آخر بركات خادم الحرمين نساء بلا عباءات يرقصن مع الرجال وراقصات في مسبح زجاجي
رقص الآلاف على أنغام الموسيقى الشرقية والغربية، في حفل قُدّم على أنّه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط في السعودية، التي لم يتوقع كثيرون أن تستقبل حفلات صاخبة مماثلة بعد.
كان مهرجان «ميدل بيست»، نهاية الأسبوع الماضي، أكبر حفل تستضيفه المملكة التي لطالما اعتبرت متشدّدة في تطبيقها للشريعة الإسلامية، لكنها تشهد حملة انفتاح يقودها محمد بن سلمان، في موازاة اعتقالات لنشطاء وكتّاب ورجال دين تنظر لهم السلطات على أنهم متشددون، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
فعلى غرار مهرجان وودستوك الشهير، ضجت الموسيقى لساعات متواصلة خلال ثلاثة أيام في أرجاء الموقع، الذي بُني خصيصاً للحفل في الصحراء قرب الرياض، ورقصت نساء بعضهن دون عباءات وأغطية رؤوس، مع الرجال في الهواء الطلق.
كذلك أدّت راقصات ارتدين ملابس ضيّقة وصلات في مسبح زجاجي معلّق بالهواء، وقربهن راقصة كانت تمسك بحبل في قفص على شكل بالون.
رئيس هيئة الترفيه السابق كان قد أُعفي من منصبه العام الماضي، بعدما تعرض لانتقادات من محافظين، جراء ظهور نساء ارتدين الملابس ذاتها في عرض لسيرك، إلا أن هذه المرة بدا الوضع مختلفاً.
«كل شيء تغيّر»
صالح النجار، وهو خبير في تكنولوجيا المعلومات يبلغ من العمر 30 عاماً، قال في تصريح للوكالة الفرنسية: «لقد نشأنا مع المطاوعة (الشرطة الدينية) يحذروننا من أن الرجل الصالح يصلّي، ولا يذهب للحفلات ولا يستمع إلى الموسيقى»، مضيفاً: «أما الآن، فقد تغيّر كل شيء».
ساهم في الترويج للمهرجان الموسيقي مجموعة من مشاهير تطبيق إنستغرام، بمن في ذلك عارضة الأزياء في مجموعة فيكتورياز سيكريت، آنجيل إلسا هوسك، والبريطانية جوردان دان.
أثار هؤلاء انتقادات شديدة على الإنترنت، بما في ذلك من مشاهير آخرين، بزعم قبولهم مبالغ هائلة للمساعدة في إعادة تلميع صورة المملكة في مجال حقوق الإنسان، لا سيما بعد حادثة قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في قنصلية بلده بمدينة إسطنبول في تركيا.
يُعد هذا الحفل جزءاً من حملات التغيير بقيادة ولي العهد، والتي شهدت السماح للنساء بقيادة السيارات، وإقامة الحفلات الموسيقية الصاخبة، وحتى السماح لمتاجر بإبقاء أبوابها مفتوحة في أوقات الصلاة.
يقول مسؤولون غربيون إن الحكومة «تدرس السماح بالكحول في بعض مناطق المغتربين»، مثل الحي الدبلوماسي في الرياض، موطن السفارات الأجنبية، فيما قد يكون بمثابة حقل اختبار قد يمتد إلى مراكز سياحية في المملكة.
لكن سلطات ال سعود تنفي بشدة هذه التقارير، في وقت تفتح أبوابها للسياح الأجانب وتدخل المنافسة السياحية مع دبي والبحرين، اللتين تسمحان بالمشروبات الكحولية.
رفض لسياسة الانفتاح
في مقابل هذا الانفتاح الكبير، إلا أنه لا يزال هنالك من يعارض هذه الاستراتيجية خصوصاً في صفوف المحافظين.
فخلال الشهر الماضي، قام يمني بطعن أربعة ممثلين إسبان خلال عرض مسرحي في الهواء الطلق في الرياض، في هجوم ربطته وسائل الإعلام المحلية بتنظيم القاعدة الذي لم يتبنّ الهجوم حتى الآن، كما ألقى بعض السعوديين باللوم على الحفلات في قلة الأمطار.
ناشطون أبلغوا مؤخراً عن توقيف رجل الدين عمر المقبل، بعد انتقاده للهيئة العامة للترفيه، لقيامها «بمسح الهوية الأصلية للمجتمع السعودي».
كونتان دي بيمودان من معهد الدراسات الأوروبية والأمريكية، رأى أن «الإسلاميين ليسوا وحدهم من ينتقد خطة الترفيه (…) إذ يبدو أنّ هناك مجتمعاً على الإنترنت» يقوم بذلك أيضاً.
بحسب المنتقدين، فإن تخفيف القيود الاجتماعية تكتيك لجعل المواطنين يغضون النظر عن الركود الاقتصادي ولتضييق الخناق على المعارضة.
تقول لينا الهذلول، شقيقة لجين الهذلول الناشطة المسجونة مع أخريات: «بالطبع أريد أن ينفتح بلدي. بالطبع أريد السماح بالفن والرياضة»، وتابعت: «لكن لسوء الحظ، فإن هذه الإصلاحات ليست مؤسساتية، بل إن هدفها تبييض انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك احتجاز شقيقتي غير القانوني».
ارسال التعليق