التسامح الديني في السعودية يُحيل قضية نادي الصفا إلى محكمة الإرهاب
لا يبدو أن قضية الأهازيج الدينية التي أطلقت على مدرجات ملعب نادي الصفا شهر فبراير/شباط الماضي ستمرّ مرور الكرام في محاكم آل سعود. لن يكتفي النظام بالتخويف و"البلبلة" المفتعلة وقرارات منع السفر التي صدرت بحق من كان حاضرا ومن لم يكن، ولا حتى اكتفى باستدعاء الحاضرين من جماهير النادي لتوقيع تعهد بعدم تكرار الفعل.
وفي جديد القضية "المهددة للأمن القومي السعودي"، إحالت ما تسمى "النيابة العامة السعودية" المعتقلين في القضية من جماهير نادي الصفا إلى محكمة الإرهاب في الرياض .
وكتب الحقوقي عادل السعيد على حسابه في منصة "إكس" "ستبدأ في 28 مارس محاكمة 11 شخصا من مشجعي نادي الصفا في السعودية، على خلفية ترديد أهازيج وقراءة مولد الإمام علي بين الشوطين، استنادا للمادة 6 من نظام الجرائم المعلوماتية. ويواجه المدعى عليهم اتهاما بالمساس بالنظام العام وإذكاء روح التعصب الطائفي والمساس بصفو الوحدة الوطنية."
يُذكر أن وزارة الرياضة السعودية كانت قد ادعت في بيانها مخالفة رابطة جمهور النادي القطيفي المادة (8/1) من الائحة الأساسية للأندية الرياضية التي نصت على الالتزام بالأنظمة واللوائح المعمول بها في المملكة”. وزعم البيان أنه “وفقا لما ورد في المادة (36/3) من اللائحة الأساسية للأندية الرياضية التي نصت على: (للوزارة أن تحل مجلس الإدارة لأي من الحالات التالية: إذا ارتكب تصرفات، أو ممارسات، أو أعمالاً تتنافى مع النظام العام، أو الآداب العامة، أو الأنظمة المعتبرة)” .
وادعى البيان “عدم التزام نادي الصفا بالمنطقة الشرقية بالأنظمة واللوائح التي تحقق الأهداف السامية للرياضة”، حيث جرى اتخاذ عدد من القرارات: “أولاً، حلّ مجلس إدارة نادي الصفا اعتباراً من تاريخه، وفقا للائحة الأساسيات للأندية الرياضية”. “ثانياً، حرمان المخالفين من الانتساب للنادي أو أي أندية أخرى، وإحالتهم إلى الجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم.”
من جهتها، انكبّت ما تسمى بـ “لجنة الانضباط”، والتي بالمناسبة لم يكن يٌعرف بوجودها إلّا عن طريق الإعلام، إلى اقرار عقوبات طالت جماهير النادي وإدارته بعد ترديد الأول “عبارات وهتافات مخالفة لأحكام لائحة الانضباط والأخلاق”، بحسب وصفها. وفيما جاء في سلّة القرارات المضافة “إلزام نادي الصفا بدفع غرامة مالية قدرها مائتي ألف ريال لحساب الاتحاد السعودي لكرة القدم (ما يقارب 53 ألف دولار). وإلزامه بلعب أول 5 مباريات قادمة على أرضه دون حضور الجمهور ضمن مسابقة دوري يلو للدرجة الأولى، بالإضافة إلى إغلاق كامل الملعب” .
ولم يُكتفى بذلك، بل تم حينها استعداء أكثر من ١٥٠ إلى ٢٠٠ مشجعا حضر المباراة إلى مركز شرطة صفوى للتحقيق معهم ومن ثم التوقيع على تعهد “عدم إعادة هذه الشعارات “الطائفية”!! التي تحضّ على الكراهية في الملاعب.
ولفتت المصادر، أن عددا من الذين جرى استدعاؤهم حاولوا السفر وفقا لجدول مسبق وفوجئوا بمنعهم، الأمر الذي يؤكد أن النظام السعودي اتخذ هذا الاجراء بحق كل من وقع تعهدا لدى مركز الشرطة.
وكان قد جرى اعتقال 10 شبّان من قبل ما يسمى رئاسة أمن الدولة وهم:
١- علي حسين مويس.
٢- حسين علي المرهون.
٣- حيدر الصالح
٤- كامل المسلم
٥- عبد الله مؤيد الشرياوي
٦- قاسم محمود قريش
٧- عطا الله قريش
٨- علي حسن قريش
٩- أحمد بدر المغلق
١٠- أحمد المسري
ببساطة، إن المشهد اليوم في “السعودية” يُبيح كل شيء، وأي شيء ما دام لا يمسّ وليّ الأمر، ولا يُعلي صوت أي فئة دينية أو عقائدية لا تنسجم وتوجهات “السعودية الجديدة”. بلاد الحرمين هذه، التي سمح فيها بافتتاح أول محل لبيع المشروبات الكحولية بزعم تقديم تسهيلات للدبلوماسيين غير المسلمين، وحيث تتوالى الوفود الإسرائيلية رسمية وغير رسمية.
يزعم النظام السعودي في تطبيعه المكشوف مع الصهاينة "تسامحه الديني"، ويستقبل الوفود الهندوسية ويراعي آثار اليهود، لكنه يقف عند الأهازيج الدينية فيُحيلها قضية تستحق وسم الإرهاب وما تعنيه هذه المحكمة في المخزون الفكري ووعي أبناء القطيف.
تأتي خطوات السعودية في “الانفتاح على الأديان” في ظل تصاعد حالة قمعها لأبناء الجزيرة العربية من الطائفة الشيعية، حيث يُمنعون من ممارسة شعائرهم الدينية في أرضهم، بينما يُؤتى بأصحاب القلنسوة من بُعد بحار عن البلاد ليُرحّب بهم، فيكونوا أدوات تجديد بيعة آل سعود لربيبتهم. الانبطاح “السعودي” الأخير تمثّل برسالة اعتذار من السفارة السعودية في واشنطن إلى الحاخام اليهودي ابراهام كوبر والذي تم منعه من الدخول إلى بوابة الدرعية بعد رفضه إزالة قبعة الكيباه، خلال زيارة وفد أمريكي مؤخراً، وأشارت إلى أن هذا الحادث كان نتيجة سوء فهم للبروتوكولات الداخلية، وأن “الحكومة” تتطلع إلى الترحيب به مرة أخرى في البلاد. أتى ذلك ردا على إعلان اللجنة الأمريكية للحرية الدينية قطع وفدها زيارته للسعودية. وهو البيان الذي احتفت به وسائل إعلام صهيونية، بمعزل عن أصل الحادثة وحرية الحاخام بالتنقّل في أرجاء البلاد. من جانبه قال كبور- الذي ألغى واللجنة التي كانت ترافقه رحلتهم الى الدرعية- في بيان استنكاري أنه “في وقت تتفشى معاداة السامية، فإن الطلب إلي بأن أزيل قلنسوتي، هو أمر قد منعنا، نحن أعضاء اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، من مواصلة زيارتنا” لموقع الدرعية.
ارسال التعليق