السلطات السعودية تدير قمم خائبة وعقيمة
انعقدت في الرياض، القمة العربية الإسلامية "غير العادية" بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية. تأتي القمة بعد مضي عام عن أولى رعاها النظام السعودي لنفس الغرض، دون أن تسجل الأخيرة أي مخرجات حقيقية يمكن الاستناد إليها والضغط بها على صنّاع القرار في حرب الإبادة الإسرائيلية- الأميركية المستمرة.
هكذا، ومع تعرّض لبنان إلى الحرب العدوانية الاسرائيلية وعدم انحصار هجماتها العسكرية في الجنوب اللبناني، يبدو أن ما تغيّر ينحصر بإضافة إسم لبنان على "استثنائية" القمة وتغيّر بعض الوجوه الحاضرة مع تفاقم المجازر وتصاعد عدّاد الشهداء في غزة ولبنان.
أغلب الحاضرين كرروا المطالبات الفارغة نفسها بضرورة وقف العدوان وغيرها من المطالب التي لا تغني ولا تسمن من جوع وتعجز عن إغاثة أهالي القطاع المحاصر.
وفي كلمة الافتتاح، قال محمد بن سلمان إن "إمعان إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني يعوق جهود السلام". وأكد "مواصلة الجهود المشتركة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية"، مشددا على رفض انتقاص دور السلطة الفلسطينية.
وفي عملية التفافية تقفز على حقيقة التورّط السعودي في التآمر على قضية فلسطين وشعبها وتأمين الدعم اللوجستي والإعلامي للحرب العدوانية الصهيوأمريكية زعم بن سلمان رفضه للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، واتخذ موقف المندد "بمنع الأونروا وإعاقة المنظمات الإغاثية في تقديم المساعدات"، كما دان العمليات العسكرية التي تستهدف أراضي لبنان وتنتهك سيادته، ورفض الهجمات على الأراضي الإيرانية.
ويشارك في القمة عدد من القادة والرؤساء من بينهم "أمير" قطر تميم بن حمد آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي و"ملك" الأردن عبد الله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد، كما يشارك رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومحمد رضا عارف النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية في إيران.
وأفادت قناة الإخبارية السعودية بأن القمة ستشهد "صدور بيان ختامي متفق عليه بالإجماع من الدول الـ 57 المشاركة في القمة".
وكانت القمة العربية الإسلامية التي عقدت في 2023 قد أدانت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال، والمطالبة بضرورة وقفه فورا.
وطالبت بكسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل المساعدات الإنسانية، ودعم وكالة "الأونروا"، كما طالبت مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماحه، إضافة إلى مطالبة جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال، واستنكار ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي. وللمفارقة كل ما ورد حدث عكسه.
وسبق أن قررت القمة منذ عام "تكليف وزراء خارجية السعودية -باعتبار ترؤسها القمة العربية الـ(32) والإسلامية- وكل من الأردن، ومصر، وقطر، وتركيا، وإندونيسيا، ونيجيريا، وفلسطين وأي دول أخرى مهتمة، والأمينين العامين للمنظمتين، ببدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة، لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمد"، والحرب ما زالت مستعرة.
إذا نحن أمام مشهد آخر من المسرحية الإعلامية السعودية المستمرة، بالتوازي مع استمرار مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي، برعاية أميركية، والغرض الأساسي منها إيهام الرأي العام العربي بحرص الرياض على مصالح وحقوق المسلمين في غزة ولبنان.
وكلام مستشار دونالد ترامب لصحيفة الشرق الأوسط يؤكد التواطؤ السعودي مع الاحتلال للقضاء على المقاومة، بقوله أن ترامب يهدف لتحقيق ما يسمى سلام في الشرق الأوسط، وهو ما أعلنه خلال حملته الانتخابية ما يعني المزيد من اتفاقات التطبيع.
تركي الفيصل يوجه رسالة إلى ترامب ويدعوه لفتح أبواب السلام:
وفي سياق متصل، بارك رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، تركي الفيصل، فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية. وفي رسالة وجهها إلى ترامب ونشرتها صحيفة "ذا ناشيونال" قال الفيصل: "عزيزي الرئيس ترامب، بعد انتصارك الرائع والمتميز في حملة انتخابية اتسمت بالحرب القانونية التي شنت ضدك والهجوم اللفظي المثير للخوف الذي استهدف الشعب الأمريكي وحذره من التصويت لك، تغلبت على تلك التحديات ومنحك الشعب الأمريكي ثقته لقيادته إلى ما وعدت بتقديمه لهم. كما أنك قلبت الأغلبية في مجلس الشيوخ من الحزب الآخر إلى حزبك وجعلت حزبك على مسافة قريبة من الأغلبية في مجلس النواب".
وأضاف: "أنا مسرور لأن النظام الانتخابي الأمريكي عمل بسلاسة وحسم لتحديد الفائزين من الخاسرين، على عكس النظام المثير للجدل من قبل".
وأردف في حديثه الموجه إلى ترامب: "هذه الحقائق تمنح أصدقاءك وحلفاءك في جميع أنحاء العالم الثقة في أن قيادتك ستكون حاسمة مثل نتائج الانتخابات وتضع حداً لحجج أولئك الذين يزعمون أن أمريكا في تراجع".
وتابع: "سيادة الرئيس، أمامك الكثير من العمل ليس فقط للنظر إلى المستقبل ولكن أيضا لإكمال ما بدأته في المرة الأخيرة التي شغلت فيها البيت الأبيض".
وحرض تركي الفيصل في رسالته التي نشرها الأسبوع الماضي ترامب على مواصلة الحرب الدموية ضد محور المقاومة والقضية الفلسطينية، قائلا: "أنا قادم من المملكة العربية السعودية، وبلدي محاط بنقاط ساخنة تتطلب اهتمامك الفوري واستمرار ما بدأته من قبل. عندما غادرت في يناير 2021، لم تكن هناك حرب في غزة، ولم تكن إيران وإسرائيل تطلقان الصواريخ على بعضهما البعض، ولم يكن الحوثيون يعترضون الشحن في باب المندب، ولم تكن هناك حرب أهلية في السودان، وعلى الرغم من أن إسرائيل قطعت رأس قيادة كل من حماس وحزب الله، إلا أن الأخير لا يزال قادرا على قتل جنود إسرائيليين وإطلاق المقذوفات والذخائر الأخرى على إسرائيل".
واستطرد الفيصل بالقول في حديثه لترامب: "بعبارة أخرى، نحن في حالة اضطراب أكثر مما كنا عليه عندما كنت في الجناح الغربي. في أوروبا، أصبحت الحرب في أوكرانيا حمام دم الآن، وستستمر حرب الاستنزاف هناك إذا لم تتوقف".
وقال رئيس الاستخبارات السعودية في خطابه للرئيس الأمريكي المنتخب: "أعتقد أن الله أنقذ حياتك ليس فقط للتعامل مع الوضع داخل الولايات المتحدة، والذي يواجه تحديات هائلة عليك التغلب عليها، ولكن لأن أمريكا هي ما هي عليه، للعمل مع أصدقائك في المملكة العربية السعودية وأصدقائك الآخرين في المنطقة، لمتابعة ما بدأته من قبل: جلب السلام، بأحرف كبيرة، إلى الشرق الأوسط".
وأضاف: "أذكر أنك قلت بنفسك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد السلام. إن السلام في فلسطين وبين إسرائيل وبقية العالمين العربي والإسلامي سيحرم أولئك الذين لا يريدون السلام من مبررات إشعال الحروب وتجنيد الشباب لآلة الحرب والإغراء الزائف بالشهادة".
وأردف بالقول: "قبل إقامتك الأولى في البيت الأبيض وحتى عودتك إليه، تحدثت أمريكا ودول أخرى عن إنهاء إراقة الدماء في الشرق الأوسط لكنهم لم يفعلوا ذلك قط. لديك الآن فرصة للقيام بذلك على وجه التحديد. ليس فقط أن النجوم تصطف لصالحك، ولكن التزامك الشخصي بالسلام وأصدقائك الراسخين في جزئنا من العالم سيعملون معك لتحقيق ذلك. اغتنموا السنوات الأربع القادمة واعملوا مع الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان لفتح أبواب السلام لنا جميعا".
وعلّق القيادي في "لقاء" المعارضة في الجزيرة العربية، الدكتور فؤاد إبراهيم، على رسالة الفيصل بالقول "رسالة تركي الفيصل (رئيس الاستخبارات العامة وسفير ال سعود في لندن وواشنطن سابقا) الى ترمب والمنشورة في صحيفة اماراتية والتي بتفجع فيها على الجنود الاسرائيليين الذين يقتلون في المواجهات العسكرية مع المقاومة في لبنان تنبىء عن شخص ممسوخ ومسلوخ الهوية..متصهين أكثر من نتن ياهو.
وأضاف "يقول تركي القيصل في رسالته الى ترمب "أنا مسرور لأن النظام الانتخابي الأمريكي عمل بسلاسة وحسم لتحديد الفائزين من الخاسرين، على عكس النظام المثير للجدل من قبل".. التعليق: على أساس يعني حضرتك وعائلتك تنتمون الى نادي الديمقراطيات العريقة، حتى أصبحت تقيّم التجارب الديمقراطية في العالم..كم بائس أنت ياهذا!
وتابع "أشنع وأمقت وأحقر ما يمكن تخيًل قراءته من شخص ينتمي الى عالم العرب هو هذه الفقرة من رسالة تركي الفيصل الى ترمب: "وعلى الرغم من أن إسرائيل قطعت رأس قيادة كل من حماس وحزب الله، إلا أن الأخير لا يزال قادرا على قتل جنود إسرائيليين وإطلاق المقذوفات والذخائر الأخرى على إسرائيل"!
ارسال التعليق