الإعجاب باليهود والانتقام من تركيّا يدفعان بن سلمان لتعزيز علاقته بهم
في المثلث الذي يجمع أنقرة والرياض وتل أبيب، تبرز التناقضات الحادّة بين الأضلاع الثلاثة، ففي الوقت الذي تستعّر الأزمة الدبلوماسيّة بين تركيّا وإسرائيل، التي تربطهما عشرات الاتفاقيات العسكريّة، الأمنيّة والاقتصاديّة، تُحاوِل المملكة السعوديّة انتهاز هذا الشرخ في العلاقات بين الدولتين الحليفتين للولايات المُتحدّة الأمريكيّة، لتحسين علاقاتها مع كيان الاحتلال، وعلى النقيض تمامًا استغلال هذه الأزمة للانتقام من تركيّا على دورها في فضح قضية مقتل الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول، ويُمكِن القول في هذا السياق إنّ الرياض تعمل بخطىً حثيثةٍ لتحسين علاقاتها، الحسنة أصلاً مع تل أبيب، أملاً في أنْ تقوم الأخيرة بمُساعدتها في إنقاذ وليّ العهد محمد بن سلمان من ورطته، مُستغلةً نفوذها الكبير والواسع في دوائر صنع القرار في واشنطن.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة إسرائيليّة عن مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في القدس المُحتلّة، نقلت عنها قولها إنّ الإعجاب العميق بالدولة العبريّة، والرغبة بالانتقام من تركيّا يدفعان وليّ العهد بن سلمان، لتعزيز علاقته بكيان الاحتلال.
وتوقعّت المصادر عينها، كما شدّدّت صحيفة (جيروزاليم بوست) في تقريرٍ نشرته أنْ يدفع إعجاب بن سلمان بإسرائيل ورئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، والرغبة في الانتقام من تركيا بسبب دورها في تدمير مكانته الدوليّة في أعقاب قضية قتل الصحافي، جمال خاشجقي، إلى البحث عن طرقٍ لتعزيز علاقته بدولة الاحتلال.
وأشارت المصادر أيضًا إلى أنّ بن سلمان ينطلق من افتراضٍ مفاده أنّه بالإمكان الاستفادة من إسرائيل في مواجهة كلٍّ من الإسلام السياسيّ وإيران، وأنّ بن سلمان يرى أنّ إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي بالإمكان الاعتماد عليها في مواجهة الأعداء المشتركين، بعد أنْ أثبت أنّها قادرة على مواجهة أعدائها من خلال أنماط فعلٍ قويّةٍ وحازمةٍ، على حدّ تعبيرها.
ولفتت الصحيفة إلى أنّه على الرغم من أنّ كلاً من العاهل السعودي، الملك سلمان، ونجله محمد حاولا أنْ يعرضا العلاقة مع أنقرة بعد قضية خاشجقي على أنّها أخويّة وحميميّة بهدف احتواء تداعيات القضية، إلّا أنّ كلّ الشواهد تدُلّ على أنّه لم يعُد بالإمكان إصلاح الضرر الذي لحق بالعلاقة بين الجانبين.
وشدّدّت الصحيفة الإسرائيليّة، اعتمادًا على المصادر نفسها، على أنّ وليّ العهد السعوديّ ينطلِق من افتراضٍ مفاده أنّ تركيّا تقوم بتوظيف قضية خاشقجي في محاولة إبعاده عن كرسي الملك بعد وفاة والده، الأمر الذي جعله يوقن أنّ تحسين العلاقة مع أنقرة مستحيل طالما بقي الرئيس التركيّ، رجب طيب أردوغان، بسدّة الحكم في أنقرة، كما أكّدت المصادر السياسيّة في القدس المُحتلّة للصحيفة.
ويأتي هذا النشر متزامنًا مع التراشق الكلاميّ غيرُ المسبوق بين الجانبين، حيثُ تبادل الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو اتهاماتٍ وانتقاداتٍ حادّةٍ، فقد اتهّم الرئيس التركيّ تل أبيب بممارسة إرهاب الدولة وقتل الأطفال مؤكّدًا على ضرورة معاقبة إسرائيل على جرائمها، وفي كلمة له في أنقرة، قال أردوغان إنّ إسرائيل لا تعلم شيئًا عن مكافحة الإرهاب لأنّها دولة إرهاب بحدّ ذاتها. وأضاف: أنتم دولةً إرهابيّةً، ومعروف ما فعلتموه في غزّة وما فعلتموه في القدس، ولا يوجد من يحبكم في العالم، بحسب تعبيره.
وجاء الرد الإسرائيليّ سريعًا على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وصف أردوغان بالطاغية متهمًا إيّاه بقصف القرى الكرديّة وسجن الصحافيين ومساعدة إيران على الإفلات من العقاب. وقال في تغريدةٍ على “تويتر”: إنّ أردوغان غير معتاد أنْ يردوا عليه. من الجدير به أنْ يبدأ بالاعتياد على ذلك، مَنْ يحتل شمال قبرص ويجتاح الإقليم الكرديّ ويذبح المدنيين في عفرين، عليه ألّا يُعطي المواعظ بالقيم والأخلاق، طبقًا لأقوال نتنياهو.
وكانت وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة أعلنت أنّها قرّرّت خفض تمثيلها الدبلوماسيّ في تركيّا، وبحسب موقع i24news العبريّ، أشار القرار الذي أعلنه المتحدث باسم الخارجيّة، التي يقودها أيضًا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عيمانوئيل نحشون إلى أنّ تل أبيب لن تُعيّن سفيرًا وقنصلًا جديديْن في أنقرة، على حدّ تعبيره.
وكانت السلطات التركيّة قد أبعدت السفير الإسرائيليّ السابق إيتان نائيه في شهر أيار (مايو) الماضي على خلفية أحداث قطاع غزة وقيام جيش الاحتلال بقتل عددٍ كبيرٍ من المتظاهرين الفلسطينيين خلال مشاركتهم في مسيرات العودة. من ناحيته، قال نائب وزير الخارجية الإسرائيليّ السابق داني أيالون إنّ تركيا تحت قيادة أردوغان باتت عدائيّةً تجّاه إسرائيل، وهي تقف ضدّ الانفتاح الذي تُبديه الدول العربيّة تجاه تل أبيب.
على صلةٍ بما سلف، ذكر موقع″ المصدر” الإسرائيليّ، أنّه في شهر نيسان (أبريل) من العام الماضي أرسل الرئيس التركيّ بعثةً تجاريّةً هي الأكبر، حيث شارك 100 ممثل عن شركاتٍ تركيّةٍ من قطاعات أعمال مختلفةٍ، وأجروا لقاءاتٍ تجاريّةٍ مع شركاتٍ إسرائيليّةٍ، بهدف إنشاء تعاونٍ اقتصاديٍّ واسعٍ.
ارسال التعليق