"الإصلاح اليمني" وآل سعود.. هل انتهى شهر العسل بينهما؟
التغيير
فيما يواصل تحالف دعم العدوان حربه باليمن، للعام السادس على التوالي، دون تحقيق هدفه بهزيمة أنصارا الله، يبدو أن صراعاً جديداً يلوح بالأفق، بين أكبر الأحزاب اليمنية الموالية لحكومة هادي والتحالف.
وبينما ترفض الإمارات منذ سنوات، الاعتراف بالجيش الوطني التابع للحكومة، مدعيةً أن عدداً كبيراً من قادته موالين لحزب الإصلاح، تساور السعوديين مخاوف مماثلة، وهو ما يبرز من خلال هجوم وسائل الإعلام بمملكة آل سعود على الحزب، بين الحين والآخر.
وعلى الرغم من أن السعوديين يواصلون دعمهم لحزب الإصلاح؛ لكونه خياراً وحيداً باعتباره كياناً منظَّماً يناهض أنصار الله على الأرض، فإن ذلك الدعم السعودي مشروط بتولي قوات آل سعود بنفسها الإشراف على جميع العمليات العسكرية.
اتهامات وُصفت بـ"الكاذبة"
في 2 يوليو 2020، نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" خبراً بعنوان "الاستخبارات التركية ترعى وصول عناصر من الإصلاح اليمني إلى ليبيا"، قبل أن تحذفه لاحقاً؛ بعد هجوم يمني كبير عليها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها في ليبيا ومواقع يمنية، أن شخصيات عديدة من حزب الإصلاح اليمني وصلت إلى طرابلس خلال اليومين الماضيين، بهدف توطيد العلاقة مع إخوان ليبيا برعاية الاستخبارات التركية.
وأوردت الصحيفة التابعة لمخابرات آل سعود في نهاية تقريرها، تصريحاً مقتضباً للأمين العام لحزب الإصلاح، عبدالوهاب الأنسي، دون أن تشير إلى منصبه الحزبي، نافياً وجود منسوبين إلى الحزب في ليبيا.
ورغم أن الصحيفة حذفت ذلك الخبر لاحقاً، فإن قناة "العربية" خصصت ضمن تغطيتها، تناول ذلك الخبر مع محللين وسياسيين مختلفين.
وفي منتصف يونيو الماضي، نشرت صحيفة "عكاظ" تقريراً عنونته بـ"جناح قطر في حزب الإصلاح يسعى لتعطيل اتفاق الرياض"، وأوردت اتهامات واسعة للحزب، منها تلقيه أوامر من الدوحة.
ولم يقف الأمر عند ما نشرته الصحف، بل وصل الحال إلى اعتقال شخصيات من الحزب، ففي أواخر يونيو، كشفت منظمة سام للحقوق والحريات -ومقرها جنيف- عن اعتقال سلطات آل سعود 5 يمنيين، بينهم داعية ينتمي إلى حزب الإصلاح يدعى عبد العزيز الزبيري.
تنديد وهجوم
وفي ضوء ما نشرته "الشرق الأوسط"، شن قيادات في حزب الإصلاح وناشطون يمنيون هجوماً على الصحيفة، حيث اتهم نائب رئيس الدائرة الإعلامية لـ"الإصلاح" عدنان العديني، صحيفة "الشرق الأوسط" بـ"عدم احترام المهنة".
وقال العديني في تغريدة نشرها على حسابه بـ"تويتر"، إن الصحيفة "لم تحترم مهنتها.. كما لم تحترم مواقف المملكة التي تتعامل مع (الإصلاح) وتعتبره شريكاً حقيقياً في معركة اليمن".
وأضاف: إن صحيفة الشرق الأوسط "اعتمدت على مصادر كاذبة".
كما اتهم النائب في البرلمان اليمني، شوقي القاضي، صحيفة "الشرق الأوسط" بـ"الافتراء"، ووصفها بـ"الصحيفة الصفراء".
وكتب "القاضي"، وهو عضو بالبرلمان عن حزب الإصلاح، على "تويتر": "أطالب قيادة حزب الإصلاح بتوجيه الدائرة القانونية لرفع دعوى قضائية أمام القضاء البريطاني ضد افتراءات وأكاذيب إدارة الصحيفة الصفراء الشرق الأوسط".
في حين دعا الناشط السياسي اليمني أحمد ماهر، قيادات "الإصلاح" إلى اتخاذ موقف مما يُنشر، "أو إنها تستحق ما يُقال".
"الإصلاح" وآل سعود
ويعد حزب التجمع اليمني للإصلاح أحد أبرز الأحزاب السياسية في اليمن، وثانيها من حيث الانتشار المحلي، وأولها من ناحية البناء التنظيمي والتأثير السياسي، وينتمي إلى التيار السني المعتدل، ولديه رصيد سياسي ووطني بدأ منذ إشهار الحزب في الـ13 من سبتمبر 1990م.
وخلال العقود الثلاثة الماضية، ظلت مواقف الحزب السياسية تدور بالقرب من التوجهات العامة لمملكة آل سعود تجاه اليمن، ولم يسبق أن تبنى الحزب موقفاً يُغضب الجار السعودي، بل حافظ على علاقة متميزة مع قيادات المملكة المتتالية، ولم تتأثر تلك العلاقة برحيل الملوك السعوديين أو صعودهم.
وحين بدأت مملكة آل سعود عدوانها ضد اليمن وأنصار الله في 26 مارس 2015، كان "الإصلاح" أول الأحزاب التي أعلنت تأييدها للعملية العسكرية.
وجمع لقاء في نوفمبر 2017، محمد بن سلمان بقيادات من حزب الإصلاح في الرياض.
وخلال الحرب عادت إلى الواجهة مرة أخرى، حالة التربص والتشكيك والتخوين لحزب الإصلاح، ودوره الميداني، خاصةً من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لديها عداء مفتوح مع الأحزاب المحسوبة على "الإخوان المسلمين"، ولم تستثنِ من ذلك حزب الإصلاح، رغم إعلانه عدم وجود أي علاقة له بجماعة الإخوان المسلمين.
علاقة متأرجحة
ويرى سيف المثنى، الباحث بمركز واشنطن للدراسات اليمنية، أن العلاقة بين آل سعود و"الإصلاح" مرت بـ"منعطفات عديدة، ورغم أنها علاقة وطيدة منذ القدم، فإن ثورات الربيع العربي، ومخرجات الحوار وبعدها عاصفة الحزم، ومن ثم أزمة قطر، جعلت هذه العلاقة تتأرجح، خاصة بعد إعلان الإصلاح عدم ارتباطه بتنظيم الإخوان الدولي".
ويشير "المثنى" إلى أنه برزت خلال الفترة الماضية، صور متناقضة تتعلق بعلاقات "الإصلاح" وآل سعود التي توصف بأنها الشقيقة الكبرى، مضيفاً: "الأطراف المختلفة تنضوي في إطار حكومة هادي، وأحياناً أقلام سعودية تعمل لصالح أجندة تريد ضرب هذه العلاقات لأسباب مختلفة، لكن الطرفين (الإصلاح وآل سعود) لم يتوقفا عن تأكيد عمقها وتطورها إيجابياً".
وأضاف في حديثه لوسائل إعلامية: "العامل المشترك هنا أن كلاً من الإصلاح وآل سعود ينتميان إلى المذهب السُّني، ولذلك سيشكل التحالف بينهما كتلة سُنية صلبة".
ويرى أن الحزب اليمني "قادر على المرونة في التحالفات، وإذا ما أدركنا أن حزب الإصلاح هو الحزب اليمني الوحيد الذي لم يتأثر بالأحداث التي عاشها اليمن طوال السنوات السبع الماضية، فإن هذا التقارب سيبقى مليئاً بالحذر من قِبل الطرفين، فكل منهما يحتاج الآخر في الظرف الراهن".
وعما أوردته الصحيفة يقول "المثنى": "هي أقلام مأجورة من قِبل الإمارات التي لطالما وجهت سهامها نحو الحزب، وسعت لشيطنته، وتسويقه كحزب إرهابي، وأنشأت عديداً من المواقع الإعلامية التي ليس لها من مهمة سوى مهاجمة الحزب، والتشكيك في مواقفه، وتخوينه، وتحميله عبء الملف اليمني، وتأخر الحسم العسكري".
ارسال التعليق