ريما بنت بندر: سفيرة تبييض سمعة السعودية في أمريكا
عُيّنت "ريما بنت بندر بن سلطان" كأول سفيرة للسعودية في واشنطن عام 2019 بعد فضيحة قتل الصحفي جمال خاشقجي، ومنذ تسليمها هذا المنصب برزت في حديث الصحف الأجنبية بصفتها أداة علاقات عامة سعودية.
نشرت "نيويرك تايمز" الأميركية مقالاً تحدثت فيه عن جوانب من حياة ريما المرفّهة وشخصيتها والدور الكبير والصعب الذي أنيطت به لتبييض سمعة "نظام" محمد بن سلمان بعد الفضيحة المدوية التي أطاحت بخالد بن سلمان السفير السابقلدى أميركا بعد اتهامات وُجّهت له بالمساهمة بجريمة قتل خاشقجي.
تورد الصحيفة جزءا من الرخاء الذي عاشته ريما خلال حياتها في أميركا، المغاير لواقع حياة النساء داخل السعودية، حيث "التحقت بمدرسة هولتون آرمز للنخبة في ضواحي واشنطن، وكانت تتنزه مع الأصدقاء في رحلات تسوق عبر مركز تايسونز كورنر سنتر التجاري في شمال فيرجينيا خلال عطلات نهاية الاسبوع، كما كان ثلاثة وزراء خارجية أمريكيين هم كولن باول، وجيمس بيكر، ومادلين أولبرايت – ضيوفًا منتظمين في منزل والديها".
وتتابع أن بعد هذا "العزّ" كان بانتظارها مهمة صعبة عليها القيام بها، فلقد "واجهت مهمة هائلة تتمثل في محاولة إعادة تأهيل الزعيم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قيمت وكالات الاستخبارات الأمريكية أنه وافق على القتل المروع للسيد خاشقجي، وكانت بلاده تنتقل في أوائل عام 2021 من الحضن الدافئ للبيت الأبيض في عهد ترمب الى مواجهة عداء الرئيس بايدن الذي وصف المملكة بانها منبوذة عندما كان مرشحًا للرئاسة في عام 2019.
ولكن حالة النبذ هذه لم تطل، "ففي السنوات الخمس المضطربة التي تلت وصولها، تغيرت السعودية في واشنطن، والأميرة ريما كذلك، فقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا والحاجة إلى الدعم السعودي في أسواق النفط إلى وقوع بايدن في مواجهة دبلوماسية مع ولي العهد في جدة في صيف عام 2022، وكانت الأميرة ريما، بمساعدة جماعات الضغط التي صرفت عليها قيمتها ملايين الدولارات في مملكتها آلة الدعاية، جزءًا بارزًا من هذا الانفراج الذي تم على مضض".
ريما وتعزيز أدوات اللوبي السعودي في أميركا:
تلفت الصحيفة إلى أن ريما وبمجرد وصولها إلى واشنطن، اعتمدت على أعضاء سابقين في الدائرة الداخلية لوالدها، مثل السيد باول، بالإضافة إلى دائرة جديدة ومتوسعة خاصة بها حيث أقامت علاقة قرابة مع يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، وزوجته، وكذلك مع نظيريها من الأردن والكويت.
كما استأجرت مجموعة LS2 Group وهي شركة اتصالات وضغط مقرها في دي موين، مقابل حوالي مليون دولار سنويًا، وفقًا للملفات الفيدرالية التي حللتها منظمة الاسرار المكشوفة، وهي منظمة بحثية غير حزبية تتعقب الأموال في السياسة.
وقد كانت هذه شريحة صغيرة ولكنها ملحوظة من مبلغ الـ 56 مليون دولار الذي أنفقته المملكة على جماعات الضغط والدعاية والعمليات الأمريكية العام الماضي. كانت مهمة LS2 عبارة عن القيام بحملة ضغط موجهة نحو الرأي العام في جميع أنحاء البلاد، وبدءًا من عام 2020 من خلال رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية الموجهة إلى الشركات المحلية والمجموعات المدنية والصحفيين، روجت LS2 لسردية بشأن الدور الخّير للمملكة كشريك تجاري للولايات المتحدة ومنشئ للوظائف في الداخل، مع احتضان مفاهيم المساواة بين الجنسين والتنويع في الداخل.
فقد كانت "الأميرة" ريما هي الواجهة الأمامية، حيث زارت شايان بولاية وايومنج، وظهرت في أول ولاية تمنح المرأة حق التصويت تكريما لليوم العالمي للمرأة، والتقت مع زعماء طائفة المورمون في مدينة سولت ليك، مؤكدة على القيم المشتركة للإيمان والأسرة في بلادها.
كما قامت بجولة في خط تجميع طائرات بوينغ في شمال تشارلستون، ساوث كارولينا، حيث شكرت العمال لكونهم جزءًا من الشركة التي ساعدت في الحفاظ على سلامة والدها خلال السنوات التي قضاها في قيادة طائرة F-15 وأشادت بطلبية السعودية البالغة 37 مليار دولار، وقد أهدتها شركة بوينغ نموذجًا لطائرة سعودية ظلت معروضة بشكل بارز في مكتبها.
وفي إطار عمل ريما على تعزيز دور أدوات الضغط السعودية لتحسين سمعتها في أميركا، كانت قد تناولت صحيفة الغارديان الموضوع سابقاً. حيث أشارت إلى مضاعفة “السعودية” من جهودها في مجال العلاقات العامة التي شملت حسب الوثائق المنشورة لقاءات واتصالات مع كل المفوضيات الرياضية في الولايات المتحدة. حيث اعتمدت، على سبيل المثال، الهيئة العامة للرياضة في “السعودية” على خدمات تشرتشل رايلي غروب، وهي مؤسسة استشارات دولية “متخصصة في النمو” الذي يعزز “الوصول إلى هوليوود وسيلكون فالي والشرق الأوسط”.
وتمثل الشركة الاستشارية، ومقرها لوس أنجليس، الهيئة العامة للرياضة في “السعودية”، وتعمل مع السفيرة “السعودية” في واشنطن، ريما بنت بندر، التي شغلت منصب مديرة “الفدرالية السعودية” لمؤسسات الرياضة. وتقوم المؤسسة الأمريكية بالمساعدة على ترتيب لقاءات في الولايات المتحدة مع عدد من الشركات والمدراء التنفيذيين لمناقشة القطاع الترفيهي المتطور في “السعودية”.
وذكرت أنه من ضمن مهام الشركة الأمريكية الحصول على شروط محببة للهيئة “السعودية” العامة للرياضة ومبادراتها التي تشرف عليها، وكذا البحث عن فرص استثمارات مباشرة، وتحضير “الأميرة” ريما للقاءات على مستويات عالية. ومن خلال وضع الأميرة ريما على رأس حملة العلاقات الرياضية والإعلامية، تحاول “السعودية” وقف النقاد الذين دائما ما يقولون إن الحكومة “السعودية” تفتقد القيم التقدمية وتحد من حقوق المرأة.
وتبلغ كلفة الشراكة التي تتم من دون عقد رسمي 22.000 دولار في الشهر. وبحسب المعلومات التي قدمتها آنا لويس، التي أسست الشركة، وهي مديرتها السابقة، عقدت “الأميرة” ريما لقاءات مع مسؤولين مثل كوب بريانت وتباحثت معه في مجال تطوير كرة السلة في “السعودية”. والتقت مع صوفي غولدشميدت، مديرة الاتحاد العالمي للتزلج على المياه، وتباحثت معها حول طرق تنمية الرياضة في “المملكة”. وكذا مع مدير شركة ثينكميل من أجل بناء “مركز رياضي في السعودية”. والتقت مع بينغ وتويتش من أجل تطوير الرياضات في “المملكة”. وأيضا التقت مع المفوضية القومية لرياضة الهوكي لتطوير الرياضة في “السعودية”، ومع ماديسون سكوير غاردن من أجل بناء إستاد ولقاءات أخرى.
قيمتها بالنسبة للرياض: مجرد واجهة:
بالعودة إلى مقال "نيويرك تايمز"، تعيد وتشير الصحيفة إلى شعور الغضب الذي أحاط بالبيت الأبيض من قرار السعودية خفض إنتاج النفط بعد أشهر قليلة من زيارة بايدن، وما تركه مقتل خاشقجي – الأميرة ريما دعمت اعترافات ولي العهد بالبراءة – ندوباً عميقة في نفسية الصحفيين والسياسيين في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من المكاسب القانونية التي حصلت عليها النساء في "المملكة"، إلا أن الحكومة الاستبدادية صعّدت من حملتها القمعية على المعارضة.
وتُعرّج الصحيفة إلى الدور الحقيقي المنوط بريما، فعلى الرغم من تواجدها مؤخرا في النصف الثاني من شهر آذار في جدة وعقدها اجتماعات مع "ولي العهد" ووزير الخارجية أنتوني بلينكن بشأن الخطط المستمرة، المتوقفة في الوقت الحالي بسبب الحرب في غزة، لتطبيع العلاقات بين السعوديين و"إسرائيل"، تشير نيويرك تايمز إلى أنه "من غير الواضح مدى تأثير الأميرة ريما في هذه المحادثات" ففي نهاية المطاف، سيتخذ "ولي العهد" القرارات.
"قد تكون أهم قيمة لها بالنسبة للرياض هي كونها امرأة سعودية تروج لرؤية جديدة للمملكة داخل الولايات المتحدة، وكوجه ودود له روابط عائلية طويلة الأمد في واشنطن تعمل على تهدئة الغرور والتوترات في الكابيتول هيل" تنوّه الصحيفة.
وتعود إلى مقابلة أجريت معها مؤخرًا قالت خلالها وهي تتحدث باللهجة الأمريكية لشخص نشأ في الولايات المتحدة منذ صغره: "في العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة، كانت هناك العديد من الارتفاعات والانخفاضات"، مضيفة "وكان جزءًا من مسؤوليتي هو تذكير الجميع في أمريكا بما تبدو عليه أعلى المستويات في هذه العلاقة، والعمل بشكل تعاوني لإعادة أنفسنا إلى هناك"، ولم تكن العودة إلى العلاقات الودية سلسة.
أنت لست والدك:
تذكر الصحيفة عددا من المواقف التي أظهرت وضع "الأميرة" في هكذا منصب. فتقول أنه بعد وقت قصير من وصول ريما كسفيرة إلى واشنطن، اتصلت بكولن باول، صديق والدها القديم، للحصول على المشورة، وتذكرت ريما أن السيد باول، الذي توفي عام 2021، قال لها: "من فضلك تذكري أنك لست والدك" مضيفًا "إذا حاولتِ أن تكوني والدك، فسوف تفشلين"، وأضافت: "لم أكن أعلم أنني بحاجة لسماع هذه الكلمات، لكنني فعلت ذلك".
وفي حادث آخر، بعد أن هدد السيد ليندسي غراهام (كبير الجمهوريين في لجنة الموازنة بمجلس الشيوخ الأميركي) بـ "تسونامي من الحزبين" في عام 2018 ضد ولي العهد إذا اعتبر مسؤولاً عن مقتل خاشقجي، شرعت ريما في كسب تأييده عندما وصلت إلى واشنطن، وقال السيد جراهام إنه بناءً على طلبها – وبعد طلب بقيمة 37 مليار دولار من المملكة لشراء طائرات بوينج، ليتم تجميعها من قبل العمال في ولاية كارولينا الجنوبية – التقى بولي العهد في بلاطه الملكي في الرياض في أبريل الماضي، وقال لمجمد بن لسمان في ذلك الاجتماع "شكرًا لك على شراء الطائرات، اريد ان احظى بعلاقة جديدة".
ارسال التعليق