مكاسب دول الخليج من مشروع ممر القناة الجافة
سلّط موقع أوراسيا ريفيو الضوء على المكاسب التي سوف تعود على الدول الخليجية من مشروع ممر القناة الجافة الذي يهدف إلى ربط الساحل الجنوبي للخليج العراقي بالموانئ التركية على البحر الأبيض المتوسط بحلول عام 2038.
ويضمن مشروع الممر المذكور مشروعي مد سكك حديد وطرق برية انطلاقا من ميناء الفاو الكبير بمحافظة البصرة جنوبي العراق إلى الحدود مع تركيا شمالا، وذلك بعد إعادة بناء الميناء وتوسيعه.
وأوضح الموقع أن الممر يمكن أن ينطوي على فوائد كبيرة لمنطقة الخليج، إذ يمكن لخط السكة الحديد الموجود بالمشروع، والذي يربط المنطقة بالبحر الأبيض المتوسط، أن يوفر فرصًا اقتصادية جديدة.
وبحسب الموقع، ففي حال أصبح خط سكة حديد الخليج المقترح الذي يربط دول مجلس التعاون الخليجي الست بالسكك الحديدية حقيقة واقعة، فإن الاحتمالات بوجود فرص اقتصادية جديدة ستكون كبيرة.
ومن الناحية النظرية، سيكون من الممكن نقل البضائع من ميناء الدقم في سلطنة عُمان إلى البحر الأبيض المتوسط، متجاوزة كل من مضيق هرمز وقناة السويس.
وأضاف الموقع أنه من خلال التفكير الإبداعي والطموح، يمكن لدول الخليج استخدام ممر القناة الجافة للاتصال بالأسواق في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى باستخدام الممر الأوسط، وهو طريق تجاري مجرب ومختبر يربط تركيا بآسيا الوسطى متجاوزًا روسيا وإيران. يوجد حاليًا مسار رئيسي واحد في الممر الأوسط ويتم التخطيط لطريق ثانٍ.
ويربط الطريق الرئيسي تركيا ببحر قزوين عبر جورجيا وأذربيجان. وفي أذربيجان هناك خيار وحيد للتجارة البرية بين آسيا وأوروبا وهو ممر “جانجا جاب” التجاري الصغير، وهناك إمكانية لممر نقل آخر لربط الخليج عبر تركيا وأرمينيا وأذربيجان بقلب آسيا الوسطى وهو ممر “زانجيزور”.
ويوفر هذا الممر الذي سيتم تحديثه وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان، إمكانات لطرق العبور والبنية التحتية التي يمكن أن تصل أيضًا إلى ممر القناة الجافة ومنطقة الخليج الأوسع. وسيلة عبور فعالة على الرغم من أن السكك الحديدية كانت موجودة منذ أكثر من قرنين من الزمان، إلا أنها تظل وسيلة عبور فعالة من حيث التكلفة وآمنة وموثوقة في القرن الحادي والعشرين.
أظهرت الحرب في أوكرانيا أيضًا مدى مرونة النقل بالسكك الحديدية حتى أثناء الحرب الحديثة. يمكن إصلاح المسارات التي تضررت في الهجمات بسرعة وبتكلفة زهيدة. حتى مع استمرار الضربات الجوية الروسية، بلغ معدل القطارات الأوكرانية 85% “في الموعد المحدد” العام الماضي.
وينطوي ممر القناة الجافة على مزايا جيوسياسية واقتصادية؛ ولذا يجب على صانعي السياسة في الخليج أن ينظروا عن كثب في سبل تحسين ربط المنطقة بالسكك الحديدية. بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، توفر خطوط السكك الحديدية مرونة في النقل، بالنظر إلى أن قناة السويس أصبحت أكثر ازدحامًا، وتستمر إيران في تهديد الشحن التجاري في مضيق هرمز.
في حين أن خطوط السكك الحديدية لن تحل محل سفن الشحن تمامًا، فإن النقل بالقطار يوفر خيارًا مهمًا آخر للتجارة، حيث يمكن أن يكون ممر القناة الجافة عامل تغيير جيوسياسي واقتصادي في المنطقة.
المشروع: تسهيل حركة التجارة أعلنت أنقرة وبغداد في مارس الماضي، الاتفاق على مشروع لربط ميناء الفاو العراقي على الخليج بالأراضي التركية عبر طريق بري لتسهيل حركة التجارة. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في أنقرة، إنه تمت “مناقشة جميع جوانب علاقاتنا الثنائية خلال لقائنا مع رئيس الوزراء، وأكدنا العزم على العمل معا”.
وكشف أردوغان، عن مشروع لـ”طريق وممر للنقل بالسكك الحديد يمتد من البصرة إلى الحدود التركية”، لافتاً إلى أن “الوزراء المعنيين سيعملون في هذا الصدد واتخذنا خطوة حاسمة تظهر رغبتنا في العمل معا لتحقيق هذا الهدف”. وأطلق الرئيس التركي على المشروع “طريق التنمية”، معتبراً أنه “مشروع ذو أهمية استراتيجية عالية ليس فقط لتركيا والعراق فقط وإنما للمنطقة بأكملها”، موضحاً أن “ملايين الأشخاص في منطقة جغرافية واسعة من أوروبا إلى الخليج سيستفيدون من القيمة المضافة التي ستظهر من إنشاء هذا الطريق”. وبين أن “الدول الشقيقة الأخرى مهتمة أيضا بهذا الشيء”، لافتاً إلى أن “ذلك سيعزز التعاون الإقليمي ويطور تجارتنا ويقوي في نفس الوقت علاقاتنا الإنسانية في هذه المنطقة”.
وتابع أيضاً “إننا نتشارك مع إخواننا العراقيين الخطوات التي يمكن اتخاذها لزيادة التجارة الثنائية بيننا”، موضحاً “تبادلنا الأفكار حول حل المشكلات التي يواجهها رجال الأعمال والمواطنون الأتراك، ووجدنا الفرصة لتقييم القضايا الإقليمية الحالية في المنطقة”.
ويبلغ طول الطريق المستهدف في المشروع المُعلن نحو ألف كيلومتر يبدأ من موانئ البصرة أقصى جنوبي العراق المطلة على مياه الخليج، وصولا إلى المثلث العراقي التركي السوري من جهة منطقة فيش خابور، ويبلغ الوقت المتوقع لقطعه في حال أنجز الطريق بين 12 و16 ساعة للسيارات، وأقل من ذلك للقطار في حال تم إنجاز سكة الحديد فعلا، والتي يوجد جزء كبير منها ويمكن أن يدخل ضمن خط الطريق بعد عمليات تأهيل تخضع لها.
أهمية اقتصادية:
من جانبه، قال عضو غرفة تجارة العاصمة بغداد، سلام العبيدي، في تصريح، إن الطريق في حال إتمامه يمكن أن يعود بإيرادات مالية ضخمة على العراق سنويا، على نحو مماثل لقناة السويس المصرية”.
وأضاف العبيدي أنه “فضلاً عن تحول العراق لمنطقة نقل رئيسة بين آسيا وأوروبا، فإن السوق العراقية ستنتعش وسيكون هناك تنوع مهم يحتاج العراق له”.
وتوقع العبيدي أنه “في حال جدية المشروع وعزم الحكومة العراقية المضي به، فإنه من غير المستبعد أن يرى المشروع النور خلال 4 سنوات، خاصة وأن هناك أجزاء واسعة من الطريق هي أراض سهلية بسيطة يمكن شق الطرق فيها بسهولة”.
ورجح أن “يوفر المشروع عشرات آلاف من فرص العمل داخل العراق بدءا من البصرة وحتى نقطة التقاء الطريق بالحدود التركية”.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، إن “أهمية الاتفاق بأنه سيحول العراق إلى محطة نقل كبرى للدول الأوروبية بعد تركيا”.
وأضاف المرسومي أن “الشحنات التي تصل بحراً عبر ميناء الفاو ستعبر إلى تركيا وأوروبا من خلال القناة الجافة، كما أنها ستنقل السلع التركية والأوروبية إلى العراق، ومنه إلى دول الخليج وإيران وسورية والأردن”.
وأشار في تصريح مكتوب، إلى أن “القناة الجافة تعد المشروع المكمل لميناء الفاو الكبير (في البصرة) المتوقع أن تنجز المرحلة الأولى منه عام 2025”. وسينخفض زمن الرحلة البحرية للسفن المحملة بالبضائع من ميناء شنغهاي الصيني إلى ميناء روتردام، التي تستغرق نحو 33 يوماً بحراً إلى 15 يوماً فقط، عندما تنقل البضائع من شنغهاي إلى ميناء جوادر الباكستاني ثم إلى ميناء الفاو العراقي، ومنه عبر القناة الجافة إلى تركيا ثم إلى أوروبا.
واعتبر أن “النقل عبر العراق سيوفر تخفيضاً جوهرياً في كلفة نقل البضائع يصل إلى أكثر من النصف”. يشار إلى وجود مشروع مواز للربط التجاري بين الإمارات وتركيا من خلال إيران، لنقل البضائع من ميناء الشارقة إلى ميناء بندر عباس الإيراني، ومن ثم تبدأ السير براً إلى تركيا ثم إلى ميناء الاسكندرون.
ويختصر المشروع الإماراتي أيضا مدة الرحلة إلى 7 أيام مقارنة بمدة الطريق البحري التقليدي عبر قناة السويس الذي يستغرق نحو 20 يوماً، كما يخفض التكاليف.
ارسال التعليق