عندما تحاضر العاهرة بالشرف.. والديكتاتور بالإصلاح والدمقرطة!!
[حسن العمري]
* حسن العمري
ليس خفياً على أحد أن أكثر من يتكلم عن الشرف هي العاهرة، وأكثر من يتحدث عن الأمانة هو اللص، وأبلغ من يتحدث عن الكرامة هو الذليل، وأغلب من يتكلم عن النزاهة هو الفاسد والمختلس، ومن يتفلسف بالديمقراطية والإصلاح هو الديكتاتور والمتفرعن في السلطة، وأصدح من يتكلم عن الإنسانية هو القاتل المجرم؛ وأخطرهم من ارتدى لباس التقوى وفي باطنه حلل المظالم وهتك الأعراض.. حتى قالوا أن "فاقد الشيء بليغ في وصفه".. ما يعكس حجم التناقضات في مجتمعاتنا البشرية خاصة العربية منها حيث حدث ولا حرج ونحن نشاهد أو نسمع عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من يتحدث عن الحكمة وهو متهور، ومن يتكلم عن التقوى وهو فاسق، ومن يتحدث عن العلم وهو جاهل.. هو زمن يرحب بالمنافق ويرفع شان المتملق وينبذ الصادق.
بنبرة قوية وجديدة ملؤها الثقة بالنفس، أصدر رعاة الإرهاب والإجرام والعدوان المحمدان "بن زايد" و"بن سلمان" و"تميم" بيانات مليئة بكلمات جميلة ملونة في ختام زيارة أبو منشار لأبوظبي والدوحة، رحبا فيها بالعملية الانتخابية التشريعية التي شهدها العراق.. وأهمية إجراء إصلاحات شاملة في لبنان تضمن تجاوزه لأزماته.. وأهمية التوصل لحل سياسي للأزمة في سوريا، والتأكيد على أهمية الوصول لحل سياسي للأزمة الليبية، ثم الترحيب بمبادرة الرياض لإنهاء أزمة اليمن".. ما يعكس مدى نفاقهم وكذبهم ودجلهم وتحايلهم على أنفسهم بداية ثم شعوبهم والرأي العام العربي، حيث الغربي يفقه جيداً خداع مثل هذه الادعاءات جملة وتفصيلاً الصادرة عن انظمة ديكتاتورية قمعية موروثة لا دستور لها ولا انتخابات، وكل من ينطق بالإصلاح والديمقراطية مآله السجن وربما سيف الحرابة.
كلما تقدمت العصور وازدهرت الحرية والديمقراطية أكثر وأكثر وباتت حرية التعبير والإصلاح أبسط مطالب الشعوب، كلما ازدادت أنظمتنا العربية نفاقها الاجتماعي والديني والسياسي.. ولا يوجد أبلغ من حكامنا الفراعنة والابالسة أعداء الحرية والديموقراطية يعضون الآخرين عن الإصلاح وعدالة الحكم السياسي، ولن نرى أشجى من دعاتهم وخطبائهم في المساجد فاسداً وهم يدعون بكل صلافة لحكام أنظمتنا العربية الوقحة والديكتاتورية بدوام الصحة والعافية من أجل كسب المال الحرام.. والمصيبة الكبرى حين ينصح هؤلاء الخونة والجواسيس والقادة العملاء البلدان الآخرى بضرورة الحل السلمي للأزمات واحترام إرادة الشعوب ويغضون الطرف ويتجاهلون بعمد عن ظلم أبناء جلدتهم وهو أشد وطأة وجورا، حيث السجون مليئة بالنشطاء ودعاة التغيير والعدالة والمساواة والاصلاح، القبضة الحديدية هي التي تحكم على الرقاب ومسلسل إعدام المعارضين السلميين يتنامى عام بعد آخر.
انها الحقيقة المؤسفة التي نشاهدها ولا نستطيع تغييرها، الحقيقة المجردة التي تعيش معنا في أيامنا ومكاننا وزماننا الغادر ومجتمعاتنا البسيطة التي تصدق بكل سذاجة ما تملي عليها الأنظمة الموروثة الظالمة والمستبدة بغسل الأدمغة عبر وعاظ السلاطين ووسائل الأعلام الملونة، فترى القبيح جميل والجميل قبيح، والوطني خائن والخائن وطني، والعاهرة شريفة والشريفة عاهرة و... انها نفس الحكاية التي تقول "أن زوجاً دخل يوماً على زوجته فوجدها تبكي فسألها عن السبب فقالت أن العصافير التي فوق شجرة بيتنا تنظر ليّ حينما أكون بدون حجاب وهذا قد يكون فيه معصيةً لله عزوجل... قبلها الزوج بين عينيها على عفتها وخوفها من الله سبحانه وتعالى وأحضر فأس وقطع الشجرة... بعد أسبوع عاد من العمل مبكراً فوجد زوجته نائمة بأحضان عشيقها!".
من سخرية الزمن أن نرى حكام مستبدين جاثمين على بلداننا الخليجية يعلمون أنظمة اخرى الاصلاح والتغيير والديمقراطية واحترام حقوق الجوار وعدم التعدي على الآخرين، فيما سجلاتهم ناصعة السواد ودماء الأبرياء تسيل ودياناً وانهاراً من بين أناملهم طيلة عقود طويلة حيث دورهم الريادي والعلني بكل ما شهدته منطقتنا العربية بعد أحداث سبتمبر وانطلاق الربيع العربي أظهر من الشمس لا يمكن إنكاره، حيث رائحة الدم لا تزال تطغى في سماء دول الشرق الأوسط لتلك الأجساد التي سقطت ولا تزال تسقط بالمفخخات الارهابية والاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، والعدوان على اليمن واحتلال البحرين والحرب على سوريا، كلها بالبترودولار الذي يسيطرون عليه.. فباتوا دون تردد مصداقاً لما قاله الأديب والفيلسوف الأيرلندي الساخر جورج برناردشو «المرأة العاهرة أكثر الناس حديثاً عن الشرف»، أو للمثل الشعبي الشهير القائل "يعلم الناس الصلاة وهو ما يصلي"، فيما ديننا الإسلامي ينهى التناقض في سلوك الشخص وأن ذلك ليس من صفات الإنسان المسلم المؤمن العاقل الحكيم، بل هي صفات المنافق المتقلب العميل المحتال الأرعن الطائش المصاب بجنون العظمة و..
ياللعار لزماننا الذي لم تصنه الرجال لقلتهم، لتبقى النطيحة والمتردية فرسان له، وأصبح الساقطين اللاقطين الذين يعتبرون أنفسهم حكام وقيادات ودعاة ومفكرين وان نقاشاتهم هي ساحات اصلاح أمام الفكر الصحيح، وتتزين نياشينهم بالرجولة حسبما تخيلو، والفداء حسبما توهمو، والشرف الذين يدعوه، وظنوا وتناسوا ان لواقعهم الباهت وملامحهم المثيرة للاشمئزاز وأيديهم الملطخة بدماء الأبرياء، لن تتمكن أعظم مساحيق التجميل ان ترجع لهم ما خسروه من شرف وكذب، وتوهمت قلوبهم المريضة ان حيلهم ستنطلي على الشرفاء اصحاب المبادئ، فهؤلاء ليسو الا بائعي دجل وأوهام وغدا ستعرفوهم وتشاهدوهم في مكان بعيد لا يوجد الا شعاع خفيف من الشمس وغرفة بـ 25 بـ 30 متر في احدى السجون او احدى المصحات النفسية تعالجهم من ماهم فيه من أوهام ترسبت لديهم من الطفولة واتو لينقلو المزابل التي تعلموها الى المواطنين الصالحين من يرجون العدل والمساواة والإصلاح والتغيير الذي هو من أبسط حقوق الإنسان.
سبع سنوات من العدوان الفاشي الغاشم على اليمن الشقيق الفقير دون جدوى ودون تحقيق أدنى مصلحة لمن شنه وساهم فيه وخان الوطن والأمة، كما هو الحال لمن خان القضية الأم لشعوبنا الإسلامي ألا وهي فلسطين منذ مطلع القرن الماضي حتى يومنا هذا (عبد العزيز آل سعود وأبنائه وأحفاده وأشقائه الخليجيين والأردني والمصري والمغربي)؛ حيث لم نر شعبا مسالما ينشد حريته قبل اليوم ويقتل بهذه الوحشية والقسوة ولم نر سكوتا مخزيا مثل هذا السكوت.. فلا ما تسمى جامعة الدول العربية ولا الحكومات العربية ولا الحاكمين ولا المسؤلين ولا أصحاب الرأي ولا مشايخ المساجد وعاظ السلاطين ولا أمم متحدة، لم نر أحدا رشح جبينه عرقا لما يحدث من مآسي في منطقتنا العربية، ومنها وضع بلاد شبه الجزيرة العربية الداخلي المليء بالقتل واراقة الدماء والتنكيل وتعذيب المعتقلين حتى الموت والسجون التي غصت بالابرياء بسبب سياسة من يحكمها، ولم يفتح حاكم عربي فمه بكلمة واحدة دفاعاً عن أشقائه هناك.. ثم يأتي من يفعل كل هذا الإجرام والدناءة والحقارة ليعلم الآخرين دروس الاخلاقَ!!.
نظام حكم قبلي ملكي ثيوقراطي عتيق في شبه جزيرة العرب الذي غير اسم البلاد الى (السعودية) ويسيطر عليه امراء ال سعود بمعاونة الفكر السلفي الوهابي المتخلف، وآخر سيطر على الحكم بخديعة الوفاق وأطلق اسم الإمارات (زايد) ليحكم قبضة بترهيب سائر قيادات مشيخات الساحل العُماني أو الإمارات السبع المتصالحة، وكذا الذي يحكم قطر (تميم) بخيانته لوالده وعزله من السلطة وهو في خارج البلاد، والبحرين التي يعين الملك نصف برلمانها ويحكمها نظام لا يقيده دستور والتظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاح والديمقراطية مستمرة ولم تمنعها كل أساليب القتل والقمع والاعتقالات وتكميم الأفواه وهدم المساجد وإغلاق الصحف وحل الجمعيات، والكويت التي يعيش عشرات الالاف من مواطنيها بدون هوية ولا يتمتعون بأي حقوق أو امتيازات ولا يحق لهم المشاركة السياسية او العمل او التملك العقاري.. كل اؤلئك الذين يحكمون حكما مطلقا دون دستور ودون احترام لأبسط مظاهر حقوق الإنسان والحريات الاساسية لا يصح لها أن تحاضر للاصلاح والحل السلمي واحترام رأي الشعوب وهم يفتقدون لكل ذلك في أنظمتهم الوراثية العفنة.
ارسال التعليق