الصناعات العسكرية السعودية.. مصانع عسكرية أم شركات استيراد؟
مرّت سنة على إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية، التي كان يهدف من خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نقل السعودية من مستورد للصناعات العسكرية إلى منتج لها، هيئة أريد لها أن تبلور الرغبة القائمة في بدء مرحلة جديدة لهذه الصناعة الاستراتيجية، بعد أن تهيّأت للدخول في ساحات أكثر تطوراً، لتتماشى مع رؤية الأمير الشاب 2030، الهادفة إلى توطين الصناعات العسكرية، إلا أن الأخبار الآتية منها لا تبشر بالخير، حيث خرج موقع الاستخبارات الفرنسي "إنتلجنس أونلاين" يوم الأربعاء الماضي ليبرز الفشل الذي لحق بهذه المؤسسة خلال عامها الأول، متوقعاً مواجهتها لأوقات عصيبة في المستقبل، كما رأى أنها أبعد ما تكون عن تحقيق أهداف خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المسماة "رؤية 2030".
أهداف ومهام الهيئة
الهيئة الحكومية للصناعة العسكرية هي خطوة مهمة لتعزيز القدرات العسكرية لأي دولة تسعى إلى التقدم والتطور، وبالرغم من أنها أول هيئة عامة للصناعات العسكرية في السعودية، إلا أنها أتت متأخرة أكثر من٣٠ عاماً على الهيئات المشابهة في كل من مصر وإيران وتركيا، ومن الأهداف التي كان ابن سلمان يأمل في تحقيقها عبر هذه الهيئة:
1-وضع استراتيجيات وأنظمة ذات الصلة بقطاع الصناعات العسكرية.
2-إدارة عمليات المشتريات العسكرية من الأسلحة والذخيرة والمعدات والتجهيزات وغيرها للجهات الأمنية والعسكرية السعودية، ومراقبة كيفية المنتجات والخدمات لضمان مطابقتها للمواصفات المطلوبة.
3-إصدار تراخيص التصنيع للقطاعين العام والخاص المحلي والخارجي لإنشاء الصناعات العسكرية
4-وضع المواصفات القياسية الخاصة بالصناعات العسكرية والصناعات المكملة لها.
5-وضع آليات مراقبة قطاع الصناعات العسكرية والصناعات المكملة لها ومتابعة تطبيقها.
6-إدارة وتطوير برنامج التوازن الاقتصادي فيما يخص قطاع الصناعات العسكرية والصناعات المكملة لها، والتفاوض مع الشركات الأجنبية لنقل التقنية وزيادة المحتوى المحلي.
7-إدارة جميع عمليات البحث والتطوير في قطاع الصناعات العسكرية والصناعات المكملة لها، بما في ذلك تخصيص ميزانيات البحث والتطوير ونقل التقنية وإدارة مشاريع البحث والتطوير، وذلك بالاستفادة من المراكز البحثية والجامعات، وإنشاء مراكز بحثية حسب الحاجة.
مساعي ابن سلمان لإنجاح الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية
وفي سبيل إنجاح هذه الأهداف يقول محللون اقتصاديون في هذا الشأن إن محمد بن سلمان وضع كل ثقله في الموضوع لأنه يعلم جيداً أنها تشكّل عصب رؤيته، وفي حال فشله في إنجاحها تكون كل مساعيه في توطين 50% من الإنفاق العسكري ذهبت سداً، ومنعاً لحدوث ذلك قام بمنحها تمويلاً اقتصادياً كبيراً ودعماً سياسياً هو الأوسع، مما ميّزها عن غيرها من مختلف الهيئات والقطاعات الاقتصادية السعودية.، ويرى مختصون في الشأن العسكري أن نجاح هكذا منظومة يتطلب وجود كادر بشري يسهم في المستقبل إلى تحمل مسؤولية تصنيع المعدات العسكرية دون الاعتماد على الصناعات الغربية، وهذا ما فشلت فيه حتى الساعة، ولعل التجربة اليمنية خير دليل على أهمية العامل البشري والخبرات في الشق العسكري حيث فشلت أحدث أنواع التكنولوجيا التي كلّفت مئات المليارات من الدولارات أمام المقاتل اليمني ذي السلاح الفردي الخفيف.
ويقول محللون سعوديون أنه بالرغم من تهافت الشركات العسكرية الأجنبية على التعاون مع الهيئة السعودية، إلا أن أعينها لا تزال على أموال هذه الهيئة مقابل بيع السلاح لا نقل التكنولوجيا التي تعد أسراراً لا يمكن الإفصاح عنها كونها تشكل رأسمال هذه الشركات العسكرية، ويرى السعوديون أن هذا السبب يبقى كافياً لعدم نجاح هذه الهيئة، ما يعني فشل رؤية ابن سلمان 2030.
الصعوبات التي تواجهها الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية
ومن الأسباب الرئيسية التي ساهمت في عدم نجاح الهيئة السعودية العامة للصناعات العسكرية حتى الآن في تحقيق أي انجاز يذكر على الصعيد العسكري:
1- إن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الهيئة هي غياب الخبرة الوطنية المؤهلة لإدارتها، ما يعقد عملية التواصل بين الشركات الغربية معها.
2- عدم اقتناع الشركات الغربية وخاصة الأمريكية والأوروبية التي كانت تبيع السلاح للسعودية بهذه الهيئة حيث أعلنت هذه الشركات مؤخراً عن تراجع طموحاتها في التعامل مع السعودية.
3-عدم كفاءة الألماني مارتن شوير، المدير التنفيذي للهيئة السعودية، فهو معروف بفساده الإداري كما أشارت التقارير الاستخباراتية عن خوضه حرباً سرية مع مجموعة شركات أمريكية تتزعمها "لوكهيد مارتن".
4-هذه الهيئة تحوّلت من هيئة إنتاجية إلى هيئة استيراد، فالشركات الغربية ترفض بيعها التكنولوجيا، وعوضاً عن إيجاد حل جذري والاعتماد على الكادر المحلي، قامت هذه الهيئة بشراء شركة التصنيع العسكري في جنوب إفريقيا "دينيل" عن طريق صندوق الاستثمار السعودي.
ختاماً.. وبالنظر إلى غياب الخبرات السعودية على ما يبدو أن خطط الأمير الشاب المستنسخة عن خطط معلمه ولي عهد الإمارات محمد بن زايد سيكون مصيرها الفشل الحتمي، فشل ذاق طعمه الطرفان في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وحتى أمام دولة صغيرة اسمها قطر، والحري بهما أن يعيدا حساباتهما في جميع الاستراتيجيات التي وضعاها مع دول الجوار وخاصة أن المستقبل لا يبشر بالخير لسياستهما.
ارسال التعليق