السعودية خوفا من بطش "بايدن" تخفض أسعار النفط
سلط مدير "برنامج برنشتاين" حول الخليج وسياسة الطاقة بـ"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، "سايمون هندرسون"، الضوء على خلفيات وتداعيات قرار السعودية وحلفاءها في تكتل "أوبك+" رفع إنتاجهم من النفط في ظل الضغوط الكبيرة في هذا الصدد على شعبية الرئيس "جو بايدن" بالداخل الأمريكي.
وقال "هندرسون"، في مقال نشره بموقع "ذا هيل" الأمريكي، إن اجتماع ممثلي "أوبك+"، بقيادة السعودية وحلفائها من مصدري النفط الرئيسيين الآخرين بقيادة روسيا؛ بحث تأثير حالة عدم اليقين الناتجة عن انتشار المتحور الجديد لفيروس "كورونا" (أوميكرون)، جنبا إلى جنب مع ضغوط إدارة "بايدن" لخفض سعر الخام، الذي تراه دول التكتل ضعيفا رغم ارتفاعه إلى مستوى 70 دولارا للبرميل.
ولفت المحلل الأمريكي إلى أن المراقبين، خاصة الأمريكيين منهم، نظروا إلى قرار "أوبك+" باعتماد زيادة الإنتاج التي تم الاتفاق عليها سابقا، بواقع 400 ألف برميل يوميا، ابتداء من يناير/كانون الثاني المقبل، على أنه إجراء حكيم، باعتباره يصب في صالح خفض الأسعار، ومؤشرا على خبرة وزراء النفط وقدرتهم على فهم ما يمكن أن يتحمله السوق حقا.
فإدارة "بايدن" ناشدت السعوديين فعليا من أجل خفض الأسعار؛ إذ يمثل ارتفاع أسعار الخام إحراجا محليا للرئيس الأمريكي، الذي تدنت شعبيته بشكل كبير، بحسب استطلاعات الرأي.
وحصل الأمريكان على ما يريدون بشكل مرحلي، وهو ما وصفته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية بأنه "هجوم ساحر من قبل مسؤولي إدارة بايدن"، في إشارة إلى نتائج زيارة وفد من الإدارة إلى السعودية، يتألف من نائب مستشار الأمن القومي للاقتصاد الدولي "داليب سينج"، ونائب وزير التجارة "دون جريفز"، وكبير مستشاري أمن الطاقة العالمي في وزارة الخارجية "عاموس هوشستين".
وسار الاجتماع "بشكل جيد للغاية"، وفقا لما أوردته الصحيفة البريطانية، نقلا عن مسؤولين (لم تسمهم)، أصروا على عدم وجود مقايضة بين قراري الولايات المتحدة والسعودية في مجال الطاقة على خلفية الجهود المبذولة لتوطيد العلاقات وإعادة تأطير العلاقات الأمريكية السعودية، وفي ظل إصرار واشنطن على عدم التعاطي المباشر مع ولي عهد المملكة "محمد بن سلمان"، باعتباره مسؤولا عن جريمة اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" في 2 أكتوبر/تشرين الأول داخل قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية.
اجتماع الرياض شهد لقاءا مطولا بين "هوشستين" ووزير النفط السعودي الأمير "عبدالعزيز بن سلمان"، الأخ غير الشقيق الأكبر لولي العهد؛ ما قدم مؤشرا إلى أن الأخير يعترف بخبرة أخيه وفهمه، رغم كونه صاحب السلطة في جميع القرارات، بما فيها تلك المتعلقة بالطاقة.
وهنا يرى "هندرسون" أن عملية صنع القرار تشير إلى كيفية حل الخلافات السعودية الأمريكية؛ إذ يواجه الجانبان كل منهما بأوراق ضغط.
فقبل أسبوع، كان من المقرر أن تعلن الإمارات وإسرائيل والأردن عن اتفاقية كبيرة لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بالأردن، على أن تُستخدم الكهرباء المتولدة منها لتحلية المياه من ساحل البحر المتوسط الإسرائيلي، وتزويد المدن الأردنية بحاجاتها، بما في ذلك العاصمة عمان، لكن الاتفاق تحول إلى مجرد "خطاب نوايا" ودراسة جدوى تُجرى في عام 2022؛ نتيجة ضغط سعودي، بحسب مصادر مطلعة.
فالسعوديون، الغاضبون من تهميشهم لصالح الإمارات بعد تحقيقها مكانة دولية عبر اتفاقها المنفرد على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، طالبوا بتخفيف صيغة الاتفاق، وفق المصادر.
وتساءل "هندرسون" عن ما إذا كان السعوديون يعتقدون أنهم يقايضون قرارهم بشأن النفط حتى لو كان الأمريكيون لا يعتقدون ذلك، مشيرا إلى أن "بن سلمان" لا يحب أن يتجاهله "بايدن"، الذي يُعتقد أنه يحتقر ولي العهد السعودي لمسؤوليته عن قتل "خاشقجي".
ورحبت واشنطن، الخميس، بقرار تحالف "أوبك+" باستمرار نسق زيادة الإنتاج المقرر، بداية الشهر المقبل، وأكدت في الوقت ذاته استمرارها في تنفيذ قرارها بالسحب من الاحتياطيات.
وذكر البيت الأبيض، في بيان، أنه يرحب بقرار "أوبك+" بزيادة إنتاج النفط، خلال الشهر المقبل، مؤكدا أن الولايات المتحدة ليس لديها خطط لإعادة النظر في قرارها بالسحب من احتياطيات الخام.
جاء ذلك بعدما أبقى "أوبك+" على اتفاق قائم لزيادة الإنتاج في يناير/كانون الثاني المقبل بواقع 400 ألف برميل يوميا، بعدما بحثت إلغاء تلك الخطط، وفقا لما أوردته "رويترز".
واتخذ تكتل "أوبك+" قراره، بالرغم من المخاوف من أن يؤدي سحب الولايات المتحدة من احتياطياتها من الخام، والسلالة الجديدة من فيروس "كورونا" (أوميكرون) إلى انهيار جديد في أسعار الخام.
ارسال التعليق