السديس لن يكون آخرهم؛ مشايخ المملكة يعانون والسبب...
[ادارة الموقع]
لقد قام ولي العهد محمد بن سلمان بإحداث زلزال داخل المؤسسة الدينية السعودية ودمر لها كل ما بنته عبر العقود الثمانية الماضية، حتى وصول رجال الدين داخل المملكة إلى احساس بالخطر وشعور بالقلق على مستقبلهم في ظل تعمد بن سلمان تحويلهم إلى دمى بيده يحركها كما يشاء ويجعلها تنطق بما يريد وفقا لمصالحه الشخصية، مخالفا بذلك تاريخ العلاقة بين عائلته والمؤسسة الدينية والتي كان يحكمها اتفاق ضمني خرقه الأمير الشاب واضعاً رجال الدين في مهب الريح، عرضةً لفقدان مكانتهم وشعبيتهم وماء وجههم في كل موقف جديد يتخذونه بما يتماشى مع سياسة ولي العهد ورؤيته لمستقبل المملكة على مقاييسه الخاصة دون إعارة أي أهمية لتاريخ البلاد والمبادئ التي نشات عليها وهنا بدأ الخلاف مع رجال الدين وأصبحوا عرضة للاعتقال والنفي في أي لحظة.
السؤال الآن، هل استطاع رجال الدين الذين يوافقون بن سلمان في كل ما يريد أن يحفظوا ماء وجههم أمام ابناء البلد والأمة الاسلامية جمعاء وأن يتخذوا قراراتهم بما يمليه عليهم دينهم وبما ينصف أحوال الناس؟!.
في الحقيقة الأمر لا يبدو كذلك ومثال ذلك ما جرى مع عبد الرحمن السديس، إمام الحرم المكي ورئيس شؤون الحرمين الشريفين، الذي صدم الشعب بمجموعة تصريحات أشعلت غضب الشارع عليه، وعلى ما يبدو لم يكن للسديس خيار في هذه التصريحات فهي مبنية على أساس مصلحة بن سلمان وما يريده منه أن يقول، فقبل عدة أشهر قال الشيخ السديس إن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية اليوم هما قطبا العالم بالتأثير ويقودان العالم والإنسانية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وبقيادة الرئيس الأمريكي الى مرافئ الأمن والسلام والاستقرار والرخاء.
هذه التصريحات لم تكن عند حسن ظن الشعوب العربية والاسلامية وحتى السعودية نفسها، لأنها تبرر لواشنطن كل جرائمها في الشرق الاوسط والعالم، وهذا الكلام ينافي ما تظهر من تصريحات رجال الدين داخل المملكة خلال العقود الماضية والتي لم تكن تعتبر أمريكا رمزا للسلام خوفا من جرح مشاعر المسلمين الذين لم ترحمهم واشنطن لا بإعلامها ولا بآلات قمعها وبهجماتها المباشرة عليهم سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا وحتى فلسطين التي تعرضت وتتعرض لتصفية جماعية لأبنائها ولقضيتها، ومن هنا بدأت الشعوب العربية والاسلامية تفقد ثقتها برجال الدين السعوديين.
ماذا حصل مع السديس في جنيف؟!
قبل اسبوع من الآن قدم الشيخ عبد الرحمن السديس إلى العاصمة السويسرية، جنيف بدعوة من هيئة المراكز الإسلامية الأوروبية، وخلال احدى الندوات التي أقامها هناك تعرض الشيخ السديس لكثير من الانتقادات من قبل مواطنين عرب هناك، إذ هاجم بعض النشطاء السديس بسبب سياسة المملكة الحالية مسببين له الاحراج، ما اضطره للفرا من المكان دون الرد على اسئلة هؤلاء النشطاء.
السؤال الأول جاء من الناشط الجزائري يخلف صلاح الدين، سائلا إياه عن رأيه في حصار قطر، وحرب اليمن، والانتهاكات التي تحصل بحق المدنيين.وتوجه إليه قائلا: "أنتم تحدثوننا عن الأمن وتحاصرون إخوانكم في اليمن وفي قطر وكنتم سبب إسالة الدماء عام 1992 في الجزائر وانقلاب مصر وانقلاب تركيا".
وتابع قائلا: "وكيلكم الله.. أنتم تساندون آل سلول (آل سعود) وانتم مسؤولون يوم القيامة"، وأضاف "لا سمع لكم ولا طاعة يا عبيد أمريكا.. ينصر الله دولة العدل ولو كانت كافرة.. أنتم الطواغيت".
أما السؤال الثاني فقد ظهر في مقطع فيديو ثاني، ظهر فيه ناشط مغربي وهو يسأل السديس عن موقفه من "حصار قطر"، وتصويت الاتحاد السعودي لكرة القدم لصالح الملف الأمريكي لاستضافة المونديال، على حساب الملف المغربي. وبحسب الفيديو لم يجب السديس عن تساؤلات الناشط المغربي، فيما اكتفى بالتأمين على دعاء الناشط نفسه بأن يصلح الله أحوال السعوديين والقطريين.
الامر لم يقف عند هذا الحد فقد تداول ناشطون عبر موقع التدوين المصغر "تويتر" مقطع فيديو جديد يظهر رفض العديد من المسلمين المقيمين في سويسرا وأوروبا الصلاة خلف امام الحرم السديس.ووفقا للفيديو المتداول، فقد ظهر عدد من مسلمي أوروبا وهم يقفون خارج المسجد الذي أمًّ فيه السديس المصلين يرفضون الدخول للمسجد للصلاة خلفه، وقد عبر الحضور عن موقفهم الرافض للصلاة خلفه لصدمتهم من مواقفه الأخيرة الداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني على الرغم من نشأتهم وهم صغار على حبه، كما أظهر الفيديو توجه المعارضين له نحو باب المسجد لحظة خروجه، وهم ينعتونه بالطاغوت والمنافق وعدو الله .
هذه الأحداث المتواترة والمتكررة تنبأ بوجود شرخ عميق بين الشعب والسلطة الدينية سببه بن سلمان، الذي أجبر رجال الدين على الطاعة وإلا فالسجن ينتظرهم، ومن هنا بدأ الخوف والقلق من أن يحدث لهم نفس الذي حصل مع الذين عارضوا ولي العهد، لكن هذا المسار سيأجج ويعمق الخلاف مستقبلا بين السلطة السياسية والدينية والتي حافظت على توازن في العلاقة لعقود طويلة، والله اعلم ماذا سيجري بينهم اليوم في ظل هذه السياسية غير المدروسة التي يقودها بن سلمان والمبنية على الغرائز.
ارسال التعليق