أطفال اليمن ليسوا ضحايا ولكن شُبِّه لهم
بقلم: نهلة الشهّال
بصفاقة لا يعادلها إلا اعتبار دونالد ترامب أن محرك البحث غوغل «يساري» مثلاً لأنه لم يخضع لنزواته، يقول «التحالف» (بقيادة السعودية و/أو الإمارات..
ولا يهم من هو الأهم من بينهما أو الأكثر فعالية وقيادة للآخر) فيما هو يضرب اليمن بالطيران ويستهدف الأطفال بشكل خاص، مرّة بعد مرّة، إن مواقف المسؤولين في الامم المتحدة ليست دقيقة وتُفقد المنظمة الدولية «مصداقيتها»!
بداية قُتل 44 طفلاً في قصف استهدف باصاً مدرسياً في صعدة، ثم قتل 26 طفلاً وأربع نساء في باصين حين كانوا يسعون للهرب من ناحية قرب الحديدة.
إثر الحادثة الاولى، رأى العالم كله صفوف الحفر الصغيرة المرصوفة جنبا الى جنب وأمام كل واحدة منها صورة الطفل الضحية، ورأوا الاطفال الجرحى في مستشفيات تفتقد لكل شيء، ورأوا الأهل والمسعفين يحاولون لملمة الأشلاء المتناثرة..
وقبل أن تمحى هذه المشاهد من الأذهان وقع القصف الثاني، في الحديدة هذه المرة.
لماذا الاطفال؟
ليس صدفة ولا استهتاراً. ليس ذلك فحسب على الأقل. لعله لإيذاء الكبار بشكل مضاعف، فلا حرقة تفوق فقدان الأبناء. وإنما وعلى الأرجح فغاية استهداف الاطفال تشبه ممارسة الاغتصابات في الحروب، أي أنها كسر لمحرّم، ما يؤسس لقطيعة يصعب رأب صدعها فيما بعد..
وعلى أية حال، وكائنة ما كانت التفسيرات أو التبعات، فتقارير الامم المتحدة "المنحازة" تلك تؤكد أن ثلثي العشرة آلاف قتيل الذين سقطوا في اليمن في ثلاث سنوات (حسب التوثيق الرسمي، ويقدّر أن العدد يتجاوز ذلك بكثير) هم من المدنيين، وأن نصفهم من الأطفال.
هل مَن يأبه؟
يقول آخر تقرير لمفوضية حقوق الانسان في الامم المتحدة (أفٌ! ليتها تغور حتى نتخلص من إزعاج كلامها، حتى لو كان فعلها وسلطتها لا يتجاوزان الكلام)، إن قوات التحالف بكل فصائلها - وهي تعددها بالاسم، وتحدد الوقائع زمنياً وجغرافياً - ترتكب بشكل واسع اغتصابات على الرجال والنساء، وتقوم أحياناً بتصفيتهم بعد ذلك.
اليمن سيبة
يمكن لتلك الحرب التي قتلت من قتلت وجعلت الأحياء جائعين (22 من أصل 32 مليوناً يحتاجون للاغاثة ليبقوا على قيد الحياة).. يمكنها أن تستمرطالما أن اليمن لا يهمّ فعلا أحداً ولا يمتلك معطيات خطيرة، وتبعات الحرب فيه وعليه تقع على رأس ابنائه..
وطالما بن سلمان وبن زايد يملكان - على ما يلزم من فلوس لشراء السلاح من واشنطن وسواها - تلك الشهية الى السلطة، وتعطيهما حربهما على اليمن ذرائع للاستيلاء على أراضي داخل االبلاد (جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة التي لا ناقة لها ولا جمل في الخريطة الاستراتيجية، هذا عدا موانئ عدن والحديدة وهذه في قلب المعركة) وخارجه (قواعد عسكرية على الضفة المقابلة من البحر الاحمر، وتوسعاً داخل القارة الافريقية!)
وطالما أنها تتيح لهما ممارسة التعنت الاستعلائي المصاحب لقرار ربح الحرب مهما كلف الامر. وطالما انهما يحوزان على ذلك القدر من التناغم مع ترامب وحاشيته، وخصوصاً خصوصاً - لأنه الأبقى – يطوران إلى ذلك انغماسا غير محدود في التنسيق والتعاون مع نتنياهو في تل أبيب، الذي وجد فيهما ضالته، بدعوى مجابهة "خطر إيران" كأولوية مطلقة.
ارسال التعليق