الإستئناف يصادق على حكم الإعدام بحق الحويطي وآل تحيفة
هو نهج مستمر مهما حاول محمد ابن سلمان الايحاء والترويج لمقاربة جديدة تجتاح الجو العام في "السعودية". لا يقف جزّار "المملكة" عند حدّ، لا يكتفي من كل الأخطاء المتراكمة ولا نيّة لديه بالتعلم. كيف لا، وما برح النظام السعودي يرتكز على أداته القضائية للتصديق على قرارات الإعدام من قبل المحكمة الإستئنافية، وهي المرحلة التي تسبق تثبيت الحكم مع مصادقة المحكمة العليا.
وفي هذا الإطار، أيدت محكمة الإستئناف حكم القتل بحق كل من حيدر ناصر آل تحيفة والقاصر عبدالله الحويطي.
يذكر أن حيدر ناصر آل تحيفة، من سكان القطيف، اعتقل مطلع سبتمبر/ أيلول 2017 من نقطة تفتيش الهدلة وتم ترحيله إلى سجن المباحث على طريق الرياض. آل التحيفة حُكم ابتدائيا في سبتمبر/أيلول 2021 بالقتل تعزيرا من قبل النيابة العامة، إلى أن أيدت محكمة الإسئناف مؤخرا الحكم الصادر. القرار يأتي بعد محاكمة فاقدة للشرعية، بعد ما يقارب 5 سنوات من الاعتقال التعسفي في سجن المباحث العامة بالدمام.
هذا وتؤكد المصادر أن القرار صدر على خلفية تهم غير جسيمة وبعضها يتعلق بالمشاركة في أنشطة سلمية. كما لفتت المصادر إلى أن بعض التهم الموجهة للتحيفة تعود لفترة الطفولة. وكان آل تحيفة قد تعرَّض طوال فترة اعتقاله لعدة انتهاكات وتعذيب بهدف انتزاع اعترافات.
أما القاصر عبد الله الحويطي، فقد أصدرت بحقه المحكمة الجزائية بمنطقة تبوك، في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حكماً يقضي بالقتل حداً، بعد توجيه تهمة السطو المسلح على محل مجوهرات وقتل عسكري بسلاح ناري في محافظة ضباء. كما أُدين خمسة آخرين معه بالتورط في نفس الجريمة وحُكِم على كل واحد منهم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً، بالإضافة للجلد ألف جلدة ودفع قيمة المسروقات التي تقدر بـ 800 ألف ريال سعودي.
يذكر أنه تمت مداهمة منزل أسرة داهم عبدالله الحويطي (18 يوليو/تموز 2002) من قبل رجال أمن ملثمين في 8 مايو/أيار 2017، وكان عمره حينذاك 14 عاماً، وقاموا باعتقاله وأخيه عبدالعزيز واقتيادهما إلى مركز شرطة محافظة ضباء. وفور وصوله وجهت له تهم بارتكاب جريمة السطو والقتل التي جرت في 6 مايو/أيار 2017.
وفي 2 مارس/آذار 2022 أصدرت المحكمة الجزائية بتبوك حكماً بقتل القاصر عبد الله الحويطي قصاصاً مستبدلة الحكم السابق بالقتل بحد الحرابة الذي نقضته المحكمة العليا في 10 نوفمبر/تشرين الأول 2021.
ومنذ نقض الحكم لأسباب تتعلق بعدم كفاية الأدلة وفي ظل إنكار عبد الله لاعترافاته وتأكيده على أنه أجبر على التوقيع عليها تحت التعذيب الشديد، أعادت المحكمة الجزائية في تبوك محاكمته وعقدت عدة جلسات. لم تتضمن الجلسات إعادة النظر في صحة الاعترافات وفي تأكيد عبد الله تعرضه للتعذيب، كما لم يتم التحقيق في انتهاكات عدة بينها عدم حصوله على الحق الكافي في الدفاع عن نفسه.
وبحسب مذكرات الحويطي التي نشرتها والدته على "تويتر"، والتي دوّن فيها الإجراءات التي اتخذت معه منذ اللحظة الأولى لاعتقاله حتى مصادقته على الأقوال التي كتبها المحقق، تعرض الحويطي لظروف مرعبة أجبرته على المصادقة على أقوال لم يكتبها بيده، وعلى حوادث لم يكن متورطاً فيها.
وقال إنه أجبر على الوقوف لساعات طويلة في مركز شرطة ضباء، كما تعرض للشتم والإهانات، وتعرض لمسلسل التعذيب الجسدي والنفسي، من أجل إرغامه على الاعتراف بارتكاب الجريمة، على الرغم أن كاميرات منصوبة في كورنيش مدينة ضباء أظهرت تواجده هناك وقت حدوث الجريمة.
وأوضح أنه أُجبر على الوقوف لساعات طويلة حتى فقد وعيه، وضُرب على الوجه، والبطن وباطن القدمين بسلك كهربائي، وأُجبر على الوقوف أمام المكيف مباشرة، وأُرغم على مسك قدمي شقيقه أثناء تعذيبه، واستخدام التعذيب النفسي ضده كإيهامه بأن والدته وأخواته معتقلات، ولن يُفرج عنهن إلا بعد اعترافه.
وأضاف "بعد أن تلقيت وجبات من التعذيب الجسدي على يد النقيب محمد صالح العنزي، قلت له أكتب ما تريد وأنا أبصم عليه".
وفي مقطع صوتي بث على “واتساب”، ناشدت والدة عبد الله، "الملك سلمان" و"ولي العهد"ططط ووزير الداخلية ووزير العدل بالتدخل لإنقاذ حياة ابنها، الذي حُكِم عليه بالإعدام زوراً وظلماً في جريمة لا يعرف عنها شيء، ولا يستطيع تنفيذها بحسب قولها.
ورفضت السيدة الاتهامات التي اُدين ابنها بها، وذكرت أنه كان مع أخيه وأصدقائه في كورنيش ضباء وقت الحادثة، وأن هناك شهود على ذلك، بالإضافة إلى أن الكاميرات أثبتت تواجده هناك.
وقد رأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن استبدال حكم القتل بحد الحرابة إلى القتل قصاصا، يؤكد إمكانية تلاعب القضاء السعودي في أنواع أحكام الإعدام التي يصدرها، وهو ما يجعل الوعود بوقف أحكام القتل تعزيرا بحق القاصرين منوط برأي القاضي في ظل قدرته على التلاعب بالأحكام وتكييف القضايا. يضاف التلاعب بنوع الأحكام المنفذة إلى التلاعب بأعمار المتهمين، وإنكار كونهم قصّرا وهذا ما حصل في عملية إعدام القاصر مصطفى الدرويش في يونيو 2021.
ويؤكد الحكم على عبد الله زيف ادعاءات "السعودية" المتكررة، وخاصة أمام مجلس حقوق الإنسان، حول وقف عقوبة القتل بحق القاصرين بشكل كامل. فإلى جانب التلاعب، لا زالت القوانين السعودية تسمح بقتل القاصرين في حالات أخرى، واقتصر الأمر "الملكي" الذي نشرته هيئة حقوق الإنسان الرسمية على أحكام القتل تعزيرا بحق قاصرين، أي الأحكام التي لم يحددها القانون او الشريعة لها عقوبة ويعود للقاضي تقدير العقوبة للقاضي. فيما لا زال يمكن قتلهم بأحكام القتل قصاصا و حداً بموجب المادة 16 من قانون الأحداث.
يذكر أن قرارا نهائيا صدر من قبل المحكمة العليا بالقتل تعزيرا بحق المعتقلين البحرينيين في السجون "السعودية"، صادق مجيد ثامر وجعفر محمد سلطان إلى جانب المعتقل الأردني حسين أبو الخير. وبذلك ينحصر عدد المهددين بالإعدام بقرار مؤيد من الإستئناف بالمعتقلين عبد الله الحويطي وحيدر ناصر آل تحيفة.
ارسال التعليق