ابن سلمان يستخدم ورقة اكتتاب أرامكو للإثارة الإعلامية وللتغطية على فشله المتراكم
أشار موقع أويل برايس في تقرير له حول خطة الاكتتاب العام إلى أنه منذ أكثر من 3 أعوام، والعالم المالي العالمي يتابع للحصول على حصة في أرامكو، أكبر شركة نفط وغاز في العالم، وأكثرها ربحية. وكان المصرفيون الغربيون والآسيويون والروس، وأصحاب المؤسسات، سارعوا للحصول على جزء من الكعكة، لكنهم تأثروا بالتأخيرات أو التغييرات في الخطط أو سوء التقدير من قبل السعوديين. ومع ذلك، كلما بدأت الحماسة في التلاشي، يوقظ “ابن سلمان” السوق عبر التأكيد على أن الاكتتاب العام سوف يحدث. ومنذ أسبوعين، ظهرت تواريخ جديدة محتملة للاكتتاب، حيث تهدف المملكة الآن لإتمامه في العام المالي 2020 - 2021. وكانت الشكوك حول الاكتتاب العام كبيرة، حتى عندما أعلن السعوديون عن خطتهم. ومع ذلك، فإن كونك جزءاً من صفقة محتملة بقيمة 100 مليار دولار يعد هدفاً جذاباً بالنسبة لمعظم البنوك.
وتوجد قائمة طويلة من الأثرياء والمشاهير والمؤسسات الكبرى في العالم المالي، يتنافسون جميعهم لكسب دور في الاكتتاب. ومع ذلك، تراجع التفاؤل الذي كان حاضراً عامي 2016 و2017، وأصبحت هناك شكوك الآن في خطة الاكتتاب العام، بل خيبة أمل صريحة. وذكرت مصادر إعلامية أن العديد من البنوك والمستشارين الرئيسيين بدأوا يتخلون. وقام البعض الآخر بتأجيل أي جهد نشط، في انتظار صدور رؤية إستراتيجية. وبناءً على التأخيرات المستمرة في معظم المشاريع الإستراتيجية ل”رؤية 2030” السعودية، وسوء الإدارة أحياناً، أصبحت جاذبية الاكتتاب العام في أرامكو أقل بكثير من ذي قبل. وقد برز سؤال آخر أكثر إثارة للاهتمام في نهاية عام 2018، وهو هل تحتاج المملكة أساساً إلى الاكتتاب العام؟”. وكما يتضح من المستوى العالي غير المتوقع من الاهتمام الدولي بإصدار سندات أرامكو السعودية الدولية، فلن تحتاج المملكة إلى التخلي عن جزء من ثروتها للحصول على التمويل. فأسعار النفط المرتفعة المعقولة، والاقتصاد القوي على المستوى الإقليمي، والنتائج الإيجابية في العديد من مؤشرات الأسواق الناشئة، والاستثمارات القوية من قبل الشركاء الآسيويين والروس، قد قلصت من ضرورة بيع جزء من أرامكو بالنسبة للسعودية.
وفي الوقت نفسه، أفاد المطلعون السعوديون أن هناك معارضة متزايدة داخل دائرة الحكم الداخلية في المملكة للاكتتاب العام وغيره من المشاريع الضخمة. وقد ظهرت أنباء أنه داخل الديوان الملكي، ووزارة الطاقة، أي مكتب الوزير “خالد الفالح”، ووزارة الاقتصاد، توجد معارضة قوية لمواصلة الخطط الحالية. وبالنظر إلى الوضع المالي للمملكة، وروابطها الإقليمية والآسيوية الروسية، لم تعد هناك حاجة لطرح شركة أرامكو للبيع.
وتستحقّ هذه المداولات المالية الاهتمام بالتأكيد، ولكن هناك عاملاً آخر يجب أخذه في الاعتبار، وهو أن موقف ولي العهد السعودي لا يزال قوياً للغاية. وتمكن “محمد بن سلمان” من دمج أفكاره ورجاله الأقوياء المقربين في بعض من أكثر المواقع أهمية في المملكة. وفي الوقت نفسه لا يزال يتمتع رسمياً بالدعم الكامل من الملك والقوات المسلحة ووزارة الاقتصاد وغيرها. ومع ذلك، حتى الآن، يبقى ولي العهد داخل المساحة الآمنة، ولكن ذلك يتغير بسهولة. وتوجد العديد من التهديدات في الأفق التي يجب مراعاتها. والتهديد الأول هو ألا تحقق “رؤية 2030” التي طرحها “ابن سلمان” النجاح المتوقع. لكن التأخير في العديد من المشروعات الضخمة وعملية التحرير الاجتماعي البطيئة لا تزال قابلة للإدارة. وبالنسبة لمعظم السعوديين، والغربيين كذلك، كانت أول لحظة تعارف رئيسية مع “ابن سلمان” مرتبطة بالاكتتاب العام في أرامكو. وإذا لم يحقق في هذا نجاحاً كبيراً، أو تخلى عن الخطة، فلن تكون صورة الأمير في مأمن. وسيكون هذا تهديداً مباشراً لشعبيته وموقعه داخل عائلته.
ومن شأن الاكتتاب العام في أرامكو أيضاً إزالة جميع المشكلات الأخرى بضربة واحدة. ويبدو أن المغامرة العسكرية التي قام بها “ابن سلمان” في اليمن، والتي دعمها ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، أصبحت مستنقعاً كبيراً، خاصة بعد أن قلصت أبوظبي من مشاركتها. ولا يعد الجمود العسكري لوقت طويل في اليمن أمراً إيجابياً لمستقبل “ابن سلمان”. وقد ضغط “ابن سلمان” و”ابن زايد” لفرض عقوبات أمريكية على إيران. وإذا تحول هذا الموقف إلى حرب واسعة النطاق، فسوف يكون “ابن سلمان” بحاجة للتعامل مع التداعيات في حالة حدوث ضربة عسكرية كبيرة. ومن شأن الإثارة الإعلامية الكبيرة حول الاكتتاب العام أن تزيل التهديد المستمر الناجم عن مطالبة أطراف عدة بمساءلة ولي العهد السعودي عن دوره المحتمل في مقتل الكاتب الصحفي “جمال خاشقجي”.
وهكذا فإن “ابن سلمان” يحتاج إلى حلم الاكتتاب العام لجلب الاستقرار إلى سلطته وتهدئة المعارضة. وقد لا تعد الأموال المقرر جمعها من الاكتتاب ضرورية، لكن “ابن سلمان” بحاجة إلى حلم الاكتتاب لتدعيم موقعه داخل السلطة. أما إذا توقف العالم عن شراء هذا الحلم، فسوف يصبح مستقبل “ابن سلمان” قاتماً.
ارسال التعليق