إعلام آل سعود يواصل الانحدار في وحل التطبيع المجاني
التغيير
في فضيحة جديدة، تثبت مواصلة إعلام نظام آل سعود الانحدار في وحل التطبيع المجاني مع إسرائيل، نشرت صحيفة “الجزيرة” المحلية مقالا يروج لرئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة غولدا مائير.
ووصف المقال الذي كتبته “سهام القحطاني” مائير بـ”إحدى النساء المميزات، بغض النظر عن “الخير والشر”، لأنه ليس مقياسا لانتقاء الشخصية التي تتحدث عنها.
الجدير بالذكر أن غولدا، مجرمة الحرب الصهيونية، قامت على توفير التمويل للعصابات الإرهابية اليهودية، التي ارتكبت مجازر 1948، وهي القائلة حين وقفت على شاطئ خليج العقبة: “إني أشم رائحة أجدادي في خيبر”.
ويثير إعلام آل سعود الكثير من الغضب في الأوساط العربية والإسلامية هذه الأيام بتبنيها خطابا يروج للارتماء بحضن الاحتلال الإسرائيلي وسط دعوات كبيرة لمقاطعته.
إذ يتجاهل إعلام آل سعود بتعليمات عليا مع سبق الإصرار والترصد، كل الاعتداءات التي مارسها ويمارسها هذا الاحتلال ضد الفلسطينيين والعرب فرادى وجماعات، على امتداد الخريطة العربية.
لكن، لا ينبغي لأي منا الاندهاش، أو التظاهر بالصدمة مما يرى ويسمع، ولا يجب إغفال أن هذه الجائحة الإعلامية ليست وليدة اللحظة، أو ابنة الظرف الراهن.
بالنظر، إلى الوراء قليلاً، والتمعن في بعض المياه التي جرت تحت فضاء إعلام آل سعود خلال العقود الثلاثة الأخيرة، يمكن القول، بكل موضوعية، إن خطاب التطبيع ليس إلا قمة جبل الجليد، أما جذر الجبل فيضرب عميقاً إلى سنوات خلت، أحدثت طوالها معاول التخريب دمارا كثيرا في وعي المتلقي العربي.
بالرجوع إلى تسعينيات القرن الماضي، بداية انتشار موضة القنوات الفضائية العربية، عمد نظام آل سعود وشركاته الرائدة في مجال الاستثمار الإعلامي، إلى إغراق الفضاء بعدد كبير من القنوات الفضائية ذات المحتوى التافه أو الدعائي الموجه.
وخلال سنوات قليلة، كان الفضاء العربي يعجّ بسيل جارف من القنوات، منها ما تخصص في تعميق الشرخ الطائفي، ومنها ما انفرد بترويج خزعبلات التنجيم والعلاج بالأعشاب والحجُب المقدّسة، بينما راحت قنوات أخرى تغسل أدمغة الشباب العربي بمضامين غريبة تستوردها من المكسيك والولايات المتحدة، وحتى من أستراليا وتركيا.
وفي المحصلة، لم يكن الغرض من هذه المحطات، أو الباقات، كما كانت تُسمى، سوى حرف النقاش في المجال العام العربي بعيداً عن القضايا المركزية، وصرف الجمهور نحو مضامين تُنتج تحت بدعة “الجمهور عايز كدا”.
ولملء هواء مئات المحطات الفضائية، راح المال السعودي يضخّ ملايين الدولارات لإنتاج أو شراء حقوق برامج ترفيهية هابطة لشغل الحيز الإعلامي بضجيج فارغ، أولاً، ثم إغلاق هذا الفضاء أمام أي محاولاتٍ جادّة لإنتاج محتويات إعلامية هادفة.
أنفقت المؤسسات الإعلامية لنظام آل سعود في العقد الأخير من القرن الماضي، أموالا طائلة على برامج المسابقات والطبيخ والموضة وتفريخ نجوم الطرب والرقص، من دون أن يُسجّل لها أي إنتاج يرفع من القيم الاجتماعية أو الثقافية للجمهور العربي المتلقي.
بل ظهرت هذه المشاريع الإعلامية وكأنها تتربّص بالوعي العربي، وتسعى إلى تمييع الفضاء العام، وتلويث تربته، حتى لا تنبت فيه أي فسيلة صالحة.
ومع حلول عصر الإعلام الإلكتروني، توجّه المال ذاته إلى إيجاد مئات المنصات الإعلامية، وتزييف آلاف الحسابات الإلكترونية الوهمية لإغراق المجال العام الإلكتروني بذباب مسموم، يبث الشائعات والأخبار الكاذبة، ويبشّر بزمن التآخي مع الحليفة إسرائيل.
ومع اندلاع ثورات الربيع العربي، سَعَت دول “الضد” إلى صناعةِ قادة جُدد للرأي العام، أطلقت عليهم “المؤثرين”، فتحت لهم المنصّات الإلكترونية، وأوكلت إليهم مهام إيهام الرأي العام، وإشغاله بمواضيعَ جانبية وهامشية، تريحه من قرف همومه اليومية والمعيشية.
في المحصلة، يتضح أن ما نشاهده هذه الأيام من مضامين إعلامية موجهة ما هي إلا حلقة في مسلسل بدأ منذ ثلاثة عقود على الأقل، أنفقت فيه دول عربية ملايين الدولارات لخنق الرأي العام العربي، وتطويقه، حتى لا تقوم له قائمة.
ما نراه اليوم هو مجرّد حلقة في سلسلة كي الوعي العربي، وهندسة الجمهور العربي، ليتحول إلى قطيع أو قطعان. مسلسلات التطبيع التي نشاهد هذه الأيام حلقاتها المتعاقبة، ليست إلا رشقة عابرة سبقتها موجاتٌ من التمييع والإغراق والسلب والاستلاب استهدفت أجيالنا.
لا يقل خطر مسلسلات التطبيع عن فداحة برامج التخدير والترفيه الرخيص، ولا تقل هذه الأخيرة فظاعة عن برامج غسل الأدمغة بمحتوياتٍ تُزَوِر تراثنا، وتُزيف حاضرنا، وتَستنزف مستقبلنا. ستمرّ الموجة الراهنة، مع نهاية الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل أو ذاك، لكن الأخطر أن تتمدّد منصات تجريف العقل، وكي الوعي، والتلاعب بالجماهير.
وقد دعت شخصيات أكاديمية وحقوقية في المملكة إلى #مليونية_ضد_التطبيع مع إسرائيل احتجاجا على ترويج إعلام نظام آل سعود في مسلسلات شهر رمضان لفكرة التطبيع.
وجاء في بيان إعلان الحملة “في هذه الأيام يستمر مشروع التطبيع بمحاولة اعلامية لزراعة فكر التطبيع خاصة خلال مسلسلات مليئة بالانحرافات التاريخية”.
وأضاف البيان “فندعو شعب بلاد الحرمين وجميع المسلمين للانضمام الى مسيرة افتراضية تحت وسم #مليونية_ضد_التطبيع مساء يوم الجمعة المقبل الساعة العاشرة مساء بتوقيت مكة المكرمة والقدس الشريف”.
وأكد البيان أن “مسيرة افتراضية ضد التطبيع السعودي والعربي بيد حكام العرب الخونة والجبان حتى ننادي بأن #فلسطين_قضيتي ونرفض كلام المطبعين بأن #فلسطين_ليست_قضيتي”.
ارسال التعليق