مصادر دولية: المواطن ضحية نزوات "بن سلمان" وسياسته المتهورة
[ادارة الموقع]
* جمال حسن
كتبت وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية العالمية أن سياسة محمد بن سلمان المتهورة ونزواته تدفع بالاقتصاد السعودي نحو الهاوية، وسط أرتفاع كبير في تكاليف المعيشة الى جانب الصعوبات الكثيرة التي يواجهها الناس في تحصيل أرزاقهم ولقمة عيشهم في ظل تنامي البطالة وحملات التسريح الوظيفي في كلا القطاعين الخاص والعام التي تشهدها المملكة مع أرتفاع تكاليف الطاقة ورفع الدعوم الحكومية من غالبية المواد الغذائية والأساسية.
فأقتراح محمد بن سلمان تطبيق خطة اقتصادية "رؤية 2030" تسبب في خفض الميزانية العامة بنسبة 35%، وتقليل مستوى الدعم المالي للجوانب الخدمية التي تُقدم للمواطنين وزيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه، ورفع ضريبة القيمة المضافة والرسوم الأخرى بشكل لم يألفه المواطن السعودي من قبل، ما زاد الوضع سوءاً وجعل اقتصاد المملكة عرضة لنفاد السيولة النقدية.
يقول "بروس ريدل" المتخصص البارز في معهد (بروكينغز) والذي قضى 30 عاماً في وكالة الاستخبارات المركزية.. أن الخطر يكمن في أن حزمة الإصلاح الاقتصادي التي تعتمدها السعودية لن تقلل من اعتمادها على دخل النفط، وهو ما سيؤدي الى زعزعة الاستقرار ويضطرها لاتخاذ إجراءات تقشفية جديدة.. مع استمرار العدوان على اليمن وزيادة نفقات التسلح وبقاء أسعار النفط منخفضة تتزايد التأثيرات السلبية على الإقتصاد السعودي، ويزيد الأمر سوءاً بتزايد التوقعات بتراجع معدلات النمو في البلاد، وارتفاع نسبة العجز في الميزانية الى أكثر من 20% هذا العام.
وقد شهدت فواتير الكهرباء ارتفاعات كبيرة في قيمتها بنسبة تراوحت بين 35- 253 بالمئة - حسب صحيفة "عكاظ"، إذ قفزت الفاتورة التي يبلغ استهلاكها 2000 كيلوواط في الساعة من 110 الى 388.5 ريالاً بنسبة زيادة بلغت 253 بالمئة، ما رفع تكاليف الأسر السعودية الى أكثر من 30% ، وهو ما كشفه الوسم (الهاشتاغ) الشهير على موقع "تويتر": "الراتب لا يكفي الحاجة". وذلك قياسا بمعدل التضخم.
كما أظهرت البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء والخاصة بمتوسط أسعار السلع والخدمات في السوق السعودي ارتفاع 130 سلعة وخدمة موزعة على 5 مجموعات وهي "السلع الغذائية" و"السلع غير الغذائية" وسلع الخدمات" و"الأعلاف والحيوانات الحية" و"السلع الإنشائية". مع إنخفاض شديد لراتب الموظف السعودي قياساً بنظيره الخليجي حيث إن متوسط الراتب الشهري في المملكة يبلغ 6.400 ريال، بينما تبلغ المتوسطات في الدول الخليجية الأخرى 15.200 ريال، فيما متوسط راتب المواطنات 3.900 ريال مقارنة بالخليجيات البالغ 8.700 ريال، وفق ما كشفه الدكتور محمد رضا نصر الله عضو مجلس الشورى السابق.
وزارة المالية السعودية اعلنت مؤخراً ارتفاع الدين العام (الداخلي والخارجي) بنسبة فاقت 21% الى 737 مليار ريال (143.2 مليار دولار) بنهاية النصف الأول من العام الحالي، بعد أن كان قد بلغ 443.25 مليار ريال (118.2 مليار دولار) بنهاية العام المنصرم، الى جانب التخطيط لجمع نحو 60- 70 مليار ريال العام الحالي، غير الـ 18 مليار ريال (4.8 مليارات دولار) التي تم إقتراضها وسندات دولية بقيمة 11 مليار دولار تم إصدارها في أبريل/نيسان المنصرم.
من جانبها وصفت مجلة “إيكونومست” البريطانية، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأنه “طائش” يضر ببلاده دون مبرر، وأن سياساته غير قابلة للتنبؤ بها وتبعد عنه شعبه بالداخل والمستثمرين والحلفاء بالخارج؛ وإنه يعطي انطباعا بأن حقوق الملكية في السعودية تعتمد على نزوات الأمير.
وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية ، إن التغيير الذي يقوم به ولي العهد السعودي لن يتماشى مع القدرات الاقتصادية للمملكة، وسيصطدم مع بيئتها الاجتماعية، ومع الأسرة الحاكمة التي تخشى من تهميشها مع هذا التغيير، وقد يؤدي في نهاية الأمر الى حدوث أزمة كبيرة في البلاد ينهار على إثرها الاقتصاد السعودي.
فبعد أكثر من سنتين على إعلانه الرؤية الاقتصادية "2030" تبدو معالم الفشل ظاهرة وواضحة لا في تحليل النتائج فحسب، بل في الأهداف المُعلَنة التي كان "بن سلمان" قد ذكرها سابقاً، والتي تُظهرها الأرقام، حيث جميع المؤشّرات تدلّ على أن شاب آل سعود الأرعن يسير بسياسات تتناقض في خطواتها العملية، بحيث أن فشل "الرؤية" بات ذاتياً، يكمن في العقلية التي تديرها. فخفض معدّلات البطالة هو أبرز ما تضمّنته الرؤية لكنّ المعدّلات واصلت ارتفاعها، مسجلةً أرقاماً قياسية، عند 12.9 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي- وفق بياناتٍ الهيئة العامة للإحصاء.
ثم أخذت "الرؤية" على عاتقها التقليل من الاعتماد على الإيرادات النفطية، والذهاب باتجاه تنمية قطاعاتٍ أخرى، لكن نمو القطاع الاقتصادي غير النفطي قد وصل الى الصفر تقريباً في المملكة. ليدعم قرار خصخصة شركة "أرامكو" النفطية التدهور الاقتصادي للمملكة أكثر بعد أن قررت الحكومة بيع 5% من أصول الشركة والذي فوجيء بتوقف تام بعد عامين من التحضير، وسط شكوك قوية بعدم إتمامها نهائياً، كما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية .
في المقابل، سجّل نمو القطاع الخاص السعودي غير النفطي أدنى مستوى له في نيسان الماضي، منذ آب 2009- بحسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية الاقتصادية، حيث لم يتخطَّ 0.6%، ويقول مراقبون أن الحكومة السعودية تفتقر لمقومات قيادة عناصر الاقتصاد غير النفطي، لاعتمادها التاريخي على الإيرادات المالية السهلة والسريعة من المبيعات النفطية، إضافة الى غياب الإدارة القادرة تنفيذ خطط التنوع الاقتصادي. ثم التهّور السياسي غير المسبوق لولي العهد والذي أطاح بثقة المستثمرين وهو العامل الأبرز المؤثر على نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي.
الدكتور خالد البسام أستاذ قسم الاقتصاد بجامعة عبد العزيز والمستشار الاقتصادي، أوضح إن الاقتصاد السعودي يعاني خللاً هيكلياً وتشوها واضحا في قاعدته الإنتاجية، والمملكة تعاني حالياً "التضخم الزاحف".. فقد ارتفع معدل التضخم في السعودية 5ر3 % خلال تموز الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه، مسجلاً أعلى مستوى له في 17 شهرا، بحسب ما ذكرته الهيئة العامة للإحصاء، فيما توقعت مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي"، ارتفاع معدل التضخم في البلاد بنسبة 5.7 بالمائة خلال الربع الثالث 2018، مدفوعا ببعض برامج الإصلاح الاقتصادي. كل ذلك الى جانب نظام العمل الجديد الذي يواصل بموجبه القطاع الخاص الطرد التعسفي لمئات المواطنين من وظائفهم مع تمكن أرباب العمل وأصحاب المنشآت من التهرب من المساءلة بغطاء قانوني توفره المادة 77، وسط تسريح حوالي مليون من العمالة الأجنبية في غضون أشهر معدودة.
أما صحيفة "الغارديان" البريطانية فقد أكدت أن سياسات "بن سلمان" تدق أجراس الخطر، والواقع يؤكد أن كل حملة قادها تحولت الى مستنقع ما أثر سلباً على الوضع الاقتصادي في المملكة يتحمل المواطن عبأه لوحده، وسط أنباء تؤكد استمرار سير نزول البورصة السعودية بسبب هذه السياسات الطائشة ليتراجع مؤشرها الرئيسي بـ 1.36% عند 8253 نقطة، في حين خسر رأس المال السوقي للأسهم نحو 26.8 مليار ريال (7.2 مليارات دولار)، وقد سجلت 22 شركة من بين 111 شركة سعودية خسارة مالية في النصف الأول من العام الحالي، وفق موقع أرقام.
ارسال التعليق