأن الاثنين يحظيان بدعم كامل في واشنطن وعلى عدة أصعدة...وقال ردويز " ولي عهد السعودية أحد الشخصين المهمين لنا في المنطقة، أنظروا لرفع أمريكا يديها بشكل كامل فيما يتعلق بملف اليمن والخلاف مع قطر والحلقة الغربية التي حدثت مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري...محمد بن سلمان بلا قيود ويخطى بدعم كامل من أمريكا ".
وحول نتنياهو قال روديز للسي ان ان.."أنظروا إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وسقوط ضحايا فلسطينيين مؤخراً في غزة، هذه أمور تعني أن بنيامين نتنياهو بلا قيود أيضاً ".وأضاف المسؤول الأمريكي السابق قائلاً: " في غياب رؤية أمريكية حقيقية للمنطقة، فأن السياسات في الشرق الأوسط موكلة لكل من الرياض وتل أبيب".
وفي الحقيقة، فأن هذه الشهادات لا تجانب الواقع مطلقاً وليست مجرداً إطراء ومديح لابن سلمان وحسب، وإنما هو يمثل محوراً في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وهذا ما تؤكده سياسات هذا الشاب (المراهق والأحمق)، والتي باتت تسخِّر كل شيء لخدمة ترامب وخدمة الصهيوني العدو للأمة، كما يتضح ذلك فيما يلي: أولاً بخدمة المصالح الأمريكية باعتراف الأمريكيين أنفسهم، وباعتراف صحافتهم، لم يأت حاكم في السعودية، من الجد المؤسس عبداعزيز بن سعود بن عبد الرحمن...وحتى اليوم، مثل بن سلمان ليوظف كل طاقات وثروات المملكة في خدمة المشاريع الأمريكية على الرغم من الخدمات الكبرى التي قام بها أعمام وأجداد بن سلمان لسيدهم الأمريكي، وقبله سيدهم البريطاني الذي ساعدهم في إنشاء كيانهم وقدم له الحماية والأسلحة ليكون صنواً وتؤءماً للكيان الآخر في فلسطين المحتلة وهو الكيان الصهيوني، وإذا أردنا أن نشير إلى بعض مما يقوم به بن سلمان الآن في الأطار المشار اليه، نذكر ما يلي:
1ـ جعل كل ثروة المملكة من الأموال الطائلة من عائدات النفط في خدمة ترامب، وقضية التريلونات وصفقات المليارات السعودية مع ترامب، ومنح الأخير أكثر من480 مليار دولار في زيارته الأخيرة للسعودية، بشكل هبات وعقود تسليح واستثمارات وما إليها..هذه القضية أصبحت معروفة، ونكتفي بالإشارة إلى أن ترامب تباهى بأنه نجح في تنفيذ وعوده للناخب الأمريكي، بإنعاش الوضع الاقتصادي للشعب الأمريكي، من خلال جلب الأموال الطائلة من السعودية ومن بقية الدول النفطية العربية في الخليج، وبأنه نجح في تقليص البطالة في أمريكا، وشغل مصانع كانت قد تعطلت في عهد أوباما بسبب التدهور الاقتصادي لامريكا، ذلك من خلال فرضه معادلة " شفط حليب البقرة السعودية "، اي معادلة الجزية مقابل الحماية لهذه البقرة حتى يجف حليبها والقيام بعد ذلك بذبحها !! فبالوعة ترامب مازالت تبتلع المليارات تلو المليارات من الدولارات، ومازالت تطالب بالمزيد، وبن سلمان لا يتردد في صب الأموال في هذه البالوعة صبّا !! ولولا هذا الدعم المالي الهائل من جانب النظام السعودي بقيادة بن سلمان لكان الاقتصاد الأمريكي في أسوأ أحواله بظل الأزمة الاقتصادية التي كان يعاني منها قبل مجيء ترامب.
جعل بن سلمان المملكة السعودية رأس حربة المشروع الأمريكي في المنطقة، فنادراً ما كان النظام السعودي وطيلة العقود الماضية يتصدر الريادة في أن يكون رأس حربة المشروع الأمريكي وبهذه العدوانية والعلنية والتحدي لمشاعر الأمة في المواطنِ العربية والإسلامية، وحتى لو أقدم هذا النظام على مثل تلك الخطوة، فأنه يقدم عليه من وراء الستار، ولا يندفع فيها بكل الاستهتار والحماقة التي يقوم بها الآن بن سلمان، فهذا الأخير ما أن أصبح وزيراً للدفاع حتى شن حربه على الشعب اليمني المظلوم الفقير، ليكون "الانتصار" فيها مقدمة لادوار أخرى يقوم بها النظام السعودي لحروب أخرى يحتاجها الأمريكي والصهيوني، من أجل إنعاش مشروعهما المتصدع والمتراجع في المنطقة،وحينها طالب البعض من بن سلمان بالقيام "بعاصفة حزم" أخرى في سوريا وفي لبنان!! غير أن الفشل والإخفاق السعودي الإماراتي في (عاصمة الحزم) اليمنية عرقل قيام بن سلمان بحروب أخرى خدمة لترامب ولمشاريعه وتحقيقاً لطموحات هذا الأحمق المتهور في أن يكون كلب الحراسة الأمريكي المقتدر في المنطقة!! هذا من جانب، ومن جانب آخر، جعل بن سلمان المملكة من الناحية الإعلامية رأس الحربة الأمريكية الصهيونية في مواجهة محور ايران وفي تمرير مشاريع الاميركان والترويج لها، والدفاع عنها إلى حد الاستماتة، تزخر بالمبررات التي تُسوَّق للأمة من أجل إقناعها بما يريده ترامب، ليس هذا وحسب، بل ان سلمان وابنه لم يكتفيا بوضع أموال النفط الطائلة في خدمة ترامب والصهيونية وحسب، وإنما وظفا إنتاج النفط الهائل في المملكة لخدمة الحرب الامريكية ضد روسيا وايران، فخفض الأسعار قبل سنتين جاء بناء على طلب أمريكا لضرب الاقتصادين الروسي والإيراني باعتراف الاميركان أنفسهم، وذلك في الأيام الأولى من ولاية ترامب،حيث انخفض سعر البرميل الواحد من 80دولاراً كمعدل، الى أقل من 40 دولاراً، مما عرّض الدول المنتجة الى خسائر فادحة، بسبب اقدام النظام السعودي على إغراق السوق النفط بفائض من النفط !! واليوم طلب ترامب من الملك في اتصال هاتفي برفع الإنتاج السعودي بمقدار المليونين برميل يومياً، من أجل التعويض عن النقص في النفط الإيراني، وأعلن ترامب أن سلمان وافق على طلبه وسيقوم بتزويد زبائن إيران بالنفط مثل الصين والهند وغيرهما!! ذلك رغم أنه يشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقات وأنظمة منظمة أوبك، انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية!!أكثر من ذلك أن النظام السعودي أعلن صراحة وبوقاحة انه سوف ينفذ طلبات ترامب الآنفة، كما جاء ذلك على لسان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، " بأن السعودية مستعدة لزيادة إنتاجها من النفط الخام ذلك لتأمين ما تحتاجه الدول مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية من النفط الخام ومنع حدوث أي نقص في السوق العالمية قد يؤدي إلى زيادة أسعار النفط "!!
ومن الجدير الإشارة إلى انه " لطالما نفط السعودية خلال العقود الماضية، أداة في أيدي قادة أمريكا، وبدلاً من الاستفادة منه لخدمة مصالح الشعب السعودي، أصبح وسيلة تستخدمها واشنطن لفرض هيمنتها على البلدان الأخرى...جيمس دوسر ولقد أدى هذا الأمر إلى حدوث خسائر كبيرة للحكومة السعودية " التي عانت من عجز في ميزانيتها العامة، حيث قدرت بعض التقارير تلك الخسائر، بمليارات الدولارات بسبب سياسية آل سعود في تخفيض الأسعار استجابة لطلب واملاءات واشنطن.
2ـ تعهد بن سلمان لترامب وطاقمه المكلف بمتابعة القضية الفلسطينية، وبتصفية هذه القضية وإنهائها، وبإجبار الفلسطينيين على القبول بما يسمى صفقة القرن، أو فرضها عليهم فرضاً بل وتجاوزهم في تنفيذها، كما يروج اليوم، بعدما رفض محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية هذه الصفقة التي وضعت بشهادة المعلقين الصهاينة حسب مقاسات الصهاينة أنفسهم وعلى رأسهم نتنياهو، وذلك ما أكدته أوساط سياسية وإعلامية أمريكية وصهيونية مراراً وتكراراً، وفي آخر ما قالته هذه الأوساط بهذا الصمود، الدراسة الصهيونية التي أعدها لمركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية الصهيوني، التابع لجامعة بار إيلان جيمس دوسر، والتي نشرها المركز يوم 9/7/2018 حيث أشارت تلك الدراسة إلى أن " السعودية معينة بتعزيز فرص تطبيق الخطة الأمريكية- صفقة القرن- على الرغم من أن هذه الخطة تركت إنقساماً عميقاً في العالم الإسلامي، حتى قبل أن تعلن واشنطن عنها بشكل رسمي بسبب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرار ترامب نقل السفارة إلى المدينة المحتلة "...
وتذهب الدراسة الى القول بأن السعودية سعت إلى ضرب الاستقرار في الأردن من أجل إجباره على القبول بالصفقة والتجاوب والتعاون مع السعودية وأمريكا والكيان الصهيوني في تمريرها، وفي هذا السياق تقول الدراسة الصهيونية..." أن الرياض معينة أيضاً بتعاظم حالة عدم الاستقرار في الأردن، حيث تعتقد القيادة السعودية أنه كلما زادت حالة عدم الاستقرار في البلاد انخفض مستوى ممانعة الحكم في عمّان لصفقة القرن ".
وذهبت الدراسة الصهيونية إلى أبعد من ذلك، إلى انه ومن أجل تسهيل عملية تمرير صفقة القرن تسعى السعودية إلى انتزاع القدس من إشراف الأسرة الهاشمية الأردنية، لكي لا تشكل هذه أمراً عائقاً أمام مصادرة القدس الشرقية لصالح الكيان الصهيوني كما جاء في صفقة القرن، وفي هذا السياق تقول الدراسة الصهيونية الآنفة " على الرغم من أن السعودية لم تعلن رسمياً رغبتها بانتزاع الإشراف على الأماكن المقدسة من الأردن إلا أن الكثير من الشواهد، قد تراكمت على أن مستوى العلاقات الوثيقة بين تل أبيب وكل من الرياض وأبو ظبي والمنامة سمح للسعوديين بطرح هذا المطلب ".
وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن "السعودية دعمت موقف حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب بوضع البوابات الالكترونية على مداخل المسجد الأقصى قبل عام، لدرجة أن الموقف السعودي جعل الأردنيين يخشون من أن هذا الموقف يمثل جزءاً من تفاهم بين إرادة ترامب وكل من الرياض والأمارات على منح السعودية موطئ قدم في الأماكن المقدسة في المدينة".
في السياق ذاته أكدت صحيفة (يسرائيل هيوم)- إسرائيل اليوم- في عددها ليوم 9/7/2018ان صفقة ترامب للتسوية مدعومة من معظم الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها السعودية والأردن ومصر والإمارات..ونقلت الصحيفة الصهيونية عن دبلوماسي أردني قوله " إن مبعوثي ترامب، غاريد كوشنر وجيسون غرينبلاط، عرضا على زعماء الدول العربية، بمن فيهم الرئيس المصري، والملك الأردني ومسؤولين سعوديين كبار، الخطوط الرئيسية لصفقة القرن، لافتاً في الوقت عينه إلى أنهما حصلا على دعم الدول العربية المعتدلة للوصول الى مسيرة السلام حتى بدون مشاركة عباس والقيادة الفلسطينية في رام الله وذلك من خلال تحييد مسألة قطاع غزة ".
يشار إلى نائب رئيس مجلس الأمن القومي الصهيوني السابق عيران عتصيون قال يوم 7/7/2018 لصحيفة هاآرتز..." حلم نتنياهو هو دفن اتفاق أوسلو، وإزالة مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية عن الأجندة، وقد نجح في ذلك، ولولا ترامب المساعدة والدعم في جميع القضايا المفصلية والمهمة "على حد قوله.
خدمة بن سلمان للمصالح الصهيوني
لا نجانب الحقيقة إذا قلنا إن بن سلمان صهيوني أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم، ولأنه كذلك أكثر الصهاينة من الإطراء عليه ومديحه، واعترافهم بأنه رجلهم الذي كانوا يحلمون به، وهو اليوم يحظى بحمايتهم، كما سخروا له عدد من المستشارين الصهاينة، ويقدمون له الدعم الأمني والعسكري في عدوانه على اليمن وفي المجالات الأخرى...وكشفت مصادر من الكيان الغاصب في 9 تموز الجاري، أن طاقماً طبياً خاصاً غادر إلى المملكة السعودية للأشراف على علاج بن سلمان لصعوبة نقله إلى المستشفيات الكيان الصهيوني ولحساسية الموقف، بعد حادثة إطلاق النار عليه في حادثة قصر الخزامي في أول محاولة اغتيال له خطيرة جداً، بعد انقلابه على عائلته وسيطرته على جميع مفاصل الدولة بالقوة...تلك المصادر قالت أيضاً أن الكثير من أمراء العائلة السعودية الحاكمة تعالج في الكيان الصهيوني، ومنهم في السعودية نفسها، حيث يغادر الطاقم الطبي إلى هناك لتقديم العلاج اللازم لهم، وهذا الأمر ليس بالجديد بل هو موجود منذ فترة طويلة، وهو جزء من السياحة العلاجية التي تعمل دولة الاحتلال على تقويتها وجلب أموال هائلة خصوصاً من دول الخليج العربية. وتجدر الإشارة هنا إلى ان الدكتور يتسحاق كريس، المدير العام الأكبر مستشفى حكومي في "إسرائيل" والشرق الأوسط (مركز شيبا الطبي)،كان قد شرح في مقابلة أجراها معه مراسل " اخبار بريكين الإسرائيلية" كيفية صناعة السياحة العلاجية والنمو الاقتصادي الذي تجلبه هذه الصناعة "لإسرائيل" خاصة من أثرياء الدول العربية.وبحسب كريس، فأنه في الوقت الحاضر، هناك العديد من السلطات السياسية من الدول العربية لديها سجل طبي في مستشفيات "إسرائيل"ويتم علاجها بشكل مباشر ومستمر من قبل فرق "إسرائيلية " طبية.
نعود إلى موضوعنا، ونقول إن الصهاينة أنفسهم اعترفوا أكثر من مرة، إن بن سلمان يقدم خدمات كبيرة اليوم للكيان الصهيوني مقابل الحماية، ومن أجل أن يدعم الصهاينة عبوره إلى عرش المملكة ليصبح ملكاً بدل أبيه، وفي الحقيقة أن بن سلمان يقدم الدليل العملي تلو الدليل على خدمته للمصالح الصهيونية، ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى بعض السياسات السعودية في هذا المجال، بما يلي:
اعترف لكيان الصهيوني بأن لليهود الصهاينة الحق في العيش على أرض فلسطين كما جاء ذلك في حديثه لمجلة اتلانتيك الأمريكية قبل أشهر، وشكل فريقاً اعلامياً وسياسياً لقيادة عملية التطبيع والدفاع عن الكيان الصهيوني وتبرير جرائمه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وبحق سوريا، ومحاولة إقناع الأمة بالتحالف مع الصهاينة، والدفع بالنظام البحريني في هذا الإطار، من ترويض الأمة، الشعوب الخليجية تحديداً، على التحالف مع الكيان الغاصب، وذلك في تبادل الزيارات العلنية بين الوفود والمسؤولين من كلا الطرفين الصهيوني والبحريني، والقصة معروفة....
يقود بن سلمان وإعلامه حملة تزوير للتاريخ من أجل تلميع الكيان الصهيوني وتضييع حقوق الشعب الفلسطيني، وحقوق الأمة الإسلامية في القدس، كما جاء ذلك في كتابات الكثير من قطيع محمد بن سلمان، ومنهم حكيم آلالشيخ وتركي الحمد وعبد الرحمن الراشد وغيرهم كثير، ونكتفي بالاشارة هنا، في هذا السياق، الى الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة العربية مؤخر اًي يوم 7/ 7/2018، والمكون من جزأين، وزعمت فيه القناة السعودية إنه يعيد صياغة قصة ولادة (اسرائيل) كما يراها العرب و"اسرائيليون" من خلال نص "خال من الأيديولوجيا أو التحزب" بحسب قولها....وأضافت القناة ان هذا الفيلم "يعيد النظر في اللحظات الرئيسية من القرن العشرين (الذي شهد النكبة والنكسة) عبر شهادات ومقابلات مع شهود عيان ومؤرخين من كلا الجانين (فلسطين واسرائيليين)، مدعومة بصرياً بصور أرشيفية اكتشفت حديثاً ".تستشهد القناة السعودية باثنين من هؤلاء المؤرخين، وهما ويليام كاريل، وبلانش فنجر، اللذين يتحدثان عن استكشافهما التاريخ المعاصر من خلال إعادة النظر في العقدين الأولين للكيان الصهيوني.وتدور كل أحداث ووقائع الفيلم كما أشرنا في محاولة تزوير التأريخ العربي والاسلامي لفلسطين، وطمس معالمها التأريخية لصالح الصهاينة، ولاقناع الرأي العام بتاريخ مزور للصهاينة، ولذلك ادان منتدى اعلاميين الفلسطينيين بشدة إقدام قناة العربية على بث فيلم يرصد ما اسمته " النكبة اليهودية " واصفاً ذلك بأنه إنزلاق خطير وسقوط مدوي من قناة تحمل اسم العربية،مؤكداً ان القناة قررت تجنيد نفسها لترويج رواية الاحتلال، الأمر الذي يميط اللثام عن دورها المشبوه. والأمور لم تقف عند هذا الحد،إنما يتحرك الصهاينة وفريق بن سلمان في إطار خطير وهو ما يطلق عليه "التطبيع الثقافي" فالطرفان شكلا لجان متخصصة مشتركة لتغيير المناهج السعودية في المدارس والجامعات بما ينسجم مع الروايات الصهيونية وحسب ما يريده الصهاينة من تغيير بل تزوير الجغرافية والتأريخ وكل شيء، وذلك ما يشكل أخطر ما يقوم به آل سعود في مجال الهرولة والتطبيع مع العدو الصهيوني !!
محاولة قيادة محور إقليمي في مواجهة محور المقاومة، بل ومحاولة حشد اكبر ما يمكن من طاقات المملكة وطاقات بقية الدول العربية والاسلامية في هذه المواجهة، ويؤكد الخبراء في هذا الاطار ان الهجوم على اليمن كان هدفاً صهيونياً بقدر ما كان هدفاً امريكياً من أجل السيطرة على مضيق باب المندب والساحل الغربي، حيث شكل هذا الأمر هدفاً امريكياً وصهيونياً قديماً جديداً،وهذا ما اكدته الباحثة العربية أمل موسى في كتابها الأخير " دم ونفوذ، من النفط والغاز" والذي كتب عنه الكاتب أدمون صعب في 9/7وفي مضائقه وموانئه يقول إن الباحثة أمل موسي أظهرت في أبحاثها، ان الكيان الصهيوني كان قد خطط منذ العام 1948للهيمنة على البحر الأحمر من خلال رؤية استراتيجية ترمي الى محاصرة العرب...ويقول أدمون صعب ان الباحثة أمل موسى أشارت الى أنه.." كان ديفيد بن غوريون، وهو اول رئيس حكومة للدولة العبرية، صرح عام1948 بأن على اسرائيل "السيطرة على نقاط استراتيجية في البحر الأحمر هي ذات أهمية قصوى بالنسبة الى اسرائيل لأنها تساعدها على التخلص من أي محاولة لمحاصرتها وتطويقها، كما ستشكل قاعدة إنطلاق عسكرية لمهاجمة أعدائنا في عقر دارهم،قبل أن يبادروا الى مهاجمتنا ".
هذا فضلاً عما يقوم به بن سلمان، من عبث وتدخلات سافرة في شؤون كل من العراق ولبنان وسوريا، وحتى الاردن الداخلية خدمة للمشروع الامريكي الصهيوني وفضلاً عن دوره النشط في تسويق صفقة القرن كما مر بنا، ثم محاولة تقوية الاقتصاد الصهيوني عبر مشاريع نيوم، واقامة خط السلك الحديدية مع العدو، وما الى ذلك كثير وكثير، ومن هنا تكمن أهمية بن سلمان بالنسبة لأمريكا وللكيان الصهيوني.
ارسال التعليق