الحزام الأمني ينقلب على وساطة السعودية ويحتل أبين
تلقّت حكومة عبدربه منصور هادي المعترف بها سعوديا ضربة جديدة أمس مع خسارة قواتها معسكرين لصالح القوات الموالية للانفصاليين الجنوبيين في محافظة أبين إثر اشتباكات قتل وأصيب فيها 27 شخصاً.
وجاءت هذه التطوّرات بعدما سيطر المقاتلون الانفصاليون الموالون ل”المجلس الانتقالي الجنوبي” قبل نحو 10 أيام على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، في تمدّد عسكري جديد في الجنوب على حساب قوات الحكومة وسلطتها.
من جانبها دعت حكومة عبدربه إلى مواجهة التمرّد المسلح عليها بكل الوسائل في مدينة عدن جنوب البلاد. جاء ذلك في بيان صادر عن اجتماع استثنائي للحكومة في مقر السفارة اليمنية في الرياض. وقالت الحكومة: إنه “في إطار مسؤولياتها الدستورية والوطنية وجهودها المستمرة في مواجهة التمرّد المسلح الذي قامت به ميليشيات ما يسمى بالمجلس الانتقالي بتمويل ودعم من دولة الإمارات في العاصمة المؤقتة عدن، فإنها تدعو لمواجهته بكل الوسائل وبما يحقق إنهاء التمرّد وتطبيع الأوضاع في عدن”.
وحمّلت حكومة عبدربه أبو ظبي المسؤولية الكاملة عن التمرد المسلح لميليشيا ما يسمى بالمجلس الانتقالي وما ترتب عليه، مُطالبة إياها “إيقاف كافة أشكال الدعم والتمويل لهذه الميليشيات”.
وثمّن البيان جهود السعودية، ودعا إلى مواصلة جهودها ودعم خطط الحكومة لإنهاء “التمرّد”.
كما حثت الحكومة كل القوى السياسية والاجتماعية للالتفاف “حول الشرعية بقيادة عبدربه منصور هادي في مواجهة التمرّد المسلح بالعاصمة المؤقتة عدن، والقضاء على انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في صنعاء”. وطالبت الحكومة في بيانها المجتمع الدولي ومؤسساته للقيام بمسؤولياتهم في دعم الحكومة اليمنية واستقرار وسيادة ووحدة أراضيها.
ويأتي البيان بعد ساعات من سيطرة قوات “الحزام الأمني” المدعومة إماراتياً على مقار أمنية في محافظة أبين، مسقط رأس عبدربه هادي، بعد مواجهات دامية لساعات مع قوات حكومة هادي. وقال محافظ أبين أبو بكر حسين: إنّ قوات ما يُعرف ب”الحزام الأمني” الموالية للمجلس الانتقالي الداعي لانفصال الجنوب، تحرّكت من عدن نحو مدينتي زنجبار على بعد نحو 60 كلم وكود على بعد حوالي 50 كلم في محافظة أبين الساحلية القريبة، وقامت بمُحاصرة معسكرين فيهما.
وتابع أن اشتباكات اندلعت بين الطرفين نتج عنها سيطرة قوات “الحزام الأمني” على معسكر تابع للشرطة العسكرية كان يتواجد فيه 350 جندياً حكومياً في كود، بينما توصّل الطرفان إلى اتفاق بعد وساطة محلية نص على خروج القوات الحكومية من معسكر للقوات الخاصة في زنجبار حيث كان يتواجد 1100 جندي، وانتشار القوات الانفصالية في محيطه. لكن محمد المرخي، وهو قيادي في قوات “الحزام الأمني” في أبين، أكّد أن “الوضع تحت السيطرة تماماً. ونحن نسيطر على المعسكرين”. وحذّرت وزارة خارجية حكومة عبدربه، أمس، من أن تصعيد قوات “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات في محافظة أبين، جنوبي البلاد، يقوّض جهود الوساطة السعودية، وذلك بعد محاصرتها مقار أمنية. جاء ذلك في تصريح مقتضب لنائب وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، نشرته الوزارة عبر حسابها الرسمي على “تويتر”.
وقال الحضرمي: إن “ما تشهده محافظة أبين من تصعيد غير مُبرّر من قبل قوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الإمارات أمر مرفوض وغير مقبول”. وأضاف أن هذا التصعيد “سيعمل على تقويض وإفشال جهود الوساطة التي نقدّرها كثيراً من قبل الأشقاء في السعودية”. وسيطرت قوات “الجنوبي” على مقر الشرطة العسكرية التابعة للحكومة اليمنية، في مدينة الكود القريبة من مدينة زنجبار مركز محافظة أبين. وقال مصدر محلي يمني: إن قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي تحاصر مقر شرطة محافظة “أبين” ومقر قوات الأمن الخاصة، في مدينة زنجبار مركز المحافظة الواقعة جنوبي البلاد.
وذكر المصدر أن “قوات الحزام تطالب قوات الشرطة والأمن الخاصة بالانسحاب وتسليم المقرات الأمنية”. وبيّن في ذات السياق أن “عربات مدرعة وآليات عسكرية تحاصر المقرّين الأمنيين، بينما تسعى وساطة محلية لتهدئة الموقف”. يأتي ذلك على خلفية تأييد شرطة المحافظة وقوات الأمن الخاصة الحكومة الشرعية، ورفضها لانقلاب قوات الانتقالي الجنوبي في عدن وسيطرة قواته على مؤسسات الدولة، في العاشر من أغسطس الجاري. في المقابل، قال المتحدث باسم المجلس الانتقالي نزار هيثم: “تمّت مُحاصرة موقعين عسكريين في تحرك أمني في إطار قوات الحزام الأمني”، مضيفاً في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أنه يجري “ملاحقة عناصر تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار اختبأت في معسكرات تابعة للحكومة الشرعية”.
في السياق نفسه، قال المندوب اليمني في الأمم المتحدة عبد الله السعدي إن حكومة بلاده تحمل المجلس الانتقالي الجنوبي ومن يدعمه ويسانده المسؤولية عما وصفه بالتمرد المسلح في عدن.وطالب السعدي الإمارات بإيقاف دعم وتسليح ما وصفها بالمليشيات المتمردة، والالتزام بأهداف التحالف في اليمن، على حد تعبيره. والاثنين، كشف المتحدث باسم التحالف العربي باليمن، تركي المالكي، عن “انسحاب فعلي” لقوات المجلس الانتقالي من مقار حكومية بعدن. حديث المالكي جاء بعد نشر وسائل إعلامية تأكيدات لتسليم عدن بخضوع سعودي “يصل إلى حد التواطؤ”، رغم وجود خلافات بين الرياض وأبوظبي. وقال المالكي، خلال مؤتمر صحفي: إن “ما حدث من تصعيد في العاصمة المؤقتة عدن من قبل المجلس الانتقالي كان مؤسفاً؛ كون الأحداث انتقلت إلى مستوى خطير”، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وأوضح أن “قيادة القوات المشتركة للتحالف عملت مع المكونات السياسية والاجتماعية كافة، والحكومة اليمنية الشرعية، للتهدئة والانخراط في الحوار وتحكيم العقل والمنطق”. والأسبوع الماضي، سيطرت قوات “الحزام الأمني” على معظم مفاصل الدولة في عدن، بعد معارك ضارية دامت 4 أيام ضد القوات الحكومية، سقط فيها أكثر من 40 قتيلاً، بينهم مدنيون، و260 جريحاً، حسب منظمات حقوقية محلية ودولية، وسيطرت التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي قبل أيام على مؤسسات الدولة ومعسكراتها ومقراتها الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن. ونقلت رويترز عن ثلاثة مصادر يمنية أن رفض المجلس الانتقالي في جنوب اليمن التخلي عن السيطرة على ميناء عدن، أدى إلى إرجاء قمة سبق أن دعت إليها الرياض، لبحث إعادة تشكيل الحكومة اليمنية التي أطاح بها الحوثيون. وقالت المصادر إن ضم المجلس الانتقالي الجنوبي للحكومة مُرتبط بانسحابه الكامل أولاً وإنهاء “الانقلاب”، في حين ترفض قوات المجلس الانسحاب. ومنذ 26 مارس 2015، ينفذ التحالف العربي عمليات عسكرية في اليمن دعماً للقوات الموالية للحكومة في مواجهة الحوثيين. وخلَّفت الحرب التي يشهدها اليمن آلاف الضحايا من المدنيين، وأدت إلى نزوح الملايين وتفشِّي الأمراض والمجاعة، وسط انتقادات ومطالبات دولية بوقف الحرب، واتهامات للسعودية والإمارات بتنفيذ انتهاكات بحق مدنيين.
ارسال التعليق